انشغلت الاوساط السياسية والاعلامية الاسرائيلية والفلسطينية امس بأنباء خطة اعادة الانتشار من 6.1 في المئة من مساحة الضفة الغربية استناداً الى اتفاق قمة شرم الشيخ التي عقدت قبل ايام بين الرئيس حسني مبارك والرئيس ياسر عرفات ورئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك. وكانت خطة اعادة الانتشار تعطلت بعد رفض اسرائيل طلباً فلسطينياً من بندين: الاول: ان يكون هناك تشاور في رسم الخريطة الموضوعة لاعادة الانتشار فلا تنفرد اسرائيل بذلك. الثاني، ان تشمل اعادة الانتشار ثلاث بلدات في محيط مدينة القدس هي: ابو ديس والعازارية والرام. واتفق في قمة شرم الشيخ على ان تتراجع اسرائيل عن البند الاول وتقبل بإشراك الفلسطينيين في رسم الخريطة. في مقابل ذلك تراجع الفلسطينيون عن البند الثاني وقبلوا بأن تشمل اعادة الانتشار قرى اخرى غير ابو ديس والعازارية والرام. وعلى اساس هذا الاتفاق تجددت المفاوضات ورسمت الخريطة بالتشاور بين الطرفين وشملت ثلاث قرى جديدة، واحدة منها فقط تقع في محيط القدس. والثلاث الجديدة هي: قرية بتونيا التي تقع ادارياً في محيط مدينة رام الله وتبعد عن القدس مسافة 20 كلم شمالاً. وهي مصنفة حالياً في المنطقة ب التي تسيطر عليها اسرائيل امنياً، بينما يتولى الفلسطينيون الاشراف الاداري فيها، وستنقل الى المنطقة أ. قرية العبيدية التي تتبع ادارياً مدينة بيت لحم، وتقع على بعد 6 كلم جنوبالقدس، وهي في المنطقة ب وستحول الى المنطقة أ. قرية عناتا، وتتبع محافظة القدس الكبرى حسب التقسيم الاداري الاسرائيلي لها، وتبعد عن القدس مسافة 10 كلم شرقاً وتقع في المنطقة ج، قرب مستوطنة بيجات زئيف، اي المنطقة التي تخضع كلياً للسيطرة الاسرائيلية، ولم يعرف هل تنقل الى المنطقة ب ام الى المنطقة أ. وبادر التلفزيون الاسرائيلي الرسمي الى اعلان هذا النبأ، ثم اكده مصدر فلسطيني مسؤول رفض كشف اسمه، وتلت ذلك حملة احتجاجات من المستوطنين الاسرائيليين تركزت على موضوع القدس، اي عملياً على قرية عناتا. وقال ناطق باسم المستوطنين: "ان باراك يحكم حلقة حصار فلسطيني حول مدينة القدس". وما ان بدأت حملة المستوطنين حتى اعلن باراك تراجعه عن الانسحاب من قرية عناتا، وقال بيان رسمي صادر عن مكتبه "قرر رئيس الوزراء عدم ادراج قرية عناتا في نسبة 6 في المئة المقرر تسليمها الى الفلسطينيين. ان رئيس الوزراء يؤكد ان وحدة القدس تتصدر قائمة اولويات حكومته". واعلن اليمين فوراً تأييده تراجع باراك، فأشاد ارييل شارون زعيم حزب ليكود المعارض بقرار الحكومة، وقال للاذاعة: "انا مسرور لأن رئيس الوزراء اتبع توصياتنا وصحح الخريطة". وعزت اوساط سياسية هذا التراجع الى اسباب سياسية تتعلق بوحدة الائتلاف الحكومي، وليس الى اسباب امنية كما تتذرع اسرائيل دائماً، وابرز دليل على ذلك هو ان خريطة الانسحاب التي تتضمن قرية عناتا قدمها الجيش الاسرائيلي نفسه، من خلال افرايم سنيه نائب وزير الدفاع الذي قال ان باراك "كان ينوي بالفعل تسيلم عناتا لكنه عدل عن ذلك في هذه المرحلة". وعلّق السيد صائب عريقات رئيس الوفد الفلسطيني المفاوض على هذه التطورات بقوله: "لا نعرف من يفاوض باراك! أيفاوضنا نحن ام يفاوض جهات اسرائيلية اخرى؟".