يقود ولي العهد السعودي نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني الأمير عبدالله بن عبدالعزيز تحركاً سعودياً يستهدف "إحياء التضامن العربي"، فيبدأ اليوم جولة على القاهرةفدمشق ثم بيروت، يرافقه وفد سعودي رفيع المستوى يضم أمير منطقة الرياض الأمير سلمان بن عبدالعزيز ووزير الخارجية الأمير سعود الفيصل. وعزز مجلس الوزراء السعودي الذي عقد امس في الرياض، برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز، هذا التوجه إذ بحث وفقاً ل"وكالة الانباء السعودية" في "الوسائل والاساليب والآليات المناسبة لتوحيد الجهود وتعزيز التضامن وتكثيف التعاون العربي". وأكد الملك فهد ان السعودية "تبذل كل جهد ممكن في سبيل ... وحدة الصف ولم الشمل"، مشدداً على "ثبات" دعم "الرياض التضامن العربي وحرصها على تحقيق الاهداف العربية في سبيل نيل العرب حقوقهم وخدمة مصالحهم". وكان الأمير عبدالله اجرى في الايام الاخيرة اتصالاً مع الرئىس المصري حسني مبارك ثم استقبل موفداً منه، وتلقى رسالة من الرئيس السوري حافظ الاسد نقلها وزير الخارجية فاروق الشرع. وأكدت مصادر ديبلوماسية عربية "اهمية" زيارة الأمير عبدالله لمصر وسورية ولبنان "خصوصاً في وقت تمر عملية السلام بمرحلة جمود وتعثر متكرر بسبب مماطلة اسرائيل وتعنتها". وقال ديبلوماسي خليجي في الرياض ل"الحياة" ان "المعول على هذه الجولة كبير جداً إذ تعودنا نتائج ايجابية لتحركات الأمير عبدالله خصوصاً على الساحة العربية". وأفادت مصادر مطلعة ان المحادثات التي سيجريها ولي العهد السعودي ستركز على "بحث فرص عقد قمة عربية يحضرها الجميع، وتدعم موقف المفاوض العربي في عملية السلام على كل المسارات بما يكفل عودة الحقوق والاراضي العربية المحتلة". ولفتت الى ان التحرك السعودي، ممثلاً بجولة الأمير عبدالله، سيكون بمثابة الاعداد الجيد للقمة العربية الشاملة. وكان وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل نفى الأسبوع الماضي بشدة ان تكون بلاده تعمل على اعاقة الجهود المبذولة لعقد قمة عربية، مؤكداً ان السعودية "لم تتوان في حضور اي قمة عربية في أي مكان من العالم العربي بغض النظر عن المشاركين فيها ودواعي انعقادها حفاظاً على وحدة الصف العربي". وشرح الموقف السعودي من القمة بالتساؤل "ألم يأن الأوان بعد كل هذه القمم على امتداد العقود الماضية كي نراجع أنفسنا لتلمس أفضل ما تعلمناه من انعقاد القمم السابقة وأهم ما يجب علينا اعداده وتهيئته للقمم اللاحقة قياساً على مخزون تجاربنا ورصيد خبراتنا؟". الى ذلك قال مصدر سعودي ل"الحياة" ان القمة في حد ذاتها "ليست شكلاً من أشكال التضامن العربي، ولا ادل على ذلك من ان قمة 1990 كانت سبباً في فرقة العرب وتباين مشاربهم السياسية وتناولهم للقضايا المطروحة". وشدد على ان "الاعداد الجيد للقمة يعني ان يكون لها جدول اعمال واضح ومحدد". وتوقع مصدر ديبلوماسي ان يكون هدف التحرك السعودي هو تركيز موضوع القمة على العلاقات العربية -الاسرائيلية والمفاوضات في اطار عملية السلام والاعتداءات الأخيرة على لبنان، ودعم موقف المفاوض العربية في العملية السلمية". وزاد "ان ذلك يمكن ان يجعل النتائج المرجوة من القمة اقرب الى الايجابية، ففي السابق كانت كل دولة عربية تحرص على ان تحول مسار القمة لصالح سياساتها من دون الدول الاخرى، ما يتسبب باتساع الشرخ في التضامن العربي". ورحبت القاهرة بزيارة الامير عبدالله، وعبرت مصادر سياسية عن الارتياح الى "منظومة" التنسيق مع الرياض ووصفتها بأنها "رفيعة المستوى". وقالت المصادر ل "الحياة" إن الزيارة تأتي في وقت دقيق بسبب "تعطل مسارات عملية السلام، والاعتداءات الاسرائيلية المتكررة على لبنان"، واعتبرتهها "تفعيلاً للتنسيق المصري - السوري والسعودي الذي كان بدأ قبل أربع سنوات التأمت على أثره آخر قمة عربية في القاهرة في حزيران يونيو 1996". ونوّه الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور عصمت عبدالمجيد بأهمية محادثات الرئيس حسني مبارك والامير عبدالله. وقال ل "الحياة" إن المحادثات، التي تأتي في إطار التحركات العربية الاخيرة، "تخدم التنسيق والتشاور العربيين" وتفيد في تحضير الاجواء ل"قمة" اعتبرها عبدالمجيد "ضرورية ومُلحة". وفي بيروت قالت مصادر ديبلوماسية ورسمية في بيروت ان الامير عبدالله سيزور العاصمة اللبنانية التي ينتقل اليها من دمشق صباح الخميس جواً، ويلتقي رئيس الجمهورية إميل لحود لتأكيد تضامن المملكة العربية السعودية مع لبنان في مواجهة الاعتداءات والتهديدات الاسرائيلية. ويعقب اللقاء غداء يقيمه لحود على شرف ولي العهد السعودي الذي يبيت ليلته في بيروت ويجري لقاءات مع عدد من الشخصيات، ثم يغادر يوم الجمعة. ووصل الى بيروت امس وفد سعودي ثم اجتمع الى مسؤولين في الرئاسة تحضيراً للزيارة.