} استدعى الاعتداء الاسرائىلي على لبنان فجر امس اتصالات دولية وعربية لمنع التدهور، وعقد جلسة استثنائية لمجلس الوزراء أكد خلالها رئيس الجمهورية أميل لحود تمسّك لبنان بتفاهم نيسان ابريل "شرط ان تكف اسرائيل عن محاولة ايجاد معادلات ميدانية جديدة خارج اطاره"، في حين رأى رئيس الحكومة سليم الحص "ان لبنان لن يحمي الاحتلال الاسرائىلي لارضه في أي حال من الاحوال"، واعتبر ان ليس من حق اسرائيل الانسحاب من تفاهم نيسان. تلقى الرئيس لحود اتصالاً هاتفياً من العقيد الركن الدكتور بشار الأسد أبلغه خلاله مبادرة سورية بالاسهام في تصليح الاضرار التي لحقت بمحطات الكهرباء الثلاث، فيما تلقى الرئيس الحص اتصالاً هاتفياً من وزير الخارجية السورية فاروق الشرع، وبحثا في انعكاسات الضربات الاسرائىلية. وعبّر الشرع عن "تضامن سورية الكامل" مع لبنان في مواجهة هذه الاعتداءات. وكان الرئيس لحود حمّل خلال انعقاد جلسة مجلس الوزراء اسرائيل "مسؤولية تردي الاوضاع والنتائج المترتبة عنها"، مشيراً الى "ان هذا النهج العدواني ليس جديداً على لبنان، وان اسرائيل تعمدت عرقلة المفاوضات الاخيرة لخلق المزيد من الضغوط على لبنان وسورية على رغم المواقف الايجابية التي أبديناها حيال عملية السلام مع التمسك بالثوابت الوطنية القاضية بالزوال الكلي للاحتلال وتقرير حق العودة للاجئين الفلسطينيين. وأضاف "ان اسرائيل دأبت في الاسابيع الماضية على الخرق اليومي لتفاهم نيسان من خلال التعرض للمدنيين في الجنوب على رغم كون لبنان ومقاومته التزما سقف التفاهم، وبلغ هذا التمادي حدوده القصوى بما حصل ليل امس أول من أمس من اعتداء بربري على المنشآت المدنية". وأشار الى "ان اسرائيل تتحمل وحدها النتائج المترتبة عن سقوط تفاهم نيسان اذا استمرت في التصرف على أساس اعتبارها أنه غير موجود"، مؤكداً "ان هذه الاعتداءات لن تؤدي الى خلق معادلة ميدانية جديدة لمصلحة اسرائيل خصوصاً في ما يتعلق منها بالمقاومة بالقيام بعمليات يومية ضد العدو المحتل حتى زوال الاحتلال". وشدّد في المقابل على "ان لبنان متمسّك بتفاهم نيسان شرط ان تكف اسرائيل عن محاولة ايجاد معادلات ميدانية جديدة خارج اطاره". وأطلع لحود مجلس الوزراء على تلقيه اتصالاً صباحاً من العقيد الأسد يبلغه فيه المساهمة في تصليح الأضرار. وأعطى توجيهاته للوزارات والادارات الرسمية للاهتمام بالجرحى ومعالجتهم على نفقة وزارة الصحة والمباشرة فوراً بتصليح الاضرار التي لحقت بالبنى التحتية واستعمال الارصدة التي تبرع بها العرب واللبنانيون لهذه الغاية "مجسدين أبهى صور التضامن العربي والوحدة الوطنية". وتحدث الرئيس الحص، خلال الجلسة، فاعتبر ان "اسرائيل تريدنا ان نحمي جنودها على أرض لبنان. اذا كانت الجريمة التي ارتكبتها اخيراً بضرب اهداف مدنية رداً على العمليات التي قامت بها المقاومة خلال الايام الاخيرة، فيجب ان يكون معلوماً ان المقاومة لم تخرق تفاهم نيسان، اذ اقتصرت عملياتها على الاهداف العسكرية داخل لبنان، أما اسرائيل فمزقت تفاهم نيسان بضربها اهدافاً مدنية في العمق اللبناني، وليكن معلوماً ان لبنان لن يحمي الاحتلال الاسرائىلي لارضه في أي حال من الاحوال. فالمقاومة حق مشروع لأي شعب تقع أرضه تحت الاحتلال". وطالب "المجتمع الدولي ولا سيما منه الدول الكبرى ادانة هذا العدوان الغاشم الذي يعتبر تخريباً على مسيرة التسوية ونقضاً لزعم اسرائيل استعدادها للانسحاب من لبنان، وما حصل هو أولاً وأخيراً جريمة بشعة في حق الانسان في لبنان. فأين دعاة حقوق الانسان في العالم مما حدث؟". واوضح وزير الاعلام أنور الخليل عقب الجلسة ان المجلس "نوّه بالجهود الممتازة وبالتحرّك السريع الذي قامت به أجهزة