سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
رئيسا الجمهورية والحكومة يؤكدان أن الضغوط الإسرائيلية لن تغير في الثوابت . لبنان يقرر رفع شكوى إلى محكمة العدل لتعويض الأضرار ويتمسك بتفاهم نيسان ويسرع ورشة الإعمار والتصليح
قرر لبنان أمس رفع دعوى الى محكمة العدل الدولية في لاهاي على اسرائيل لتعويضه الأضرار التي ألحقها عدوانها الأخير به. وآثر عدم تقديم شكوى الى مجلس الأمن الدولي كي لا يصدر قراراً يعدل في القرار الرقم 425، معتبراً ان لجنة المراقبة المنبثقة من تفاهم نيسان أبريل ما زالت الاطار الصحيح لمعالجة هذا الوضع. وأكد رئيسا الجمهورية والحكومة إميل لحود وسليم الحص ان هذا العدوان لن يغير في الثوابت اللبنانية القائمة على وحدة اللبنانيين ودعم المقاومة وتلازم المسارين اللبناني والسوري والاصرار على انسحاب اسرائيل من دون قيد او شرط. عقد مجلس الوزرء امس جلسة استثنائية في مقره في المتحف للبحث في خلفيات العدوان الاسرائىلي الاخير على لبنان. وترأسها الرئيس لحود الذي استهلّها "بتحيّة إجلال لشهداء العدوان، والوقوف دقيقة صمت على أرواحهم الطاهرة، طالباً "ان يصنّفوا شهداء الواجب الوطني". واطلع المجلس على الرسالة التي وجهها صباح امس الى اللبنانيين على أثر العدوان، وجاء فيها "بعد ليلة الاجرام الاسرائىلي الذي طاول المدنيين شهداء وجرحى والمنشآت الحيوية قصفاً وتدميراً، أتوجّه اليكم مقيمين ومغتربين برسالة مختصرها المحبة والامل والعمل، وأتوجّه من خلالكم الى الاشقاء العرب والاصدقاء في العالم بكلمة مختصرها الحق والعدل والمساهمة". واضاف "اننا في مواجهة عدو يحتلّ أرضنا ويستبيح ماءنا وسماءنا ويزرع في شعبنا ورزقنا القتل والدمار رافضاً السلام ومستنداً الى منطق القوة، اننا في مواجهة كهذه نملك الكثير، قوة الحق وسلاح الوحدة وخيار المقاومة. انها ربما مواجهة غير متكافئة في الاسلحة والامكانات، لكنها مؤلمة للعدو وستظل كذلك الى ان يزول الاحتلال ويعود الحق الى اصحابه. انها في المقابل مواجهة تؤلمنا في شهدائنا وخسائرنا الى ان نسترد هذا الحق وهي اذ احملناها جميعاً تهون على كل فرد منا، لذلك ادعوكم الى انطلاقة جديدة عنوانها التضامن والمحبة والالتفاف الوطني والتسامح وشبك الأيدي والسواعد". ودعا "القادرين منكم، مقيمين ومغتربين، كلٌ على قدر استطاعته، الى المساهمة المباشرة مع الدولة وفي سرعة في اعمار ما تهدّم تعبيراً عن استمرار الحياة وصلابة الحق". وتابع "أيها اللبنانيون، في تحمّل اعباء هذه المواجهة ونتائجها التي تفوق الواردات والطاقات أتوجّه الى الاصدقاء في العالم وأقول إننا دعاة سلام عادل وشامل في المنطقة، فالسلام الحقيقي وليس أي سلام هو خيارنا الاستراتيجي، وهو خيار سورية، اسرائيل لا تزال تناور في اجزاء السلام وجزئياته هنا وهناك، وتعيش منطق القوة، واضعة هذه المنطقة الحساسة من العالم على فوهة بركان من دون رادع ومتكلة على ان العدالة الدولية ذات مكيالين. أما نحن فأصحاب ايمان. القوة قد تؤجّل الحق لكنها لا تنفيه ابداً". وحثّ لحود الوزراء المعنيين على الاسراع في تصليح الاضرار لاعادة الكهرباء الى المنازل والمؤسسات والشركات وتصليح الجسور والطرق لاعادة استعمالها. وطلب "اجراء اللازم قانوناً لمطالبة اسرائيل بتعويض الاضرار الناتجة عن اعتداءاتها". وأكد "الموقف البناني الواحد والموحد في اتجاه وحدة الصف بين الشعب ككل والدولة ووحدة المصير والمسار مع سورية - الأسد، وفي كل ما يتعلق بالثوابت الوطنية والقومية". وختم "اننا مصممون على إكمال الطريق الذي رسمناه، ولن تتمكّن اسرائيل من تعديل المسار مهما اشتدّ الضغط الذي تحاول ممارسته علينا". وتحدث الرئيس الحص فقال "عادت اسرائيل لتذكرنا مرة اخرى بهمجيتها، وسقطت مقولة الاعتدال المزعوم للقيادة الاسرائىلية الجديدة، وسقطت معها الآمال المعلقة على استئناف مسيرة السلام العادل والشامل، ولا تنطلي علينا عملية توزيع الأدوار بين حكم اسرائيلي مغادر وحكم