شريفة فاضل مطربة من الجيل الذهبي للاغنية المصرية وهي من ألمع نجوم الاغنية الشعبية بتوجهاتها ونغماتها المعبرة عن احلام البسطاء وتطلعاتهم وطموحاتهم. وهي تنتمي الى بيت فني، فالأب الشيخ علي محمود ندا صاحب صوت جميل في تجويد وتلاوة القرآن. والشقيقة الصغرى "ثناء ندا" تمتلك ايضاً موهبة الصوت الجميل. ومشوار شريفة فاضل مع الفن طويل جداً، فهي شاركت بالتمثيل وهي طفلة صغيرة في عدد من الاعمال الاذاعية، وايضا في أفلام سينمائية مثل فيلم "الأب" بطولة زكي رستم ودولت ابيض، كذلك في فيلم "اللعب بالنار" امام محمود المليجي. وقد خلق فيها هذا التعبير الفني المبكر الرغبة في أن تكون ممثلة، فالتحقت بالمعهد العالي للتمثيل. وفي الاونة الاخيرة احتجبت شريفة فاضل، عن الاضواء، وظن البعض أنها اعتزلت الفن لكنها في حوارها مع "الحياة" تؤكد انها لم تعتزل، وانها على استعداد للظهور في أي حفلة يتسم فيها مناخ فني مثل الذي تعودت عليه في حفلات الستينات والسعبينات. أين أنت؟ - موجودة في بيتي، ولم اعتزل الفن وكل المسؤولين عن حفلات اضواء المدينة وليالي التلفزيون يعرفون بيتي، لكن يبدو أن ذاكرتهم ضعيفة ونسوا مطربة اسمها "شريفة فاضل" مازالت قادرة على العطاء وفي اوج نضجها الفني، وعلى رغم مرور كل هذه الاعوام لم يفكر احد منهم في الاستعانة بي، على رغم علمهم بأني لم اعتزل الفن، وأنا لن ألهث خلفهم، اشاهد حفلات هذه الأيام، فأجد كمّا من الاصوات لا علاقة لها بالغناء وهي مفروضة وبالقوة على الجمهور في المنزل، فأستغرب وأتساءل أين الاصوات الجميلة؟ أين محمد قنديل ومحرم فؤاد وماهر العطار، ونجاة وهدى زايد، وأميرة سالم، وغيرهم من الاصوات الجميلة العذبة، فلا اجد جواباً لسؤالي! حتى الرئيس محمد حسني مبارك في احدى حفلات 6 أكتوبر وحين غنى محمد العزبي وأطرب الحاضرين سأل "أين مطربو زمان؟" وقبل فترة صورت اغنية "أنا مش ببكي عليك ياحبيبي" بطريقة الفيديو كليب لكنها لم تذع إلا مرة واحدة! الشموع التي اضاءت لشريفة فاضل مشوارها الفني؟ - الشمعة الأولى في حياتي الفنية "السيد بدير" الذي وقف الى جانبي في بداية حياتي الفنية، وقدمني في فيلم "ليلة رهيبة" وطلبت منه أن يضع لي اغنية فيه، لكنه عارض وقال لي "الفيلم كله اكشن"، ولا توجد مناسبة لأغنية، لكن نجحنا في إيجاد موقف مناسب في الفيلم غنيت فيه أغنية "امانة ما تسهرني يا بكره". واشترط عليّ السيد بدير شرطاً وقال إذا لم ينجح الفيلم أو الاغنية ستمكثين في البيت، لانني في هذه الفترة كنت زوجته، فوافقت على ذلك، وبعد عرض الفيلم نجحت الاغنية بشدة، حتى إن المذيعة آمال فهمي في برنامجها "على الناصية" حين كانت تسأل ضيفاً عن اغنيته المفضلة كان يطلب "امانة يابكره". والشمعة الأخرى هي الملحن منير مراد الذي اعطاني أجمل ما غنيت في مشواري الفني ووضع القاعدة الفنية لي. ما هي أهم المحطات الفنية في مشوارك؟ - المحطة الاولى محطة البداية وفيها قدمت مجموعة من الاغاني عرفني من خلالها الجمهور مثل "امانة يا بكره" لمحمد الموجي والتي اعتمدت بها في الاذاعة ثم "مبروك عليك يامعجباني" من ألحان سيد مكاوي، والمحطة الثانية لقائي منير مراد الذي قدمني في انجح اغنياتي مثل "حارة السقايين" و"فلاح" و"الشيخ مسعود" و"الليل" و"الصبر" و"دور" وبعده كان لقائي بليغ حمدي الذي قدم لي مجموعة من الألحان الناجحة مثل "آه يالمكتوب" "بالمعروف بالحنية" و"دقوا الاحباب ع الباب". والمحطة الثالثة هي محطة المسرح الغنائي وتقديمي لمجموعة من المسرحيات الغنائية اقربها الى نفسي "مهر العروسة" و"حمدان وبهانة" وايضا لقائي العملاق الراحل رياض السنباطي في مجموعة من الأغاني مثل "خليك بعيد" "زي النهارده من سنة" و"لو تفرشلي الارض حنه". كل هذه علامات مضيئة ومحطات مهمة في حياتي الفنية. لحن لك السنباطي مجموعة من الاغاني العاطفية كيف التقيت هذا العملاق؟ - كان معروفاً عني غنائي للاغاني الشعبية في منتصف الستينات، فأحَبّ السنباطي أن يتحدّ بي الجميع، فجاء الى منزلي ومعه كلمات اغنية عاطفية بعنوان "خليك بعيد" لعبدالوهاب محمد، واستغرب الجميع ومنهم احمد الحفناوي الذي قال له "هذه الأغنية من المفروض ان تغنيها أم كلثوم" فرد السنباطي قائلاً ولكني ارى شريفة فاضل أنسب من يغني هذه الاغنية لأن ليس من المعقول ان تغني ام كلثوم وتقول: "خليك بعيد علشان / في يوم ما تحبني / هأتعبك وهأغلبك / وهأغير عليك وهأطير النوم من عينيك!". هذه الاغنية محتاجة لفتاة صغيرة فيها شقاوة وخفة دم، وبالفعل غنيت هذه الاغنية لكنها لم تنجح في وقتها، وبعد 15 سنة غنيتها مع الفرقة الماسية ونجحت. غنيت الاغاني العاطفية ونجحت فيها وغنيت الاغاني الشعبية وانت لك بصمة فيها لكن أيهما أحب إليك؟ - الاغاني العاطفية، لانني أعشق هذا النوع من الاغاني، وقبل احترافي الغناء غنيت كثيراً لأم كلثوم، واخيراً سجلت من تراثها اغنيتين "أنساك" و"هو صحيح الهوى غلاب". من أغانيك الجميلة اغنية "أم البطل" والتي غنيتها أثناء حرب تشرين الاول اكتوبر عام 1973 ما ذكرياتك عن هذه الاغنية؟ - هذه الاغنية لها معزة خاصة لديّ لأنها تعبر عن كل أم فقدت ابنها، وكانت فكرتها جميلة جداً وأديتها باحساس أم فقدت ابنها، إذ فقدتُ ابني قبل حرب تشرين الاول اكتوبر 1973 اثناء تدريب ليلي في الطيران، وحين قامت الحرب تمنيت لو كان إبني موجوداً ليحارب العدو الاسرائيلي، وهذه ايضا كانت امنيته، ففكرت أن اقدم عملاً يخلده وغيره من الشباب المصري الذي فقد اثناء الحرب، فطلبت الشاعرة نبيلة قنديل وزوجها الملحن علي اسماعيل هاتفياً، واخبرتهما برغبتي فجاءت نبيلة الى شقتي، ودخلت غرفة ابني الشهيد، وبعد فترة خرجت ومعها الاغنية فاحتضنتها بعد سماع الاغنية وبكيت، وشعرت انني