الجيش والدفاع المدني التي هبت لمساعدة الاهالي واطفاء الحرائق وإزالة الركام". ولأهمية الحدث، اختار الرئيس الحص الاجابة عن اسئلة الصحافيين شخصياً، فقال تعليقاً على التصريحات الاسرائىلية ان تل أبيب لم تعد ملتزمة بتفاهم نيسان "ليس من حق اسرائيل ان تنسحب من لجنة تفاهم نيسان في شكل أحادي، لان التفاهم عقد بين خمسة أطراف: الولاياتالمتحدة الاميركية وفرنسا اللتان تترأسان اللجنة بالتناوب، وسورية ولبنان واسرائيل، وخروج اسرائيل من التفاهم هو ادانة لها والاعمال التي تقوم بها، ونعتبر انها تتحمل مسؤولية ما يحصل مضاعفاً بعد تعليقها عضويتها في لجنة التفاهم". وعن تحرك لبنان الدولي لمواجهة الاعتداءات بهدف الضغط على تل أبيب، قال انه دعا "صباحاً سفير الولاياتالمتحدة الأميركية في لبنان ديفيد ساترفيلد والقائم بأعمال السفارة الفرنسية فرنسوا سينيمو للإجتماع وتحدثت مع كل منهما في موضوع العدوان الاسرائيلي الغاشم الجديد وطلبت منهما نقل استنكار لبنان الشديد لما حصل، وطلبت موقفاً واضحاً من حكومتيهما. وكذلك نقلت اليهما طلب لبنان عقد اجتماع عاجل للجنة تفاهم نيسان يخلص للبحث في العدوان المستجد، ولقيت منهما تفهماً لموقف لبنان ودعماً لدعوته اللجنة الى الانعقاد. وبعثنا برسالة الى الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان نطلعه فيها على حقائق ما حدث ونطلب منه العمل لردع اسرائيل عن المزيد من الاعتداءات على لبنان، وتعميم هذه الرسالة على اعضاء مجلس الامن الدولي". وأشار الى "ان اللجوء الى مجلس الامن يتم اذا كانت لنا مصلحة في ذلك، وإذا كنا نضمن النتيجة التي تصب في مصلحة لبنان"، قائلاً "اننا نقوم بمشاورات في هذا الصدد لكن نتيجة المشاورات التي عقدناها حتى الآن لم تكن مشجعة في هذا الإتجاه". وأكد الحص رداً على سؤال عن الدعوة الى اجتماع لوزراء الخارجية العرب او عقد قمة عربية، ان "كل الاحتمالات واردة لكن خيارنا الاول هو اللجوء الى لجنة تفاهم نيسان لانها صاحبة الاختصاص في هذا الموضوع. فالتفاهم يحرّم التعرض للأهداف المدنية، وكل الاهداف التي ضربتها اسرائيل كانت مدنية وفي العمق اللبناني". وأشار الى انه لا يملك دراسة دقيقة وشاملة عن حجم الأضرار التي خلفها العدوان وحاجات اعادة التصليح. وفي اجابته عن اسئلة الصحافيين الأجانب جدد الحص موقفه ان ليس من حق اسرائيل الانسحاب من لجنة تفاهم نيسان. وأمل "بأن تستمر مفاوضات السلام"، مشدداً على "ان لبنان وسورية ملتزمان العملية السلمية، ويأملان بألا تتأثر بما حصل على رغم اعتقادنا ان الغارات الاسرائيلية الاخيرة على اهداف مدنية لبنانية قد تتسبب في بعض التأخير". ورأى ان في الكلام على ان عملية تصليح محطة الجمهور ستستغرق سنة وكلفتها مئة مليون دولار "بعض المبالغة"، موضحاً "ان الضرر الذي لحق بها كان شبه كلي وأصبحت معطلة كلياً. إذ أصيب 11 محوّلاً فيها من أصل 12 ومحطة التحويل في بعلبك أصيبت اصابة بالغة وتعطلت كلياً، وكذلك الأمر بالنسبة الى محطة دير نبوح. التصليحات اللازمة ستباشر منذ اليوم، وبعضها سيكون تدريجياً وسندرس النتائج تباعاً، ولكن، بلا شك، ستمضي ايام قبل ان نلمس هذه النتائج في شكل محسوس. والأمر قد يتطلب في بعض جوانبه اكثر من شهر وبعض النتائج يمكن ان تُلمس قبل ذلك". وكان الرئىس الحص قال فجر امس، عقب الغارات الاسرائيلية، "هذا قدرنا ان نتلقى العدوان من اسرائيل مضاعفاً، انها تحتل ارضنا وتضرب أهدافاً مدنية حتى تمنع الشعب اللبناني من التعبير عن رفضه الإحتلال الغاشم، وما المقاومة إلا تعبير عن رفض لبنان كله واقع الإحتلال. وإذا كان هدفها من تصعيد عدوانها بضرب اللبنانيين في معيشتهم سبيلاً للتسليم بواقع الاحتلال، فقد