تراجع رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك عن اتفاق أبرمه مع الرئيس ياسر عرفات قبل حوالى اسبوع يقضي بأن تتضمن المرحلة المقبلة من الانسحاب العسكري الاسرائيلي بنسبة 1،6 في المئة من اراضي الضفة الغربية قرية عناتا القريبة من القدس. وسارع مكتب باراك الى اصدار بيان "طارئ" أكد فيه أن الاخير قرر حذف قرية عناتا من خرائط اعادة الانتشار "في هذه المرحلة". وقالت مصادر اسرائيلية ان باراك اتخذ قراره هذا خلال استعراض خرائط اعادة الانتشار مع نائب وزير الدفاع افرايم سنيه تمهيدا لعرضها أمام المجلس الوزاري المصغر للشؤون الامنية والسياسية اليوم الاربعاء. ومن المقرر أن تُطرح هذه الخرائط للتصويت عليها في المجلس الوزاري بكامل هيئته الاحد المقبل. وكانت مصادر فلسطينية واسرائيلية متطابقة أكدت أن باراك اتفق مع عرفات خلال اجتماع ضمهما ووزير الخارجية ديفيد ليفي في مطار اللد قبل أكثر من اسبوع على أن تشمل اعادة الانتشار المقبلة خمس قرى فلسطينية وهي: صوريف القريبة من الخليل وبيتونيا القريبة من مدينة رام الله وبلدات العبيدية وزعترة وعناتا المحاذية لمدينة القدس "كحل وسط" في ضوء اصرار باراك على الامتناع عن اعادة بلدات قريبة من القدس مثل ابو ديس والعيزرية الى السلطة الفلسطينية كما طالبت منذ زمن. وتقع قرية عناتا التي لا تتجاوز مساحتها نصف كيلومتر مربّع شمال شرقي القدس وتحاصرها مستوطنتي بسغات زئيف والنبي يعقوب. وبدا كأن باراك يلعب دوراً في مسرحية حددت سيناريوهاتها مسبقاً. فبعد ساعات من تسريب وسائل الاعلام العبرية تفاصيل الاتفاق وما تمخض عنه من تحديد المناطق التي ستشملها عملية الانسحاب، وتلتها موجة انتقادات وتصريحات نارية من اليمين الاسرائيلي، خرج باراك للاعلان عن تراجعه عن موقف سابق ضارباً بعرض الحائط ما تعهد به لعرفات والادارة الاميركية قبل أيام معدودة. وقال باراك ان القدس ستبقى "تحت السيادة الاسرائيلية الى الأبد". وحمل في بيان أصدره مكتبه على زعامة اليمين وبعض الاحزاب المشاركة في الائتلاف الحكومي بسبب الحملة "غير المبررة" على رئيس الوزراء واتهامهم له بالتفريط في القدس "وتمكين الفلسطينيين من السيطرة عليها واتخاذها عاصمة لهم". وأكدت مصادر فلسطينية مطلعة ل"الحياة" أن الاتفاق الذي تم التوصل اليه في قمة عرفات - باراك تضمنت بالفعل الانسحاب من قرية عناتا. الا أن المفاوض الفلسطيني صائب عريقات نفى في تصريحات صحافية أن يكون الطرفان توصلا الى اتفاق بعد بشأن خرائط اعادة الانتشار. وقال "لا نعرف من يفاوض باراك أيفاوضنا نحن أم يفاوض جهات اسرائيلية أخرى". ورأت مصادر اسرائيلية أن باراك خضع "لضغوطات اليمين" مرة أخرى. فقد جاء التراجع الاسرائيلي في أعقاب تجول عدد من قادة اليمين ومن بينهم رئيس البلدية الاسرائيلي ايهود اولمرت بهدف التأكيد على معارضة خطة باراك تسليم مناطق في محيط القدس. واتهم ممثلو مجلس المستوطنات اليهودية في الاراضي الفلسطينية باراك بمحاولة "عزل الاحياء اليهودية" الواقعة شمال القدسالشرقية بإعادته قرية عناتا الملاصقة لهذه المستوطنات ولا يفصلها عن مستوطنة بشغات زئيف على سبيل المثال سوى الشارع العام. ونُقل عن شاون قوله ان حزب "ليكود" لن يسمح بتقسيم القدس وان المعركة التي سيقودها الحزب هي من أجل المدينة. وقال مسؤول ملف القدس في منظمة التحرير الفلسطينية السيد فيصل الحسيني ل"الحياة" ان الاراضي التي ستنسحب اسرائيل منها في المرحلة الحالية "قليل من كثير عليها اعادته" مؤكداً أن بلدة عناتا وقريتي العبيدية وزعترة لا تدخلان ضمن حدود القدس بشطريها الغربي والشرقي" وأن أي انسحاب يشمل قرى العيزرية والرام وابو ديس لا يعتبر انسحاباً من مدينة القدسالمحتلة. ورحب الحسيني - قبل تراجع باراك - بالانسحاب الاسرائيلي المحتمل من عناتا مشيراً الى "اننا مستعدون لنقل سيادتنا الى أي شبر ينجلي عنه الاسرائيليون... ولكن على الجميع أن يعرف أن القدس ليست عناتا ولا الرام ولا العيزرية وان اتفاق اوسلو نص على أن اسرائيل ستخلي كافة أراضي الضفة الغربية باستثناء القدس والمواقع العسكرية المحددة والمستوطنات".