كان المخرج حسام الدين مصطفى الذي رحل عن عالمنا قبل ثلاثة أيام، واحداً من ابرز فناني السينما الذين عرفوا كيف ينتقلون بهدوء ومن دون مرارة الى العمل التلفزيوني. اذ لم يسبق لأي مخرج من وزن حسام الدين مصطفى دون طينته وقوته الحرفية، ان حقق مثل هذا الانتقال. فنحن حتى اليوم لا نزال نرى فناني السينما على ترددهم ازاء تكييف انفسهم مع الشاشة الصغيرة، حتى وإن حدث لواحد منهم ان "حقق" نزوة تلفزيونية فإنه سرعان ما يبتعد. حسام الدين مصطفى لم يأبه ابداً للفوارق بين الفنين، بل انه خاض اللعبة التلفزيونية، حتى من قبل ان يبتعد عن السينما او تبتعد هذه عنه. ولربما كان من الممكن القول انه حقق على الشاشة الصغيرة، خلال العقد الاخير من السنين، نجاحات كان من الصعب عليه ان يحقق، سينمائياً، ما يوازيها. وبالتحديد لأن السينما التي كان يحققها لم تعد تتواكب تماماً مع زمن فرز فيه الفن السينمائي الى نوعين: نوع نخبوي متميز، ليس لحسام الدين مصطفى مكان او ايمان فيه، ونوع متدن تافه كان من الطبيعي لحسام ان يستنكف عن خوضه. لذلك وجد الرجل الحل في التلفزة، فأعطاها جهده ووقته، وحقق لها اعمالاً جيدة، وأحياناً متميزة. من هنا حين رحل حسام الدين مصطفى عن عالمنا كان بالنسبة الى الجمهور العريض صاحب "عصر الأئمة" و"الإمام ابن حزم" و"نسر الشرق"، اكثر بكثير مما كان صاحب "صونيا والمجنون" و"السمان والخريف" و"النظارة السوداء".