قالت مصادر مصرية ان "لجنة حوار إسلامي - مسيحي" تشكلت قبل أيام على خلفية قانون مناهضة "الاضطهاد الديني" الذي صادق عليه الرئيس الاميركي بيل كلينتون قبل أيام، والحملة المثارة على أوضاع المسيحيين في مصر. وعلمت "الحياة" أن اللجنة التي اجتمعت منتصف الاسبوع الماضي، تضم رموزاً قبطية وإسلامية ينتمي بعضها الى اتجاهات "متشددة" في الطرفين. وقال احد الذين شاركوا في الاجتماع ان اللجنة تسعى الى استعراض "قائمة بمشكلات جادة ومؤثرة". وشدد على أن "اللجنة شعبية ولا تضم رموزاً رسمية من الطرفين". وأوضح المصدر، وهو قبطي، ان المشاركين في اللجنة انفقوا على عدم إعلان اسمائهم حتى انتهاء عملهم. وقال ان "اتفاقاً مبدئياً تم بينهم على التحاور على خلفية هموم الأمة وفي إطار بحث مشاكل قومية تتعلق بالأقباط والمسلمين معاً، لكنها تظهر مع المسيحيين بصورة أوضح لقلة عددهم مقارنة مع المسلمين". وشدد على "اننا لا نتحدث عن أقلية دينية ولكن عن عدد أقل بين أبناء الشعب الواحد يعاني من المشاكل ذاتها". ويمثل تأسيس اللجنة أول تفاعل عملي على المستوى الشعبي لجهة "الملف الساخن" الذي يخشى المصريون استخدامه كمبرر لتطبيق عقوبات في شأن ما يسمى "اضطهاد الاقباط" على رغم تأكيد معظم رموز المسيحيين في مصر ان هناك "مبالغة وتضخيماً غير مبرر في شأن ما يثار من موضوعات". وقال المصدر - الذي شارك في تأسيس لجنة الحوار لپ"الحياة" - إن "حوارات جادة بدأت في شأن اشاعات تتردد عن تخزين اسلحة في أديرة، وعن تعصب قيادات مسلمة". ويتعامل الرأي العام المصري مع "ملف الأقباط" من زاوية ان المشكلة تثار خارجياً في أوقات اشتداد الأزمة مع إسرائيل أو فتور العلاقات السياسية مع اميركا. وفي هذا الاطار، يقول القيادي القبطي البارز السيد جورج إسحاق إن "سخونة الموضوع أو برودته ترتبط دائماً بأغراض سياسية ذات علاقة باستهدافات أو متغيرات تلحق بالمنطقة وبالموقف الرسمي المصري في التعاطي معها". وأثار القانون الاميركي في شأن الاضطهاد الديني ردود فعل شعبية مصرية غاضبة إبان التداول في شأنه. وهاجمه نواب أقباط في مجلسي الشعب البرلمان والشورى، واعتبروا أن الحديث عن اضطهاد الاقباط في مصر "مزاعم واهية تستهدف أغراضاً سياسية تتصل بملف السلام وموقف القاهرة من التعنت الإسرائيلي". وحذرت "المنظمة المصرية لحقوق الانسان" من أن القانون الاميركي سيؤدي الى "تفاقم قضايا أخطر". وأشارت في بيان أصدرته الى أن "مصر لا تعرف سياسة اضطهاد ديني وما يحدث عبارة عن عمليات إرهابية يقوم بها منتمون الى جماعات عنف أو تجاوزات شخصية لا ترقى الى مستوى السياسات العامة". ولعل ما أثير أخيراً من مزاعم رددتها صحيفة "صنداي تليغراف" البريطانية حول ملاحقة الأقباط في قرية "الكشح" في سوهاججنوب مصر وتعذيبهم واغتصاب الفتيات على أيدي الشرطة لعب دوراً مهماً في تحريك "الملف" الذي هدأ الحديث عنه اخيراً. وتصدى بعض الرموز القبطية ومنهم عضو البرلمان السابق جمال أسعد عبدالملاك عضو الهيئة العليا في حزب العمل ذي التوجه الإسلامي، لنشر تقرير في صحيفة الحزب عن حقيقة ما حدث في قرية "الكشح" نافياً ما رددته الصحيفة البريطانية من وقائع. والمعروف أن عبد الملاك تم انتخابه لعضوية البرلمان عن دائرة في اسيوطجنوب مصر العام 1987 على قائمة "التحالف الإسلامي" الذي ضم جماعة "الإخوان المسلمين". على صعيد آخر، حددت محكمة عابدين دائرة التعويضات في القاهرة تاريخ 13 كانون الأول ديسمبر المقبل، موعداً للنظر في دعوى قضائية رفعها أحد المحامين ضد صحيفة "صنداي تليغراف" وهيئة الإذاعة البريطانية بسبب ما أوردناه من "مزاعم عن تعرض الأقباط المصريين للتعذيب" في إحدى قرى الصعيد. وقال المحامي مصطفى رسلان لپ"الحياة" إن ما جاء في الصحيفة والاذاعة "أصاب مشاعره كمواطن مصري بالإحباط". وقال أن ما ذكر "لا أساس له من الصحة والمقصود منه ضرب الاستقرار في مصر"، مشيراً إلى أنه طالب بتعويض قدره 100 مليون جنيه من الصحيفة والاذاعة. وذكر رسلان ان وسائل الإعلام الغربية "لا بد أن تتحرى الدقة في ما تنشره عن مصر خصوصاً في مثل هذه القضايا الوطنية الحساسة التي من الممكن أن تؤدي إلى أحداث فتنة طائفية بين المسلمين والأقباط من دون قصد".