أثارت ضربات صواريخ الكاتيوشا الثانية التي اطلقها "حزب الله" على مستوطنة كريات شمونة على الحدود الشمالية للدولة العبرية ارتباكاً على المستويين العسكري والسياسي في إسرائيل، لأنهما لم يتوقعا ان يرد الحزب بهذه السرعة على قصف جوي اسرائيلي استهدف منشآت البنية التحتية اللبنانية، الامر الذي حدا برئيس الحكومة الاسرائيلية إيهود باراك الى ترؤس اجتماع، هو الثاني من نوعه في اقل من اربع وعشرين ساعة، لمناقشة "الحلول المناسبة" للرد على هذا الهجوم. واعلن الجيش الاسرائيلي استمرار "حال الطورائ" على امتداد الحدود الشمالية وامر السكان بملازمة الملاجئ حتى اشعار آخر. وما ان انتهى الاسرائيليون بدءاً من باراك نزولا الى رئيس حزب ليكود اليميني ارييل شارون من التبجح ب"دقة" الضربات، والتهديد بهجمات اكثر شراسة وأشد إيلاماً ضد اللبنانيين، حتى سقطت صواريخ الكاتيوشا مجدداً على التجمعات السكانية الاسرائيلية في الشمال الأمر الذي حمل الرئيس الاسرائيلي عيزرا وايزمن الى التهديد ب"بجعل عالم حزب الله مظلماً" اذا ما واصل هجماته ضد اسرائيل. ورأت محافل سياسية اسرائيلية ان الرد الاسرائيلي على القصف بالكاتيوشا "سيكون اكثر شدة"، معتبرة "ان "حزب الله" لم يستوعب الرسالة بعد". وكان وايزمن الذي قام بجولة على الملاجئ الاسرائيلية في مستوطنة كريات شمونة، برفقة رئيس اركان الجيش الاسرائيلي شاوول موفاز، أشاد "بالرد السريع والدقيق لسلاح الجو". وباستثناء وزير واحد في الحكومة الاسرائيلية، هو وزير الامن الداخلي شلومو بن عامي، حظي قرار باراك الذي يتولى منصب وزير الدفاع ايضاً ضرب البنية التحتية اللبنانية، بدعم جميع الوزراء بمن فيهم رئيس حزب ميريتس يوسي سريد. وجاء قرار الهجوم في ساعة متقدمة مساء أول من امس، خلال اجتماع طارئ للمجلس الوزاري الاسرائيلي المصغر للشؤون الامنية والسياسية، اثر سقوط كاتيوشا "حزب الله"، وقد حددت خلاله اهداف القصف. وحذر باراك نفسه من أن اسرائيل "ستواصل الرد" على ما سماه اعتداءات "حزب الله" بعد انسحاب الجيش الاسرائيلي من الاراضي اللبنانيةالمحتلة، مضيفاً ان حكومته "ستضمن عدم تكرار مثل هذه الاعتداءات"، في ما بدا تلميحاً إلى ملامح السياسة الاسرائيلية المستقبلية في لبنان. وعزف رئيس الأركان موفاز على الوتر نفسه، عندما قال ان "الحكومة اللبنانية هي الجهة المسؤولة عن الضربات الموجهة من اراضيها"، مضيفاً أن الطائرات الحربية الاسرائيلية لم تهدف إلى "المساس بالمدنيين ولا التسبب باضرار جسيمة" للمنشآت التي استهدفها القصف. وقال إن الجيش استخدم "قذائف ذكية" موجهة باشعة الليزر وحدّ من الاضرار. واضاف "وجهنا رسالة إلى حزب الله، هي ان الجيش الاسرائيلي هو الذي سيحدد قواعد اللعبة في الشمال لا حزب الله ولا اي جهة أخرى... وسنخرج من لبنان اقوياء". وجاء القصف الاسرائيلي متناغماً مع مطالب الشارع الاسرائيلي المنادية بالرد بقسوة على عمليات "حزب الله" في الجنوب اللبناني، وحظي ب "تصفيق" حاد من اليمين الاسرائيلي الذي دعا على لسان رئيس حزب ليكود مهندس حرب لبنان عام 1982 ارييل شارون الى الرد "في شكل متواصل وحازم على اهداف سورية ولبنانية" كضرورة قصوى. وأعرب شارون في مقابلة اذاعية عن "سروره البالغ" بقرار باراك قصف البنية التحتية اللبنانية لكنه شدد على ضرورة ألا يبقى الرد "فردياً" أو مجرد توجيه رسالة الى الطرف الآخر. وانتقد حزب العمل الذي يترأسه باراك في شدة تصريحات شارون، واعتبرها دعوة الى خوض حرب جديدة في لبنان. ودعاه الى "البحث عن طرق اخرى لازالة وصمة العار التي لحقت به قبل 18 عاما".