التي كتبتها، ولأجل هذا مسّت هذه الاغنية كل المشاعر، واثناء حفظي لهذه الاغنية كانت الدموع تنهمر من عيني بغزارة، وحين دخلت الاستديو لتسجيلها أغمى عليّ ودخلتْ الراحلة فايزة احمد وقالت "بشماته" ليس ضرورياً أن نسجل هذه الاغنية، فقمتُ وسجلتها باصرار، وعلى رغم إذاعة هذه الاغنية كل عام اثناء الاحتفال بذكرى النصر، لم يفكر أحد بأن يستعين بي في غنائها. على رغم كل هذه الاعوام إلا أنني ألمح الدموع في عينيك لماذا؟ - لأن الامومة عاطفة جياشة، وأي شيء في الدنيا يمكن ان يُنسى الا الابن، وبالمناسبة هذه الاغنية كانت اصعب اغنية سجلتها في حياتي. هل عملك في كازينو "الليل" أحد اسباب تعثر مشوارك الفني؟ - نعم. تعثر مشواري الفني وتوقفت كثيراً وابتعدت عن الجمهور العريض، لأن جهدي كله كان ضائعاً فيه، فامتنعت عن السفر الى كثير من البلاد العربية والاجنبية، واعتذرت عن إحياء الحفلات الغنائية وكل هذا أثر سلباً عليّ، وفي الفترة الاخيرة انشغلت بقضية خاصة بالكازينو الى ان حكم لمصلحتي وأنا حالياً متفرغة لنفسي فقط. مدى رضائك عن الافلام التي قمت ببطولتها للسينما؟ - قدمت للسينما ستة افلام بدأتها ب"ليلة رهيبة" اخراج السيد بدير، لكن في هذا الفيلم كنت خائفة جداً من التمثيل، ولا سيما ان زوجي هو المخرج وكل غلطة محسوبة عليّ والفيلم فيه جمل عاطفية رقيقة من المفترض ان اقولها للممثل الذي امامي، لكني كنت محرجة فنجحت فيه كمغنية فقط ولم انجح كممثلة وأستطيع أن اقول انني راضية عن فيلمين فقط، هما "تل العقارب" و"سلطانة الطرب" لانني كنت نضجت فنياً وزادت خبرتي، فمثلت بتلقائية. خضت مجال الانتاج السينمائي في فيلمين هما "سلطانة الطرب" و"تل العقارب" لماذا انتجت ولماذا توقفت عن الانتاج؟ - انتجت لانني كنت اريد أن اغني، لذلك وقع اختياري على فيلم "سلطانة الطرب" لانه عن قصة حياة منيرة المهدية وقدمت من خلاله مجموعة من اهم اغانيها اعاد توزيعها الملحن حسين جنيد ونجحت هذه الاغاني جداً، بعد ذلك قدمت فيلم "تل العقارب" وهو فيلم اجتماعي بسيط وفيه أغاني جميلة، وتوقفت عن الانتاج لانني خسرت في الفيلمين ولم يكن لدينا أنا وزوجي خبرة بأمور الانتاج فخسرنا، لكني غير نادمة. في الفترة الاخيرة يعيد عدد كبير من المطربين الكبار توزيع اغانيهم القديمة، هل شريفة فاضل مع التوزيع الجديد؟ - نعم أنا مع التوزيع الجديد حتى يتعرف جمهور الشباب الى تراثنا الفني، ولكن يجب على الموزع أن يحافظ على الاغنية كما هي ولا يضيف اليها كثيراً حتى لا تضيع ملامح اللحن الاصلي، وقريباً سأعيد توزيع عدد من اغنياتي القديمة مثل "فلاح" و"الليل" و"الصبر" و"دور" وغيرها من الاغاني رغم إنها ليست في حاجة الى التوزيع الجديد. لمن تعطين أذنك في الفترة الحالية؟ - لكل صوت جميل ذي شخصية مثل علي الحجار وهاني شاكر ومحمد الحلو ومحمد ثروت ومدحت صالح.