عن 74 سنة، وعبر أربع مواجهات انتخابية، حقق زعيم الحزب الديموقراطي السنغالي عبدالله واد، الذي كان يوصف بالمرشح الدائم، حلمه وفاز على الرئيس عبدو ضيوف، في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية التي شهدتها السنغال أول من امس. وفي ضوء النتائج شبه الرسمية التي أظهرت أن واد الليبرالي حصل على نسبة 65 في المئة من الأصوات، تبدو السنغال اليوم امام حقبة جديدة من تاريخها، بعد حقبة حكم الحزب الاشتراكي التي بدأت مع الرئيس الراحل ليوبولد سنغور، واستمرت عبر ولايات ضيوف الرئاسية الثلاث. وكان واد الذي خاض الحملة الانتخابية مستخدماً شعاره التقليدي "سوبي"، أي التغيير باللغة المحلية، تعهد في حال فوزه حل البرلمان ومجلس الشيوخ وتنظيم انتخابات عامة، وخفض الولاية الرئاسية من سبع سنوات الى خمس سنوات، وتولي الحكم لفترة انتقالية يمهد خلالها لنقل السلطة الى جيل الشباب. وبفضل هذا الطرح استفاد واد في الدورة الثانية من تأييد قطاعات واسعة من الرأي العام السنغالي، تجاوزت نطاق حزبه وشملت اوساط اليسار واليسار المتطرّف. لكنه استفاد، من جهة اخرى، من التآكل الذي أصاب شعبية ضيوف نظراً الى طول مدة بقائه في الرئاسة نحو 19 سنة، ومن الاقتناع الذي تولد لدى العديد من السنغاليين، خصوصاً الشباب، بضرورة اختيار اسلوب آخر غير الأسلوب الذي عهدوه للحزب الاشتراكي. وأراد الرأي العام السنغالي إنصاف واد، ونقله من موقع المعارض الذي احتله منذ 26 سنة الى موقع الرئاسة، لعلّه ينجح في اخراج السنغال من الفقر والبؤس اللذين يطغيان على عيش غالبية السكان. ومعروف عن واد، وهو محام وخطيب لامع، متزوج من فرنسية، انه من أنصار المعارضة "غير العنيفة" في افريقيا، وكان صرّح مرات بأنه يرفض تولي السلطة اذا استلزم ذلك "السير فوق الجثث". ويعرف عنه أيضاً أنه "حيوان سياسي"، اعتقل مرات كما شارك عامي 1991 و1995 في حكومتين موسعتين شكلهما الحزب الاشتراكي المناهض له. في المقابل، يقال ان واد شديد التعالي متقلّب المزاج، وغير مستقّر في مواقفه السياسية، فيما يعتبر بعضهم ان الليبرالية المفرطة التي يعتمدها قد لا تشكّل حلاً ملائماً للمشاكل الاقتصادية في السنغال. وبانتظار أن يكشف تفاصيل الأداء الذي سيعتمده في الحكم، لا بدّ من الاشارة الى أن الهدوء الذي واكب فوز واد شكّل انتصاراً للديموقراطية السنغالية، خصوصاً أن هناك من كان يتوقّع تطورات دراماتيكية، ضمنها انقلاب عسكري. ضيوف أقر بهزيمته الانتخابية، واتصل بالرئيس الجديد وهنأه بفوزه، فيما شكر واد "الله والسنغاليين"، خصوصاً الشباب، لثقتهم به التي سمحت له بالانتصار.