بعد ساعات على اعلان البيت الأبيض قراره ايفاد المنسق الأميركي لعملية السلام دنيس روس الى القدس "لتقريب وجهات النظر" بين الاسرائيليين والفلسطينيين في شأن نسبة الأراضي التي ستتضمنها المرحلة الثانية من إعادة انتشار الجيش الاسرائيلي في الضفة الغربية، بما في ذلك مسألة أراضي "المحميات الطبيعية" المختلف عليها، أعلن أمس بدء البلدية الاسرائيلية لمدينة القدس إعداد مخطط لبناء مستوطنة يهودية جديدة على أرض في بلدة أبو ديس المجاورة، صنفتها الدولة العبرية "محمية طبيعية" يحظر البناء فيها. وأكدت الاذاعة الرسمية الاسرائيلية ان روس سيحاول اقناع الفلسطينيين والاسرائيليين ب "حل وسط" في شأن نسبة ال 3 في المئة من أصل ال 13 في المئة، والتي ستشملها إعادة الانتشار ويصر الاسرائيليون على تصنيفها محمية طبيعية تخضع لسيطرتهم الأمنية ويُمنع الفلسطينيون من البناء فيها. في الوقت ذاته شكك الرئيس ياسر عرفات بامكان تحقيق انفراج واسع خلال زيارة روس للمنطقة، وقال ان "الهوة في المواقف مع اسرائيل لا تزال واسعة". وسئل هل يتوقع نجاح روس في "تجاوز التعنت الاسرائيلي"، فأجاب: "لا اعتقد ذلك" راجع ص 3. وقال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو انه لن يسمح لأحد في ائتلافه الحكومي باعتراض اي اتفاق مع الفلسطينيين يلبي المطالب الامنية الاسرائيلية. وذكر في مقابلة نشرتها صحيفة "توركش دايلي نيوز" انه يواجه "مقاومة سياسية من الجناح اليميني المتطرف واحياناً من الجناح اليميني غير المتطرف، لكن ذلك لن يوقفني". وزاد انه "لن يتردد في عرض اي اتفاق محتمل مع الفلسطينيين على الحكومة والكنيست مشيراً الى ان دعم الرأي العام الاسرائيلي للاتفاق "اهم بكثير من الائتلاف". وقال ديفيد بار ايلان، مستشار نتانياهو، انه في حال اعتراض الائتلاف الحكومي على الاتفاق، فان نتانياهو يرى ان عليه "إما ان يلجأ الى انتخابات مبكرة وإما الى طرق اخرى لحلّ المشكلة". ونقل عن رئيس الوزراء قوله: "لو أدى الاتفاق الى سقوط الائتلاف الحكومي، فليكن". وتستقبل الحكومة الاسرائيلية روس بمثال حي لما ستؤول اليه المحمية الطبيعية المقترحة. وكشفت مصادر صحافية اسرائيلية عن بدء البلدية الاسرائيلية للقدس التخطيط لاقامة 250 وحدة سكانية لليهود في "محمية طبيعية" اشترى أرضها المليونير اليهودي الأميركي أرفينغ ميسكوفيتش، تقع قبالة جامعة أبو ديس الفلسطينية، لتشكل المستوطنة اليهودية الثانية التي تقام في قلب احياء عربية في القدسالشرقية بعد مستوطنة راس العمود. وتبلغ مساحة تلك الأرض مئة دونم اشترى ميسكوفيتش 30 دونماً منها مما يسمى "حارس املاك الغائبين" الاسرائيلي، ومنحها لمنظمة "عطيرات كوهونيم" الاستيطانية المتطرفة لتبني عليها مستوطنة جديدة. وتؤكد البلدية الاسرائيلية ان مخطط البناء يشمل أراضي تقع "ضمن الحدود البلدية للقدس" والتي اقتطعت من بلدتي أبو ديس والسواحرة الشرقية التابعتين للضفة الغربية. وأشار مدير مركز الخرائط في جمعية الدراسات العربية بيت الشرق خليل تفكجي الى ان لجنة التنظيم والبناء العليا الاسرائيلية صنفت قطعة الأرض في المخطط الهيكلي لبلدة السواحرة الغربية "منطقة خضراء" يمنع البناء فيها. وحذر من أخطار المخطط الاستيطاني اليهودي الجديد الذي "ينذر بتوسعات متتالية في الحي العربي على غرار ما حصل في مدينة الخليل". ويسيطر المستوطنون اليهود في المدينة الذين لا يتجاوز عددهم أربعمئة على عشرين في المئة من مساحة المدينة التي يقطنها 30 ألف فلسطيني، وأكد تفكجي ان المخطط الاستيطاني في أبو ديس مرتبط بمخطط مماثل في حي راس العمود للحيلولة دون قيام عاصمة للدولة الفلسطينية في الأحياء العربية من مدينة القدس. وبدأ عملياً تنفيذ هذا المخطط اذ يجري شق شارع استيطاني تحت بلدة أبو ديس يربطها بمستعمرة "جيلو" وجبل أبو غنيم جنوبالقدس. وتأخر الانتهاء من شق الطريق بعد مطالبة ميسكوفيتش بلدية القدس بتعديل وجهة الشارع ليشمل طريقاً يؤدي الى الأرض التي اشتراها من "حارس أملاك الغائبين" في البلدة. وخصصت البلدية الاسرائيلية لمدينة القدس 300 ألف شيكل 80 ألف دولار للانتهاء من المخطط، بينما تقدر نفقات بناء المستوطنة بملايين الشيكلات. وأكد قريبون الى المليونير اليهودي ميسكوفيتش ان البناء في أبو ديس سيجري بالتوازي مع بناء مستوطنة راس العمود التي أعطت بلدية القدس موافقتها الأخيرة عليها قبل اسبوع، بعد تراجع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو عن معارضته اقامتها. وذكر هؤلاء ان مستوطنين جدداً سينتقلون للعيش في المبنى الذي اشتراه ميسكوفيتش في حي راس العمود العربي يقطنه 12 ألف فلسطيني في الأيام القليلة المقبلة. وبين هؤلاء "نعمة" ابنة مدير مكتب نتانياهو، أوري التسور، وعريسها اللذان شارك نتانياهو في حفلة زواجهما أخيراً في مستوطنة "عوفرا" قرب رام الله. ونقل عن نتانياهو قوله للعروسين: "أتمنى لكما النجاح على رغم انكما لن تكونا مستوطنين عاديين، بل مستوطنين في القدس، والسكن في القدس استيطان ايضاً".