استقبل الرئيس حسني مبارك في القاهرة أمس كلا من الرئيس ياسر عرفات ووزير العدل الإسرائيلي يوسي بيلين، واستعرض مع الجانبين العقبات امام عملية السلام. واعلن وزير الخارجية المصري عمرو موسى ان المحادثات بين مبارك وعرفات التي اقتصرت عليهما في البداية قبل ان ينضم اليهما أعضاء الوفدين، تناولت الصعوبات التي تواجه عملية السلام خصوصا على المسار الفلسطيني، واوضح أن هناك دراسة متعمقة للاوضاع الراهنة على المسارات المختلفة والوضع السلبي العام، خصوصاً على المسار الفلسطيني وسبل التغلب على العقبات الكبيرة القائمة التي قال أن أهمها "التواريخ التي تأتي وتذهب من دون تحقيق أي تقدم أو تغيير". وعن زيارة بيلين للقاهرة التي سبقت زيارة عرفات، أوضح موسى أنها تأتي في إطار التشاور مع الجانب الإسرائيلي ومعرفة المدى الذي يمكن أن يتحرك فيه الإسرائيليون، مؤكداً أن هذه مسألة مهمة وضرورية. وأكد أن الاتصالات المصرية مع الجانبين السوري واللبناني لم تنقطع وأنها مستمرة على الدوام "في ما يتعلق بالمسارين وبالتنسيق العربي". وفي رده على سؤال عما أعلنه بيلين من أن مبارك متفائل إزاء عملية السلام والأسباب التي استند اليها في الإعلان عن ذلك، قال موسى: "إنني لم اسمع ما قاله بيلين عن تفاؤل مبارك"، معرباً عن اعتقاده بأن الصعوبات القائمة وضعت الكثير من السحب الداكنة بالنسبة الينا جميعاً حتى نكون متفائلين بالطريقة السهلة التي نقلها بيلين الى الصحافيين". وفي اشارة الى ما أعلنه رئيس الوزراء الإسرائيلي أيهود باراك عن الانسحاب الوشيك من لبنان، قال موسى: "إننا نسمع بهذا كثيرا وليس لدي ما يؤكد احتمالات هذا الانسحاب". وكان بيلين صرح عقب اللقاء مع مبارك بأنه أجرى محادثات مطولة تناولت الموقف الراهن، مبديا تفاؤله في شأن آفاق السلام في الأشهر المقبلة. وقال إنه تأكد من تفاؤل مبارك أيضاً، ومن أن الرئيس المصري يعي جيداً الصعوبات والعقبات. واشار الوزير الإسرائيلي الى أن قادة المنطقة يتحدثون عن إمكان السلام ويدركون أن هناك ثمنا يجب أن يدفع لتحقيقه. ولاحظ بيلين الاحباط بسبب عدم تحقيق السلام حتى الآن "لكن هناك تصميم ورغبة على تغيير المناخ السائد في المنطقة، لأن الشعوب لن تنتظرنا مدى الحياة"، مشددا على ضرورة تحقيق تقدم الآن إذا أردنا تحقيق السلام. وزاد إن مبارك ملتزم السلام وأن مصر هي حجر الزاوية في العملية السلمية. ودافع عن وزير الخارجية ديفيد ليفي الذي تحول في الفترة الأخيرة الى "ماكينة" تصريحات استفزازية قائلاً: "إن الاهم هو الفعل وليس الكلام، وليفي حتى عندما كان في ليكود كان مع السلام، وهو ملتزم الآن السلام". وأكد بيلين أن إسرائيل غير مستعدة للبقاء في لبنان لعشرين عاماً مقبلة، كما أنها غير مجبرة على إنشاء علاقات مع "حزب الله وما علينا عمله هو إغلاق هذا الملف ووضعه خلفنا"، ولذلك "فإننا على استعداد للانسحاب من لبنان في أقل من مئة وثلاثين يوما". وقال أن هذه المدة القصيرة ليست مناسبة لتقرير ما إذا كان "حزب الله مقاوم أو إرهابي أو شيء ما من هذا القبيل". وجدد بيلين التبرير الإسرائيلي للغارات على لبنان قائلا: "قمنا بالرد على هجمات حزب الله، وهي ضرورية لردع الطرف الآخر، ونحن نريد الانسحاب من لبنان، وحزب الله ليس جزءاً من المفاوضات"، وقال: "إن الحكومة الإسرائيلية على استعداد، حتى لو لم يكن هناك اتفاق، أن تتخلى عن لبنان ومن الصعب أن تطالبوننا بأكثر من ذلك"، مؤكداً رغبة حكومته في وضع حد للمشاكل في عملية السلام خلال عام 2000. واشار بيلين الى "وجود فرصة لتحقيق السلام بالرغم من جميع العقبات والحذر"، مضيفا ان مصر بامكانها ان تلعب دورا "لتقريب وجهات النظر بين الطرفين وتطمين كل طرف عن نيات الطرف الاخر". وقال ان "مبارك يستقبل عرفات وسيلتقي قريبا مسؤولين اخرين في المنطقة من اجل دفع عملية السلام ومساعدتنا على ان نتفهم بعضنا بعضا بشكل أفضل". الى ذلك، اكد الرئيس الفلسطيني انه بانتظار الحصول على ردود اسرائيلية خلال اللقاء الذي كان مقررا بينه وبين المنسق الاميركي الخاص لعملية السلام دنيس روس مساء امس. وصرح عرفات لدى عودته الى غزة قادما من القاهرة: "سنسمع من روس ما تم بينه وبين الطرف الاسرائيلي وكذلك زيارته لمصر والاردن". وأضاف: "سنحاول دفع الامور للخروج من المأزق الذي تواجهه المفاوضات". وهذا اللقاء الثالث من نوعه منذ بداية جولة روس الحالية حيث اجرى لقاءات مع الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني. ويقول الفلسطينيون انهم تلقوا اجابات اسرائيلية "غير مرضية" ولا تسمح باستئناف محادثات السلام مجددا. وتشمل الاسئلة الفلسطينية ايضاحات عن الانسحاب الاسرائيلي من 1،6 في المئة من اراض فلسطينية جديدة وتحديد سقف زمني لبداية مفاوضات مرحلة اعادة الانتشار الثالثة من اتفاق اوسلو ونهايتها، اضافة الى مسألة اتفاق الاطار الخاصة بمفاوضات الحل النهائي الذي انقضى موعده في 13 من شهر شباط فبراير الجاري. وقال مسؤول فلسطيني رفض كشف هويته لوكالة "فرانس برس" ان الاجابات التي نقلها روس حتى الان تتضمن اقتراحا بعرض انسحاب اسرائيلي من 10 في المئة يختار الفلسطينيون منها ال 1،6 في المئة التي يريدون. وتقترح الاجابات كذلك نقل مناطق فلسطينية مجاورة لمدينة القدس مثل بلدة ابو ديس في مرحلة اعادة الانتشار الثالثة التي ما تزال اسرائيل ترفض تحديد موعد بدئها.