نزل الخلاف الحكومي - الإسلامي حول أوضاع المرأة الى الشارع المغربي، أمس، وساهمت تظاهرتان حاشدتان في الدار البيضاءوالرباط في تفجير التناقضات إزاء التعاطي مع خطة اقترحتها الحكومة "لادماج المرأة في التنمية". سار في تظاهرة الدار البيضاء نحو مئتي ألف شخص من النساء والرجال ينتسبون في غالبيتهم الى تيارات اسلامية، في مقدمها جماعة "العدل والاحسان" المحظورة وحزب "العدالة والتنمية" الذي يتمثل بنواب في البرلمان. فيما تشكلت مسيرة الرباط من بضعة آلاف ينتمون الى تنظيمات غير حكومية، لكن أهم أحزاب الائتلاف الحكومي، خصوصاً الاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية والاستقلال، اعلنت عن مساندتها هذه التظاهرة التي انضم اليها شبان عاطلون عن العمل من حملة الشهادات الجامعية. ووصفت أوساط تظاهرة الدار البيضاء خطة الحكومة بأنها "تمليها المؤسسات الدولية وتتعارض مع تعاليم الشريعة الاسلامية". في حين ركزت تظاهرة الرباط على شعارات انصاف المرأة واحتلالها موقعاً في مراكز القرار ومناهضة العنف والفقر والتهميش. وشارك في تظاهرة الرباط أ ف ب كاتب الدولة لشؤون الحماية الاجتماعية سعيد سعدي، الذي أعد المشروع الحكومي، ووزير الاستثمار الزراعي محمد اليازغي والوزير المكلف العلاقات مع البرلمان محمد بوزوبعة. لكن تنظيم "البديل الحضاري" وصف المسيرتين بأنهما "يقسمان الشعب المغربي الى فريقين، واحد مع الخطة والآخر ضدها". ودعا في بيان تلقته "الحياة" الى عدم "الزج بالمرأة في خلافات سياسية". وتعتبر تظاهرة الدار البيضاء الضخمة أهم اعلان عن حجم التيارات الاسلامية التي أفادت من الجدل القائم حول الخطة وانضمت اليها شخصيات نافذة من رجال الدين والسياسة. في حين رأت مصادر ديبلوماسية في تلك التظاهرة ايذاناً بانفتاح التيارات الاسلامية ازاء العمل المشروع، خصوصاً أنها المرة الأولى التي يشارك فيها عدد بهذا الحجم في تظاهرة حول قضية داخلية، لكن بعض المشاركين في المسيرتين تبادلوا الاتهامات باستخدام الملف لاهداف سياسية. وفي الرباط اعتبرت نساء شاركن في التظاهرة ان المشاركات في تظاهرة الدار البيضاء "ارغمن على المسيرة تحت ضغط أزواجهن". لكن مشاركين في تظاهرة الدار البيضاء قالوا ان بعض المشاركين في الائتلاف الحكومي ضغط في اتجاه تحريك النساء لحشد التأييد لخطة يعتبرها "مرفوضة". وينص المشروع الحكومي على اجراءات اقتصادية واجتماعية لمصلحة المرأة، منها رفع سن الزواج للفتيات من 15 الى 18 سنة وتقاسم الممتلكات في حال الطلاق ومنع تعدد الزوجات أو جعل اعتماد وصي على المرأة لدى زواجها امراً اختيارياً.