وافقت أمس محكمة بريطانية على طلب الولاياتالمتحدة تسلّم ناشطين إسلاميين مصريين لمحاكمتهما بتهمة التآمر مع أسامة بن لادن لقتل أميركيين والضلوع في مؤامرة تفجير سفارتي أميركا في نيروبي ودار السلام في آب أغسطس 1998. وقال القاضي نيكولاس إيفانز الذي نظر في ملف القضية، في حكمه الذي تلاه قبل ظهر أمس أمام محكمة بوستريت في وسط لندن، انه يعتبر "ان هناك وجهاً للدعوى" في الاتهامات الموجّهة الى عادل عبدالمجيد عبدالباري وإبراهيم العيدروس، وانه لذلك يقبل طلب الاسترداد الأميركي. وكانت الشرطة البريطانية اسكتلنديارد اعتقلت عبدالباري والعيدروس مع أربعة إسلاميين مصريين آخرين والسعودي خالد الفواز مسؤول مكتب "هيئة النصيحة" في لندن في إطار "عملية التحدي" في أيلول سبتمبر 1998. وأطلقت الشرطة عبدالباري والفواز بعد أربعة أيام من إعتقالهما، في حين أُبقي الآخرون معتقلين على ذمة قانون الهجرة. ثم عادت الشرطة واعتقلت الفواز، بعد يوم من الإفراج عنه، ووجهت اليه الإتهام الأميركي بالضلوع في مؤامرة لقتل الأميركيين مع ابن لادن. وأعادت الشرطة اعتقال عبدالباري بعد نحو ثمانية أشهر من الإفراج عنه، ووجّهت اليه والى العيدروس تهمة الضلوع في مؤامرة تفجير سفارتي أميركا في شرق إفريقيا والتي راح ضحيتها 224 شخصاً. وعلى رغم ان الفواز حوكم في شكل منفصل عن عبدالباري والعيدروس، إلا ان الواضح ان قضيته لا تختلف كثيراً عن قضية المصريين. إذ تتمحور الإتهامات الموجهة الى الثلاثة على انهم ضالعون في "مؤامرة" لقتل أميركيين بالاشتراك مع ابن لادن وآخرين. لكن في حين يزعم الادعاء ان الفواز عضو في تنظيم "القاعدة" وانه بايع ابن لادن خلال وجوده في الخرطوم وانه شكّل "واجهة إعلامية" للأخير من خلال مكتب "هيئة النصيحة" في لندن، يقول ملف الدعوى ضد عبدالباري والعيدروس انهما مرتبطان ب "جماعة الجهاد" المصرية بقيادة أيمن الظواهري ومن خلاله ب "المؤامرة" لقتل الأميركيين التي يتشارك فيها الظواهري وأسامة بن لادن وتنظيمات إسلامية أخرى في إطار "الجبهة الإسلامية العالمية لقتال اليهود والصليبيين". ويضيف ملف الدعوى أيضاً تهمة أساسية أخرى الى المصريين تتعلّق بأنهما تلقيا بيانات تبني تفجير سفارتي أميركا في نيروبي ودار السلام، قبل وقت قصير من وقوع التفجيرين، وأنهما وزّعاها على بعض وسائل الإعلام. وكان إيفانز حكم في أيلول سبتمبر العام الماضي بقبول الطلب الأميركي لتسلم الفواز ومحاكمته بتهمة "المؤامرة" ضد مواطني الولاياتالمتحدة. ومن المقرر ان يمثل الفواز أمام المحكمة العليا في لندن في وقت ما هذا الصيف للنظر مجدداً في الطلب الأميركي. إذ ان قرار ترحيله الصادر عن القاضي إيفانز ليس سوى قرار أولي يجب ان توافق عليه هيئة محلّفين. ويمكن ان تنتقل قضيته لاحقاً الى مجلس اللوردات حتى وإن وافقت هيئة المحلّفين على الطلب الأميركي. وفي وقائع جلسة أمس، أعاد إيفانز شرح ملف الدعوى ضد الرجلين، وكيف ان الإدعاء يزعم انهما عضوان في "جماعة الجهاد" وانهما وزّعا بيانات "جيش تحرير المقدسات الإسلامية" الذي تبنّى تفجير السفارتين الأميركيتين، وكيف انهما تلقيا البيانات قبل وقوع التفجيرين الساعة السابعة والنصف صباح يوم الثامن في آب 1998 ثم وزّعاها على وسائل إعلامية في فرنسا والخليج. وتناول موضوع "الشاهد السرّي" سي. أس. 1" الذي يقول الأميركيون انه عضو سابق في "القاعدة" وانه مستعد للإدلاء بشهادة يؤكد فيها ان الفواز أدى البيعة لأسامة بن لادن في خلال وجودهما في الخرطوم. وشرح ان محامي الدفاع عن الفواز جادلوا أثناء المحاكمة بضرورة كشف هوية هذا الشاهد السري وعدم قبول شهادته ما لم تُكشف هويته أمام المحكمة. وقال ان الحكومة الأميركية بدّلت موقفها منذ صدور قراره العام الماضي، وانها باتت تقول اليوم ان هوية هذا الشاهد لن تبقى سرية وانه سيدلي بشهادته علناً أمام المحكمة في نيويورك. وقال ان الموقف الأميركي الجديد يعزز موقفه القاضي بقبول شهادة "سي. أس 1" في قضية عادل عبدالباري والعيدروس. وختم إيفانز بالقول انه بعد الإطلاع على مرافعات جهتي الدفاع والإدعاء قرر ان هناك وجهاً للدعوى ضد عبدالباري والعيدروس، وانه يقبل على هذا الأساس الطلب الأميركي. وأمر بإبقائهما في السجن هما معتقلان حالياً في سجن بريكستون، جنوبلندن. وتناول الكلام عقب صدور الحكم اللورد جيفورد ممثل الدفاع عن عبدالباري وغاريث بيرس محامية العيدروس. وبعد تشاورهما مع القاضي أعلن إيفانز عقد جلسة جديدة للمحكمة يوم الثلثاء في الثاني من أيار مايو المقبل. ويُعتقد بأن هيئة الدفاع قد تطلب في هذه الجلسة مزيداً من الشهود لإقناع القاضي بالتراجع عن قراره.