في خطوة تدلّ على إصرار وزارة العدل الاميركية على اعادة تنظيم صناعة برامج الكومبيوتر طلبت الوزارة امس من القاضي الاتحادي تفكيك شركة "مايكروسوفت" الى شركتين بعدما وجدت الوزارة ومعها 17 ولاية ان "مايكروسوفت" قامت بممارسات احتكارية في صناعة انظمة تشغيل الكومبيوتر الشخصي. راجع ص 11 وحسم قرار وزارة العدل توقعات سادت طوال الاسبوع الماضي بأنها ستوصي بتفكيك الشركة في اطار دعوة مكافحة الاحتكار التي اقامتها الحكومة الاتحادية و19 شركة منافسة ضد "مايكروسوفت". ووصفت وزيرة العدل جانيت رينو قرار وزارتها بأنه "العلاج المناسب في الوقت المناسب". وقالت: "توصيتنا ستؤدي الى اثارة التنافس وترويج الابداع واعطاء المستهلكين خيارات افضل في الاسواق". واذا اخذ القاضي الاتحادي بتوصية الوزارة، فإن "مايكروسوفت" ستصبح شركتين منفصلتين: واحدة لنظام "ويندوز" للتشغيل واخرى "مايكروسوفت اوفيس" التي تتولى صناعة برامج "وورد" و"اكيل" بالاضافة الى برامج لتصفّح الانترنت. وتذكر توصية وزارة العدل بتفكيك "مايكروسوفت" بقرار الحكومة تفكيك شركة AT&T مطلع الثمانينات وكانت نتيجة اطلاق ثورة في عالم الاتصالات ما ادى الى انخفاض سعر المكالمات الهاتفية الدولية. ولكن حتى الآن لا يزال المراقبون منقسمين حول ما ستكون عليه تداعيات تفكيك مايكروسوفت. وأعلن مساعد وزيرة العدل جويل كلاين، امس، ان "لا الحكومة ولا الشركات ذات المصالح الخاصة تستطيع ان تقرر ما هو الافضل للمستهلك وانما السوق هي التي تقرر ذلك". الا ان ردّ الفعل الاول على الاشاعات جاء من سوق الاسهم، اذ انخفضت قيمة اسهم "مايكروسوفت" بنسبة 40 في المئة منذ شاع ميل الوزارة الى التوصية بتفكيك الشركة. وسيكون لتوصية الوزارة اثر كبير في حركة الاسهم صباح غد الاثنين في نيويورك، خصوصاً ان قرار الوزارة جاء بعد ظهر الجمعة اي بعد اقفال وول ستريت. ويتوقع الخبراء ان ترتفع اسهم الشركات المنافسة ل"مايكروسوفت" التي تطرح في الاسواق برامج منافسة لمنتجات الشركة، بينما سيتأثر سلبياً معظم الشركات التي ترتبط مباشرة بنظام "ويندوز" للتشغيل. وفي حال نفذّت توصية وزارة العدل فإن هذه ستكون المرة الثالثة التي تفكك فيها شركة ضخمة بدعوة احتكارية. كانت المرة الاولى عام 1911 حين امرت المحكمة بتفكيك شركة "ستاندرد" للنفط، والثانية في تفكيك "اي. تي. اند تي" عام 1984. وتعهد رئيس مجلس ادارة "مايكروسوفت" بيل غيتس محاربة توصية الوزارة الى اقصى حدود، قائلاً ان التفكيك "سيحدّ من قدرة الشركة على الاستمرار في الابداع". وسيحرم قرار التفكيك "مايكروسوفت" من ادوات استخدمتها لمحاربة المنافسة، وهي اخفاء بعض اسرار نظام التشغيل "ويندوز" عن برامج "منافسة" لمنتجاتها. وحسب التوصية يتحتم على غيتس ان يختار احدى الشركتين وان يصفّي كل علاقة مالية بالثانية. وفيما ظل البيت الابيض بعيداً عن السجال، صرّح الناطق باسمه بأن الرئيس كلينتون "يترك معالجة الموضوع لوزارة العدل وليست لديه نيّة للتدخل".