يعود الإعلامي حسن معوّض إلى قناة «العربية» بعدما غادرها ليعود إلى محطة ال «بي بي سي العربية» التي كان غادرها للانضمام إلى قناة «العربية». فما قصّة هذا التنقّل بين المحطتين؟ يجيب معوض أنّ التنقّل ليس عيباً بمقدار ما هو إضافة، «وهنا أستعير جملة تقول إنّ الصحافي مثل طائر يحطّ حيثما توجد الشجرة، وبرأيي إنّ الشجرة انتقلت مرة أخرى إلى دبي لذلك لحقت بها». هذا الجواب الذي يبدو ديبلوماسياً يوسّعه معوّض ليقول إنّه يفتخر بأنّه بدأ مسيرته عام 1977 من الإذاعة البريطانية، لكن إطلالته التلفزيونية الأولى كانت عبر شاشة «العربية» لذلك رأى أنّه من المفيد أن يعود إلى الشاشة التي رآه عليها المشاهدون للمرة الأولى. حسن معوّض سيعود إلى الشاشة التي أطلقته تلفزيونياً من خلال البرنامج الذي نجح من خلاله وارتبط اسمه به، «نقطة نظام»، ويوضح أنّه قرر العودة عبر البرنامج نفسه وليس عبر آخر لأنّ الناس عرفته في هذا الإطار. «هناك وجهات نظر تجاه هذا الموضوع، فبعضهم يرى أنّه من الأفضل بدء برنامج جديد بعدما ظهرتُ عبره طوال خمسة أعوام، وبعضهم الآخر يقول إنّ العودة من خلال البرنامج نفسه يوفّر عناء الانطلاق من نقطة الصفر، أمّا أنا ففضلّت متابعة برنامجٍ قوي أَحّبه الناس وأحبّوا أسلوبي فيه». ويلفت معوّض إلى أنّ المقدّم مهما كان قوياً والبرنامج مهما كان ناجحاً لا يمكنهما الاستمرار والوصول إلى المشاهدين كما يجب إلاّ عبر شاشة قوية وناجحة، وإلاّ فسيضيع كل التعب والمجهود سدىً. «نقطة نظام» سيحافظ في موسمه الجديد على الأساس ذاته ولكن بحلّة جديدة تبدأ بالديكور وتنتهي بالاستفادة من مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت لإشراك المشاهدين في البرنامج ومعرفة أسئلتهم وتعليقاتهم، وسيحافظ على معالجة القضايا الجدلية واستضافة الأشخاص الجدليين. في السابق لم يكن البرنامج على علاقة بالحدث الإخباري اليومي أمّا الحلقات الجديدة فستتابع الحوادث التي تجري في العالم العربي، ولكن من دون أن تتحوّل إلى متابعة ومحلّلة لشؤون الساعة. بالحديث عن العالم العربي، ما هي برأيه «نقطة النظام» الأبرز التي نحتاجها اليوم؟ يجيب: «نحتاج إلى وصول المعلومات إلينا من دون تشنّج ومن دون أن ننفعل ونهتاج، وأن نحاول التدقيق بها والتأكّد من صحتها لأنّ معظم ما يصلنا مختَلَق ومشوّه». ويشير معوّض إلى أنّ برامج الحوار يجب أن تنقل رأي الجهة الغائبة، «وهذا ما نحاول تقديمه في البرنامج». وردّاً على السؤال حول الإضافة التي يسعى إلى التميّز بها في طريقة تقديمه يقول إنّه يحاول أن يصنع برنامجاً جدلياً سريعاً ومقتضباً، «لا أقصد أن أجعله ساخناً لكن أحياناً طبيعة الموضوع هي التي تجعله كذلك». حسن معوّض الذي حاور خلال مسيرته الكثير من الرؤساء والمسؤولين هل اكتشف أسراراً مهمة تحفّظ عن إعلانها؟ «لا أستطيع أن أدّعي أنّني أملك معلومات تهز العالم» يقول، «لقد ائتُمنت على بعض الأخبار التي كانت مهمة في حينها ولم تعد سرّية اليوم، لكنني حاولت الاستفادة منها في أسئلتي التي كنت أطرحها في صيغة لا تكشف مصدر معلوماتي». يعتبر معوّض أن دور الصحافي هو أن يكون نقطة وصل بين الضيوف والمشاهدين من دون أن يأخذ طرفاً في القضايا؛ «قد يعتبر البعض أنّ هذا حياد سلبي لكنّني أحب هذا الأسلوب، لأننا إذا انجرفنا خلف طرف معين فمن الأفضل حينها أن نعمل مباشرة في السياسة!». معوّض الذي يطرح أسئلة صعبة على ضيوفه تجعلهم يتفاجأون ويرتبكون، ما السؤال الصعب الذي إذا طرحه على نفسه سيرتبك في الإجابة عليه؟ بعد لحظات من التفكير يقول مبتسماً: «في الحقيقة سؤالك هذا هو السؤال الصعب!» وعندما نطلب منه، بدل الهرب من الإجابة بهذه الطريقة الذكية، أن يكون جريئاً في طرح سؤال على نفسه كما يكون جريئاً عند توجيه الأسئلة للآخرين، يقول: «صدّقني أنّ في هذه اللحظة لا يخطر في بالي سؤالاً محرجاً أو صعباً لا أجد جوابه، فكل ما يجول في فكري الآن أعرف إجابته، ولا أريد أن أدّعي أو أن أخترع سؤالاً جريئاً». حسن معوّض عمل طوال أكثر من ثلاثة عقود في مجال الإعلام وعاش المراحل المختلفة التي مرّ بها، فكيف يقوّم بعد هذه الأعوام مسيرة الإعلام في العالم العربي؟ هل ازدادت جرأته أم على العكس ازدادت الإغراءات ووسائل إسكاته أو تحريفه؟ «حين بدأت عملي في بريطانيا لم تكن المنطقة العربية مستعدة لطرح القضايا التي تُطرَح الآن، لذلك لا شك في أنّ الجرأة زادت والوعي صار أوسع»، يقول. ويشرح أنّه في السابق كان من الصعب عليه أن يتطرّق إلى سؤال حساس أو أن يجد شخصية مستعدة للإجابة بصراحة على نقاط جريئة يريد التحدّث عنها. في المقابل، يرى معوّض أنّ الإغراءات الموجودة اليوم لتشويه الإعلام كانت موجودة منذ ثلاثين سنة، «الصحافي الذكي هو الذي يغريه نجاح برنامجه أكثر ممّا تغريه الأمور الأخرى لأنّه سيجد في النجاح والصدقية مكافأة أكبر من المغريات التي تُعرَض عليه، بخاصّة أنّ ما من خفيّ إلاّ ويظهر في النهاية». شهرة الصحافي، بحسب معوّض، لا تأتي من الأموال التي يمكن أن يملكها بل من صدق برنامجه، لذلك من الأفضل له الابتعاد عن كل الإغراءات لأنّها إن لم تضرّه فلن تنفعه أيضاً.