اسرائيلي مقبل. اذا كان هذا العدوان الغاشم تعبيراً عن أسلوب اسرائيل في مقاربة عملية السلام، واذا كانت اسرائيل تعتقد انها به تستطيع ان تملي على لبنان شروطها، فنحن نؤكد ان اعتداءاتها مهما بلغت من وحشية لن تثنينا عن مواقفنا المبدئية ولن تؤثّر في تمسّكنا بحقنا في أرضنا وكرامتنا ووحدة المسارين اللبناني والسوري". وقال وزير الاعلام أنور الخليل الذي أذاع المقررات ان الرئيس الحص دعا الهيئة العليا للاغاثة لتقرير الحاجات المطلوبة. وتحدث عن اتصالات متواصلة أجراها الرئيس لحود مع جميع الافرقاء المعنيين، واتصالات للرئيس الحص مع سفيري لبنان في واشنطن فريد عبود والاممالمتحدة سمير مبارك، لوضع سفراء كل الدول في صورة ما يحدث في لبنان، واطلاع الامين العام للامم المتحدة كوفي أنان على أجواء العدوان. وأوضح ان الرئيس الحص طلب من لجنة المراقبة المنبثقة من تفاهم نيسان ابريل الاجتماع فوراً لمعالجة الوضع. وأضاف "ان ليس من مصلحة لبنان ان يسقط التفاهم، لان اللجنة أقامت معادلات نعتبر بقاءها ضرورياً في هذه الظروف، واسرائيل تسعى جاهدة الى انهاء عمل اللجنة". وتابع "ان اللجنة هي أفضل ما لدينا الآن لمعالجة الامور". وقال "ان لبنان لن يطلب انعقاد مجلس الأمن لان ذلك يفترض صدور قرار عنه، ونحن قرارنا بين أيدينا وهو القرار الرقم 425، ولا حاجة اطلاقاً الى قرار آخر، تخوّفاً من تعديل بعض اجزائه". وقال ان "مطالبتنا اسرائيل بتعويض الاضرار لها مسار قانوني هو اللجوء الى محكمة العدل الدولية في لاهاي، لانها تعوّدت ان تعتدي علينا من دون ان يكون هناك، على الأقل، رادع مالي". وتابع ان ثمة تصليحات موقتة لما تهدّم من جسور، لكنها سيعاد بناؤها في مدة قصيرة جداً. وأعلن "ان لبنان واع أن ليس من حد للاعتداءات الاسرائىلية، ويجب الا نكون مرتاحين الى نياتها. ولكن لا شيء يردع اسرائيل سوى الموقف الوطني الواحد والتأكيد مجدداً ان صلابتنا تزداد كلما ازداد الضغط الاسرائىلي في اتجاه العدوان". وأضاف "ان لبنان ليس مستعداً ان يبرىء أي مسؤول اسرائيلي من هذه الجريمة، مشككاً في نفي إيهود باراك انه لم يكن على علم بالعدوان، اذ لو كان كلامه صحيحاً لكان عليه ان يندد به، خصوصاً انه استمر ساعات". ورأى "ان ما حصل توزيع ادوار اسرائيلي، ولا يشجع اطلاقاً ويضع علامات استفهام كبيرة على حقيقة نيات باراك في شأن السلام". وقال "اننا سنتّصل بالدول الصديقة لتسريع تصليح الاضرار". وأعلن ان جلسات مجلس الوزراء مفتوحة. قبل الجلسة وكان الرئيس لحود عاد بعض الجرحى الذي سقطوا من جراء العدوان، وصرّح فور وصوله الى مقرّ مجلس الوزراء، للصحافيين "تأكدوا اننا اصحاب حق. هم يحتلون أرضنا ومهما فعلوا لن يقدروا علينا. سنبقى على موقفنا. حاولوا في جزين ولم ينجحوا، ثم حاولوا في صيدا كي تقوم القيامة فلم يفلحوا. الآن يعملون ما يعملون وقد نرى أموراً اخرى، لكنهم لن يتمكنوا منا لسبب واحد اذ للمرة الاولى الدولة والشعب الذي منه الجيش الوطني والمقاومة، واحد، اضافة الى التنسيق الكامل مع اخواننا السوريين، ولن يتمكن منا احد، كونوا أكيدين. ليحاولوا قدر ما يريدون. نحن سنصلح والامور ستمشي كما هي وأحسن من قبل، فللمرة الاولى الاسرائىليون متضايقون وهم يرجوننا كي يغادروا". وفي حديث مباشر مع شبكة "سي.ان.ان." الاميركية، دان الرئيس الحص العدوان وحمّل باراك المسؤولية. واستغرب المزاعم الاسرائىلية انه لم يكن على علم بالعدوان، نافياً وجود اتصالات مباشرة بين لبنان واسرائيل، قائلاً "نحن نتّصل ديبلوماسياً بعواصم العالم خصوصاً واشنطن وباريس". واجتمع مع السفير الفرنسي في لبنان دانيال جوانو وحمّله رسالة شفوية الى حكومة بلاده يشرح فيها العدوان واضراره. ووجّه مندوب لبنان الدائم في الاممالمتحدة رسالة الى أنان شرحت نتائج العدوان، واعتبرت انه "خرق فادح لتفاهم نيسان تمهيداً لتصعيد كبير، وعرقلة لمساعي السلام". وطلبت منه "القيام بالاتصالات اللازمة واجراء ما يلزم لوقف الاعتداءات".