تصفك السلطات المصرية بأنك قيادي في جماعة الجهاد المصرية. فما هو ردك؟ - أنني لست عضواً في جماعة الجهاد، ولا مسؤولاً فيها أو متحدثاً باسمها، أو باسم غيرها. لكنني إبن من أبناء الحركة الإسلامية عموماً، بما فيها من جماعات مثل الجهاد أو الجماعة الإسلامية وغيرهما، وسُجنت من بين الذين سُجنوا من أبناء هذه الحركة بعد إغتيال الرئيس الراحل أنور السادات في 1981. وبعد إطلاقي في هذه القضية أُعيد إعتقالي مرة أخرى مع نحو 187 شخصاً بزعم محاولة "إعادة تشكيل تنظيم الجهاد". لكنك محسوب على جماعة الجهاد؟ - يحسبونني الآن على جماعة الجهاد، لكنني لست عضواً فيها. ما هو موقفك، كمنتمٍ الى الحركة الجهادية، من مبادرة وقف العنف التي أطلقها القيادي في جماعة الجهاد السيد أسامة أيوب؟ - أنا لا تخيفني تهمة الإنتماء الى الحركة الجهادية التي ترى الجهاد ذروة سنام الإسلام. فهذا أمر يُقره كل مسلم. أما موقفي من المبادرات التي بدأها سواء الأخ منتصر الزيات من قبل أو الأخ أسامة أيوب ... إنني أسأل تحديداً عن مبادرة أيوب - إن المبادرة التي أطلقها الأخ أسامة أيوب، بحسب علمي ومعرفتي بالحركة الجهادية، ينطبق عليها وصف "أعطى من لا يملك لمن لا يستحق". إن الأخ أيوب، كما أعلم، ليس عضواً في جماعة الجهاد، وليس له مركز فيها لكي يُطلق مثل هذه المبادرة. لكنه وصف نفسه في بيان مبادرته بأنه قيادي في جماعة الجهاد. - ... كل يدّعي ويقول ما يقول. أنت سألت سؤالاً مُحدداً وأنا أجبتك بما أعرف. فإذا كان هو يعرّف عن نفسه بما لا أعرفه عنه، أي انه قيادي، فهذا لا علم لي به. غير ان الذي أعرفه ويعرفه الكثير من القريبين من هذه الجماعات أن الأخ أسامة أيوب، مع إحترامي الشديد له، ليس له موقع في جماعة الجهاد ولا يملك أي مقومات تجعله يُطلق مثل المبادرة التي أطلقها. هل تؤيد مبادرته؟ - بحسب علمي ان جماعة الجهاد لا تعترف أصلاً بالعمل في الغرب، وتعتبر ان العمل في الغرب خسائره كبيرة. ولذلك فهي ليس عندها متحدث رسمي باسمها، وليس عندها مكتب إعلامي مثل بقية الجماعات. ان تحليلي لمبادرة أيوب، إنطلاقاً من مبادئ جماعة الجهاد، يدل على أنها مبادرة فردية، بل هي تتصادم مع أدبيات الجماعة أصلاً. إن المبادرة تدعو الى وقف العمل المسلح في مصر، مع التنبيه على حض المسلمين على التنبه لموضوع القدس وقتال اليهود والصليبيين. إنني أرى ان ذلك يتعارض أصلاً مع أدبيات جماعة الجهاد التي كانت ترى، منذ بدايتها، ان هناك فرقاً بين عقوبة المرتد - وهي عقوبة مغلّظة - وبين العدو القريب، وتعتبر ان الحكومات العربية أولى بالمقاتلة من غيرها، مثل الأميركان واليهود. هل ترى ان جماعة الجهاد تسير على خطى الجماعة الإسلامية في تبني سياسة وقف العمليات ضد الحكم المصري؟ - إن جماعة الجهاد، ولست ناطقاً باسمها، تعاني منذ زمن من بعض المشاكل. لقد إتخذت هذه الجماعة، بحسب علمي وإنطلاقاً من مبادرة ذاتية من عندها، قراراً واصدرت لوائح داخلية لأفرادها بوقف العمل العسكري - ولا أسمّيه عنفاً - نظراً الى عدم قدرتها على ذلك، ونظراً الى الخسائر التي تكبدتها نتيجة عملها العسكري. فالعمليات التي قامت بها فشلت على رغم الدوي الذي أحدثته. لذلك أصدرت الجماعة توصية الى أتباعها للإهتمام بالعلوم الشرعية وتنشيط العمل الدعوي. ولا شك ان جماعة الجهاد خاضت العمل العسكري على مضض، نتيجة تأثير قاعدة الشباب فيها. ذلك انه ليس من استراتيجية جماعة الجهاد القيام بعمليات عسكرية ميدانية، مثل محاولات الإغتيال والتفجيرات. إن الجماعة تقوم على إستراتيجية بعيدة المدى تقوم على التغلغل في المؤسسة العسكرية والقيام بإنقلاب. متى أصدرت جماعة الجهاد هذه التعليمة بوقف العمليات التي تتحدثون عنها؟ - صدرت تقريباً في 1995. لكن "الجهاد" تبنّت تفجير سفارة مصر في إسلام آباد في آخر 1995... - لا تعليق لي على ذلك، وليست عندي معلومات عنها. وهي قامت بمحاولة تفجير خان الخليلي في 1996. - نعم هذه معلومات أعرفها من وسائل الإعلام. لكن الذي أعرفه ان الجماعة أصدرت قرار وقف العمليات نتيجة فشلها. وهي إذا كانت وراء تلك العمليات، فالواضح انها كانت تحت ضغط أو كرد فعل للقيام بها. لكن زعيم "الجهاد" الدكتور أيمن إنضم في 1998 الى الجبهة الإسلامية العالمية لقتال اليهود والصليبيين... - ان جماعة الجهاد لم تنضم، بحسب ما أعلم، الى هذه الجبهة. لكن الدكتور أيمن وقّع بيانها من دون مشورة الجماعة - وأقصد هيئاتها مثل مجلس الشورى واللجنة الشرعية والمجلس التأسيسي والمجلس القضائي. إن أعضاءها لم يعرفوا بالتوقيع سوى من الصحف. وواضح ان قرار التوقيع كان قراراً مُستعجلاً لظروف معيّنة. لكنه أضر الجماعة ضرراً جسيماً، خصوصاً انها كانت في مرحلة تضميد جراحها وترتيب البيت الداخلي، فإذا بها تدخل في معمة أكبر منها. لذلك فإن الضرر الذي لحق بها كان كبيراً، بسبب إنتشار قادتها والمحسوبين عليها والمحبين لها والذين طالهم الضرر ودفعوا ضريبة توقيع البيان حتى وإن لم يكونوا موافقين عليه. هل تختلف مع بيان الجبهة من الناحية الشرعية، أو بسبب النتائج التي ترتبت عنه؟ - الذي أعلمه ان لهم جماعة الجهاد وجهة نظر متعددة، منها ان البيان مخالف للوائح التنظيمية لهذه الجماعة والتي تقول ان لا عمل من دون مشورة مُلزمة، علماً ان من طبع الدكتور ايمن ألا يقوم بعمل معيّن من دون شورى. لكن ما حصل لهم الجهاد من تشتت في بقاع الأرض، يوحي بأن أيمن اتخذ هذا القرار الدخول في جبهة إبن لادن تحت ضغط ظرف معيّن. إذن من الناحية التنظيمية، البيان مخالف للوائح جماعة الجهاد التي لم يستشر الدكتور أيمن قادتها في الموضوع. وثمة نقطة أخرى، شكلية، في البيان وهي انه ركيك، صياغة وعبارة. كذلك اعترضوا قادة جماعة الجهاد على إخراج البيان في وقت حرج جداً، إذ تزامن مع عملية ضرب العراق ففُهم منه أنه يمثّل تأييداً للرئيس صدام حسين. لكن البيان واضح في تأييده الشعب العراقي وليس رئيس الدولة. - قد يُفهم منه هذا أيضاً، لكنه بدا وكأنه يستغل وضعاً معيّناً. وثمة نقطة أخرى، شرعية، تتعلّق بعدم تأصيل البيان بعض الأمور الواردة فيه بطريقة شرعية سليمة. إذ تكلّم عن قتل الأميركيين واستحلال أموالهم، واستخدم لفظ المدنيين، وهو أمر لم يستخدمه السلف. ولكن ما هو موقفك أنت منه؟ - إنني اعتبره غير مقبول شرعاً ومضموناً، وانه أضر ليس فقط بجماعة الجهاد بل بالحركة الإسلامية بعامة. فعمليات الخطف التي طالت محسوبين على هذه الجماعة بُررت بانهم يتبعون إبن لادن أو جماعة الجهاد. أريد ان أسألك سؤالاً واضحاً: هل تؤيد وقف العنف في مصر؟ - الشريعة الإسلامية تُعطي حريّة للإنسان غير القادر. فلا جهاد من غير قدرة. فإذا كنت عاجزاً وغير قادر فإن الله لا يُكلّف نفساً إلا وُسعها. أوقفت جماعة الجهاد عملياتها في مصر لعدم القدرة إذن، وليس لأن طبيعة الحكم المصري تغيّرت هو من وجهة نظرها "مرتد". - هم يقولون انهم أوقفوا العمليات لعدم القدرة ولأنها تُخالف استراتيجيتهم. فهم أصلاً يعتبرون العمل العسكري، سواء كان إعتداء على ضابط شرطة او وزير، يضر بمشروعهم. إذن هم يختلفون مع الجماعة الإسلامية في هذه النقطة؟ - صحيح. فالجماعة الإسلامية تعتمد على العمل الدعوي العام ووجوب تغيير المُنكر مثل ضرب حانة أو خمّارة أو سينما. لكن جماعة الجهاد تعتبر ان ضرب هذه المنشآت، على رغم انها مُنكر من وجهة نظرهم، يضر بمشروعهم العام الأكبر وهو قيام الدولة الإسلامية، إذ أنها تركّز فقط على إختراق العسكريين والضباط بهدف القيام بإنقلاب يُسانده أعضاؤها المنتشرون سراً في المناطق. ولذلك يبدو انها جُرّت الى القيام ببعض العمليات لإثبات الوجود وحماية لعناصرها كي لا ينشقّوا عنها وينضمّوا الى تنظيمات أخرى.