خاب ظنها. فاللبنانيون كانوا ولا يزالون وسيبقون صوتاً واحداً ويداً واحدة في الإصرار على تحرير أرضهم مهما بلغ صلف العدو وجبروته. نحن نتسلح بقوة حقنا وصدق إيماننا ووحدة ارادتنا، ونتسلح بالشرعية الدولية المتمثلة بقرارات الأممالمتحدة التي تضرب بها اسرائيل عرض الحائط، والعدو يتسلح بتكنولوجيا الحرب المدمّرة، وقد برهنت الأيام ان سلاحنا اقوى من سلاحه وأبقى، من هنا منعة صمودنا وإرادتنا ولا شيء يثنينا عن موقفنا مهما بلغت التضحيات ونحن في هذه الوقفة إنما نذود عن كرامة العرب جميعاً ونجسّد إباءهم". وأعرب السفير ساترفيلد عقب لقائه الحص عن "أسفه للأضرار التي لحقت بالبنى التحتية المدنية وأيضاً للجرحى من الشعب اللبناني من جراء الاعتداءات". وأعرب عن "قلق بلاده من الوضع الراهن"، مطالباً "ببذل جهود كبيرة لتهدئة الأوضاع". بري وقال رئيس المجلس النيابي نبيه بري في تصريح أمس أن "ما يحصل الآن مسؤولية عربية شاملة"، وذكّر بأن لبنان "ضرب قبل أمس على طريقة من بيت أبي ضربت، عندما هددته اسرائيل، من مناطق عربية، وتم السكوت". وأضاف "ان المقاومة خصوصاً في العمليات الأخيرة كانت ملتزمة تفاهم نيسان حرفياً، واستهدفت جنوداً اسرائيليين في الأراضي اللبنانيةالمحتلة. أما أن يحصل رد على منشآت حيوية في كل أنحاء لبنان فمعنى ذلك أنه رسالة اسرائيلية وقد وصلت. لم يتأخر الإسرائيليون في التعبير عنها وهو أن تفاهم نيسان انتهى". وأضاف "ان لبنان متمسك بالتفاهم، بمقدار ما يتمسك بالمقاومة، ولا يمكن اسرائيل أن تلغيه من طرف واحد، وهو بالتالي مسؤولية تشبه مسؤولية دولية، خصوصاً ان هناك رعاية أميركية وأوروبية له". وشكر لسورية "استعدادها للإسهام في تصليح منشآت الكهرباء التي دمرتها اسرائيل، الأمر الذي يؤكد أن اسرائيل تدمر وسورية تعمر، ويؤمل أن يكون هناك موقف عربي موحد لعدم استفراد لبنان لأن الذي يحصل الآن هو من الوجهة السياسية أخطر مخطط اسرائيلي بعد احتلال العام 1978. وانشاء الشريط الحدودي، لأن اسرائيل تقول بالفم الملآن ما معناه أنها ستبقى في لبنان وان المقاومة ممنوعة علينا، وأنها ستبقى في الجولان، وان الاستفادة من التضامن والتنسيق مع لبنان ممنوعة على سورية. وفي ردود الفعل، قال وزير الداخلية ميشال المر ان "لبنان سيبقى في حال ترقب لأي اعتداء جديد، ما دامت التهديدات مستمرة، وهو مهيأ لكل الاحتمالات". واعتبر ان قصف محطات الكهرباء "خارج عن بنود تفاهم نيسان، واذا حضرت اسرائيل اجتماع اللجنة أم لم تحضر، فان لبنان يقوم بواجبه". ورأى نائب رئيس المجلس النيابي ايلي الفرزلي ان "الاعتداء الوحشي على البنى التحتية ونقض اسرائيل تفاهم نيسان يبرئان المقاومة من أي رد فعل ولو استهدف شمال اسرائيل". واتصل البطريرك الماروني نصرالله صفير من روما بالرئيس لحود مستنكراً الاعتداء ومعلناً تضامنه مع الموقف اللبناني. وقالت أوساطه أنه سيثير الموضوع مع البابا يوحنا بولس الثاني خلال لقائهما بعد يومين. كذلك اتصل رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى الإمام محمد مهدي شمس الدين بالرئيسين لحود والحص مستنكراً ومتضامناً وداعياً اللبنانيين الى الالتفاف حول الموقف الرسمي. وأعلنت كتلة الرئيس رفيق الحريري النيابية وقوفها الى جانب لحود والحكومة في التصدي للعدوان، واضعة كل إمكاناتها في تصرّف الدولة، ومهيبة بكل القوى اللبنانية ان تحذو حذوها. وأيّدت التزام الحكومة وحدة المسار والمصير مع سورية، معتبرة ان تنكّر اسرائيل لتفاهم نيسان "هو من جانب واحد"، ومناشدة المجتمع الدولي "التحرّك سريعاً للجم العدوان". وطالب رئيس لجنة الشؤون الخارجية النيابية علي الخليل الحكومة بتقديم شكوى عاجلة الى مجلس الأمن.