حاولت اسرائيل اخفاء تأثرها من تصريحات وزير الدفاع اللبناني غازي زعيتر في الوقت نفسه الذي عزتها فيه الى "الفوضى العارمة والقلق الشديد" الذي يشعر به اللبنانيون حيال قرار الحكومة الاسرائيلية الانسحاب من جانب واحد. واقتصرت جلسة الحكومة الاسرائيلية الاسبوعية على البحث في "الاستعدادات العسكرية" لسحب الجيش الاسرائيلي من الاراضي التي يحتلها في جنوبلبنان، للايحاء بعدم تأثر المستوى السياسي من تصريحات زعيتر التي ما لبث أن تراجع عنها، واعتبرتها "بالون اختبار". وقالت مصادر اسرائيلية أن المجلس الوزاري استمع الى تقرير مفصل من رئيس أركان الجيش شاؤول موفاز عن خطة اعادة انتشار قوات الاحتلال الاسرائيلي حتى تموزيوليو المقبل استنادا إلى قرار حكومي سابق. ونقل عن رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك خلال الجلسة أن تصريحات زعيتر عن انتشار الجيش السوري في جنوبلبنان "غير عملي ويعكس الضائقة في الطرف الاخر" في اشارة الى سورية. وقال أن "افضل احتمال" تراه اسرائيل هو تنفيذ القرار الرقم 425 الصادر عن مجلس الأمن الدولي. وكرر موقف اسرائيل القاضي بأن تسحب قواتها من الاراضي اللبنانية حتى تموز يوليو، موضحاً انه غير متفائل بفرص استئناف المفاوضات على المسار السوري. لكنه أضاف أنه "لا يغلق الباب أمام استئناف المفاوضات مع سورية بناء على طلب الادارة الاميركية". وقالت مصادر سياسية اسرائيلية في القدس أن تصريحات زعيتر "نابعة من قلق سورية من تنفيذ اسرائيل انسحاباً احادي الجانب، ستكون له تبعات على الوجود السوري نفسه في لبنان"، واصفة إياها بأنها تندرج في اطار "المناورة" من جانب سورية. واعربت عن اعتقادها "أن سورية غير معنية بنشر قواتها على الحدود اللبنانية وأن هذه التصريحات تأتي في اطار بالونات الاختبار التي تطلقها من خلال لبنان". وشددت على أن خطط الجيش الاسرائيلي بشأن الانسحاب "لن تتأثر" بالتصريحات. أما الوزير الاسرائيلي بنيامين بن اليعازر فقال أن "هذا تصريح لا معنى له... ويدل إلى الارتباك والبلبلة الشاملة اللذين يعيشهما لبنان في ما يتعلق بالأوضاع التي ستؤول اليها منطقة جنوبلبنان بعد الانسحاب الاسرائيلي". وقال "إن خطر الصواريخ الباليستية التي تملكها سورية قائم الآن، وسورية تستطيع الوصول الى العمق الاسرائيلي من دمشق ولا تحتاج الى نشر قواتها أو صواريخها في الجنوباللبناني". واعتبر رئيس اركان الجيش الاسرائيلي السابق ووزير السياحة الحالي امنون شاحاك أن تصريحات المسؤول اللبناني "تنطوي على امور خطيرة" و"تجاوزا للخطوط الحمر" التي وافقت سورية على عدم تجاوزها في لبنان عند موافقة الاميركيين على دخول قواتها إليه عام 1976. وتقول اسرائيل أن سورية تعهدت عدم تجاوز قواتها التي تدخل لبنان نهر الليطاني وحدود مدينة صيدا جنوباً أمام وزير الخارجية الاميركي في حينه هنري كيسنجر. وللتدليل إلى "عدم تأثرها" بوقع هذه التصريحات، ابرزت اسرائيل الانباء عن اللقاء الذي سيعقده باراك اليوم مع وزير الدفاع الاميركي وليام كوهين. واشارت مصادر صحافية اسرائيلية أن الموضوع الابرز في هذ الاجتماع سيكون الاستعدادات الاسرائيلية لتنفيذ عملية اعادة الانتشار والجهود الاسرائيلية لتجنيد قوات دولية لتحل محل القوات الاسرائيلية بعد انسحابها. وفي مواقف أخرى أ.ف.ب.، قال وزير العدل يوسي بيلين "يبدو ان تصريح زعيتر يكشف خصوصاً قلق السلطات اللبنانية من تحمل مسؤولياتها على الارض عندما ينسحب الجيش الاسرائيلي عند الحدود". واعتبر وزير الامن الداخلي شلومو بن عامي ان موقف زعيتر "يعكس حال الفوضى السائدة في بيروت". وقال للاذاعة العامة ان "انسحابنا قريباً من جنوبلبنان يثير الشكوك في طبيعة ردود فعل الجيش الاسرائيلي في حال تعرض مناطقنا في الجليل شمال إسرائيل للهجمات". وقال الرئيس السابق للوفد الإسرائيلي المفاوض مع سورية إيتمار رابينوفيتش "إن الموقف اللبناني ينذر بعودة خطاب الحرب، وهو ما قد يدفع الموقف إلى التدهور". واعتبر النائب المعارض تكتل ليكود داني نافيه "أن الحكومة الإسرائيلية تبدي موقفاً ضعيفاً من التهديدات الآخذة في الازدياد والصادرة من لبنان"، داعياً إياها إلى أن توضح "في صورة لا تقبل التأويل أن إسرائيل لن تسمح للجيش السوري بفرض سيطرته غلى جنوبلبنان". ودعا النائب عوزي لانداو ليكود الحكومة إلى "اتباع سياسة رادعة تؤكد أن إسرائيل ستجعل البنى التحتية اللبنانية والسورية أهدافاً لها، في حال تعرضها لاعتداءات". واحتل موقف زعيتر حيزاً مهماً من صفحات الصحف الإسرائيلية التي قللت من أهميته واعتبرته، في معظمها، غير جدي ومجرّد بالون اختبار، حتى أن أحد المعلّقين كتب أن هذا التصريح "أثار خوفاً في لبنان أكثر منه بكثير، في إسرائيل".