غدا الحزب الحاكم في السودان على شفا إنشقاق عملي بعد تبادل الرئيس عمر البشير والامين العام للحزب الدكتور حسن الترابي إتهامات علنية. وبدا إن الجانبين أدركا أنهما على أبواب إنشقاق لكن كلاهما لا يرغب في أن يكون البادئ بإعلانه لاسباب سياسية متعلقة بكسب تأييد القاعدة. وركز البشير الذي بادر بالاتهام على أن الترابي يعقد إجتماعات مع عسكريين وأمنيين في منزله لتحريضهم ضد الحكومة ويشيع اتهام الحكومة بالعنصرية ويعرقل مساعي المصالحة العربية والاسلامية. ورد الترابي بحدة على هذه الاتهامات واعتبر ان المقصود بها التمهيد لاعتقاله وربما محاكمته بموجب قانون الطوارئ الساري. وأقر عدد من القياديين الذين استطلعت "الحياة" وجهات نظرهم بأن إنشقاق الحزب الحاكم بات محتوماً، ورأوا أن المجال بات ضيقاً جدا أمام أي محاولات جديدة للاصلاح بين الاثنين في ظل الاتهامات حادة اللهجة التي تبادلاها. وراجت سيناريوات عدة في الخرطوم أمس راوحت بين إعتقال الترابي وحل الامانة العامة للحزب. لكن مسؤولاً بارزاً قال ل "الحياة" في اتصال أجرته معه من لندن أن "الخطوة المقبلة لم تحدد"، في اشارة الى قول البشير في لقاء حاشد مساء أول من أمس أنه سيتخذ تدابير حاسمة. ورأى المصدر أن الخطوة المقبلة ستمثل تجاوز الترابي الى قواعد الحزب "لأن الصراع لا يزال على كسب تأييدها". وأضاف أن بوسع الرئيس الدعوة لاجتماعات لهيئة القيادة وهيئة الشورى وربما عقد مؤتمر استثنائي لابعاد الترابي. وأضاف أن الخطوة التالية ستكون "إزاحة الترابي من الحزب بعد إزاحته من الدولة نتيجة قرارات منتصف كانون الأول ديسمبر الماضي". وعقد قادة الجانبين إجتماعات مستمرة. وتسرب من معسكر البشير أن مساعد الرئيس البروفسور إبراهيم أحمد عمر أبرز المرشحين للحلول محل الترابي في حال التمكن من إبعاده. لكن مصادر أخرى رأت أن ما سيتم هو "تجاوز الامانة العامة من خلال التعامل مباشرة مع الهيئات الاخرى في الحزب، مثل هيئة القيادة وهيئة الشورى". لكن الترابي بدا متمسكاً بخطه، وأكد في حديث الى "الحياة" تفاصيل ص 7 في منزله أمس أنه سيواصل عمله وسيدعو الى إجتماعات لهيئات الحزب بعد عودته من رحلة الى مدينة بورتسودان كانت مقررة أمس. ولم يستبعد الترابي إعتقاله أو تحديد إقامته في أي لحظة. ولاحظ أن البشير "يخشى معارضة عسكريين إسلاميين ولذلك يحاول إتهامي ليجد العذر لاعتقالي واسكاتي وفقاً لقانون الطوارئ". واتهم البشير بأنه يسعى الى "فرض قبضة عسكرية على الدولة" وتغيير الحزب الحاكم "ليأتي بقيادات رهن الاشارة مهمتها التطبيل والتصفيق". وساد غموض شديد الوضع السياسي في الخرطوم أمس في غياب المعلومات عن الوجهة التي يعتزم البشير السير فيها. ويرى كثيرون أن الترابي لا يزال يحظى بتأييد واسع وسط قواعد الحزب التي بات قطاع كبير منها مسلحاً أو تلقى تدريباً عسكرياً على الاقل. ويفسر هؤلاء تردد الحكومة في الاقدام على الخطوة الحاسمة بهذا السبب إضافة الى أن مسألة السباق على كسب القواعد تستدعي عدم الظهور بمظهر المبادر الى شق الصف.