تتحدث دوائر مصرية مسؤولة عن تنامي اتجاه الى إحداث مجموعة من التغييرات، خلال المرحلة المقبلة، تتعلق بتعديلات دستورية، ربما تمتد الى الهيكل الحكومي للدولة، بما يؤكد التعاطي الايجابي مع الملف القبطي في البلاد. ويدور الجدل حالياً في شأن تعديل الدستور، خصوصاً بعد التحولات الاقتصادية التي شهدتها البلاد اخيراً، واعتماد سياسات الاقتصاد الحر مما ينسف اساس المفاهيم الاشتراكية التي ينص عليها الدستور. وهذا يستدعي اصدار تشريعات على اساس دستوري يعبّر عن آليات السوق بدل الاقتصار على ما يصدره البرلمان من قوانين. واكدت الدولة المصرية خلال السنوات الماضية رفضها تعديل الدستور، واعتبرت ذلك غير ممكن في هذه المرحلة، فيما تواجه الالحاح المتواصل من المعارضة، على ضرورة احداث تغييرات سياسية دستورية تتيح إزالة القيود التي تمنع تطبيق مبدأ تداول السلطة. واخيراً لمح مسؤول مصري كبير، الى اقتراب موعد تعديل بعض مواد الدستور، لتحقيق التوافق مع السياسات الاقتصادية الجديدة، لكنه توقع حدوث ذلك، بعد الانتخابات الاشتراعية المقررة في تشرين الثاني نوفمبر المقبل. وكان وزير شؤون البرلمان السيد كمال الشاذلي وهو الأمين العام المساعد للحزب الوطني الحاكم اكد خلال لقاء عقد في باريس مع افراد الجالية المصرية، ان تعديل الدستور حالياً غير ممكن، لأن البلاد تستعد للانتخابات الاشتراعية، لكنه اعرب عن اعتقاده بأن "موعد التغيير قريب، وعلينا الانتظار وعدم التعجل". الجدل الدائر يشير الى ان اي تغيير محتمل للدستور لن يستجيب مطالب المعارضة في شأن "الاصلاح السياسي" وانه سيقتصر على تعديل المواد التي تنص على الاشتراكية الديموقراطية نظاماً للدولة، و"القطاع العام يقود عملية التنمية"، واضافة نصوص جديدة تؤكد التزام الدولة نظام الاقتصاد الحر. واكدت مصادر مطلعة ل"الحياة" ان التعديلات المنتظرة لن تمس ما يتمتع به العمال والفلاحون من حقوق دستورية، وفي مقدمها تخصيص نسبة 50 في المئة من المقاعد النيابية لهم، وعزت ذلك الى الدور المهم الذي تلعبه هذه القوى الاجتماعية، في معادلات التوازن السياسي في البلاد. ويرتبط توقيت التعديل الدستوري المنتظر، بمتغيرات مهمة متوقعة خلال الانتخابات الاشتراعية المقبلة، إذ بات الجدل ملحاً داخل الحزب الوطني الحاكم على ادخال تبديلات واسعة في صفوف نوابه، ربما تؤدي الى استبعاد نصف النواب الحاليين، وترشيح بدائل منهم، قادرين على التعاطي مع متطلبات المرحلة المقبلة. وفي هذا السياق تلوح بوادر على تنامي الدور التشريعي والسياسي لرجال الاعمال في البرلمان المقبل. والمعروف ان مجلس الشعب الحالي يضم بين صفوفه نحو 34 من رجال الاعمال، ينتظر زيادة عددهم في الانتخابات المقبلة الى نحو 90 نائباً، وهو ما ظهرت ملامحه في دعايات ونشاطات محلية مبكرة دشنها هؤلاء في دوائر داخل القاهرة، وبعض المحافظات الاخرى. كما تتعلق تلك المتغيرات، بدور اوسع لاحزاب المعارضة يستهدف تفعيل نفوذها في دوائر القرار، عبر مضاعفة تمثيلها البرلماني 13 نائباً حالياً يمثلون 5 احزاب وذلك من خلال وسائل تتيح لها منافسة حقيقية وعادلة امام الناخبين، مع مرشحي الحزب الحاكم، وتسمح لها بفرص لزيادة عدد نوابها. وتشير الشواهد الى منافسة حزبية بين جميع الاطراف، لتقديم مرشحين اقباط على قوائمها في الانتخابات المقبلة، وفي المقدمة الحزب الحاكم الذي يدرس حالياً ترشيح نحو عشر شخصيات قبطية داخل العاصمة وخارجها. وقالت مصادر المعارضة انها عازمة على السير في الاتجاه ذاته، مما يعني الاتجاه الى التقليل من اسلوب تعيين الاقباط في البرلمان عبر قرارات جمهورية، وهي الصلاحية التي يمنحها الدستور للرئيس. وفي إطار الملف القبطي، تشير الشواهد إلى اتجاه زيادة عددهم في الهيكل التنفيذي وامكان اختيار بعضهم لتولي منصب المحافظ، في محافظة أو اثنتين، مما يعني تأكيد مبدأ المشاركة من دون تمييز وفقاً لنصوص الدستور.