سيسمع المشاهد كثيراً عبارة «هذه النقطة وصلت...» وهو يتابع برنامج «في الصميم» الذي تعرضه أسبوعياً قناة «العربية»، ويقدمه حسن معوض. وهذ عبارة لا تقال جزافاً أو من باب الاعتياد اللفظي، وإنما تشير إلى أن السؤال المطروح بإلحاح قد عثر، أخيراً، على الإجابة المنتظرة، وهذه الإجابة هي هدف البرنامج ومقدمه وكذلك المشاهد. عنوان «في الصميم»، يفصح عن محتوى البرنامج وطبيعته، فهو يحاول الذهاب مباشرة إلى جوهر القضية المطروحة بتفاصيلها وتشعباتها. ويحرص معوض على قيادة دفة النقاش بحيث لا يخرج الضيف عن الموضوع. وليس غريباً، والحال هذه، أن يطرح سؤاله أكثر من مرة، وبصياغات مختلفة، حتى يحصل على الجواب النهائي ليردد على مسامع مشاهديه عبارته الأثيرة «هذه النقطة وصلت». أياً كان الضيف، ومهما كانت مرجعياته واهتماماته وطبيعة مسؤولياته، سواء كان أحد ناشطي الأمازيغ أم أحد الساسة المصريين، وسواء كان مفكراً ليبرالياً أم إسلامياً أم معارضاً سورياً أم كاتباً له آراء «متطرفة»... فإن معوض يتعامل معه بالمستوى ذاته من «الشدة واللين»، كما يقول، وهو يسعى جاهداً إلى توضيح نقاط هي موضع سجال وخلاف. ويكون مقدم البرنامج مطّلعاً على تصريحات الضيف وكتاباته وآرائه. لذلك، فإن كل سؤال سيكون، طبعاً، مدعوماً بتصريحات وحوارات صحافية من هنا وهناك. وإذ يجد الضيف أن أرشيفه موجود في حوزة الشخص الذي يحاوره، «يفترض أن يستسلم أمام هذه المعركة الكلامية ويبوح للبرنامج بكل طروحاته ووجهات نظره التي قد تغضب بعضهم». معوض في برنامجه هذا يحاول أن يلعب دور المحقق البوليسي إلى حد ما، إذ يرتقب أن يطرح السؤال تلو السؤال، ويساجل ويضرب أمثلة ويستعيد مواقف للضيف، ويذكره بآراء قيلت منذ زمن بعيد أو قريب... كل ذلك كي يصل إلى الجواب الشافي. ولئن جاء البرنامج من الناحية البصرية بسيطاً، غير أن ذلك لا يقلل من قيمته، ذلك أنه لا ينتمي، أساساً، إلى ذلك النوع من البرامج «التي تستمد أهميتها من الإبهار البصري، وألوان الإضاءة والموسيقى الصاخبة، فكل ما يبتغيه البرنامج، وهو من النوع الرزين والجاد، هو جلاء محاور شائكة ومعقدة، وإذ يتحقق هذا الهدف تأتي عبارة: هذه النقطة وصلت».