ما سبب هجرة السينمائيين إلى التلفزيون؟ هل السبب الأزمة التي تمر بها السينما حالياً؟ وهل نجحت تلك الهجرة؟ وماذا بعد الهجرة؟ هل نتوقع ألا يكون هناك سينمائيون في ما بعد؟ لماذا ارتمى مخرجو السينما مجدداً في أحضان الدراما التلفزيونية؟ هل ساعد نجاح أعمالهم على استقطاب مخرجين آخرين أم إن الملايين التي تدفع للعاملين في الدراما التلفزيونية أغرت الجميع لخوض التجربة؟ هذه الأسئلة مطروحة في أيامنا هذه بقوة في وقت يلاحظ فيها اندفاع أهل السينما الى خوض التجارب التلفزيونية... بعد زمن كان قد شهد أهل التلفزيون وهم يجربون حظهم في السينما. ورداً على بعض هذه الأسئلة تقول الفنانة نبيلة عبيد: «أنا سعيدة جداً بهذه الظاهرة، وأعتبرها ناجحة في شكل كبير، والدليل على ذلك نجاح مسلسل «البوابة الثانية» الذي أعتز به كثيراً، حيث ناقش قضية جديدة، والمخرج علي عبد الخالق بذل قصارى جهده لإنجاح العمل، وبالفعل كان الإخراج مميزاً جداً عن أي مسلسل آخر!». أما المخرج التلفزيوني إسماعيل عبدالحافظ فيعترض على هذا الكلام، مؤكداً عدم وجود أي مشكلة أو ظاهرة استثنائية في وجود المخرجين السينمائيين على الساحة التلفزيونية. ويوضح عبدالحافظ أنه يجب معاملة مخرج السينما على أنه مجرد ضيف على التلفزيون، «لأن مخرجي التلفزيون يتمتعون بوعي واستيعاب أكبر لطبيعة المُشاهد واعتادوا مخاطبته باللغة التي تناسبه خصوصاً أنهم يدخلون كل البيوت، فما يصلح للسينما لا يصلح للتلفزيون والعكس صحيح». لغتان متقاربتان أما المخرج السينمائي سعيد حامد الذي خاض أولى تجاربه التلفزيونية مع «هانم بنت باشا»، فيقول: «لم تعد لغة السينما غريبة عن التلفزيون، خصوصاً بعد استخدام البعض لكاميرا واحدة وتقنيات عمل شبيهة بتلك المستخدمة سينمائياً ما يعود بالفائدة على المشاهدين، لأنهم سيرون عملاً مختلفاً عما هو سائد في الدراما التلفزيونية». ويضيف حامد أن التجربة في حد ذاتها أغرته لاقتحام مجال الفيديو للمرة الأولى، وأنه خلال السنوات الماضية، عُرضت عليه أعمال اعتذر عنها لأنه لم يجد ضالته في واحدة منها، إلى أن صادف عملاً متميزاً ومكتوباً بطريقة جديدة هو مسلسل «هانم بنت باشا». ويؤكد هذه النقطة المخرج محمد النجار، مشيراً إلى أنه اتجه مع زملائه المخرجين السينمائيين إلى الدراما، في ظل سيطرة نوعية واحدة من الأفلام، «ما دفعنا إلى البحث عن وسيلة أخرى للتواصل مع الجمهور وتقديم مواضيع جيدة بحرية مطلقة». ويضيف النجار: «مخرجو السينما يشكلون إضافة إلى الشاشة الصغيرة وسيحاولون إثبات وجودهم وتقديم أعمال جديدة ولغة فنية مختلفة، وكل ذلك بالتأكيد يصبّ في صالح الشاشة الصغيرة». إيقاع مختلف ويرى السيناريست وليد يوسف أن هجرة السينمائيين إلى الشاشة الصغيرة تعد إضافة إلى الأعمال التلفزيونية من حيث تقديم صورة جديدة وإيقاع مختلف، إضافة إلى الاهتمام بالتصوير الخارجي بعيداً من الاستديوات المغلقة. ويؤكد يوسف أن المخرج السينمائي يستطيع التحكّم بأدوات العمل التلفزيوني في حين يصعب على المخرج التلفزيوني التحكّم بأدوات العمل السينمائي ما لم يكن متمكّناً ويتمتع بالكفاءة. كما أوضح أنه لاحظ فوارق في العمل بين السينما والفيديو لكنه تحمس لخوض التجربة التلفزيونية إذ «يفترض أن تكون لدى أي مخرج روح المغامرة»! أما الفنان عمرو يوسف فيقول: «هجرة السينمائيين إلى التلفزيون ترجع إلى الأزمة التي تمر بها السينما حالياً من محدودية الأفكار التي تساعد المخرج على إخراج مواهبه الإخراجية ولذلك فاتجاههم إلى التلفزيون تجربة ناجحة بكل المقاييس، وأنا لم أخش لحظة عندما عرض علي دوري في مسلسل «هانم بنت باشا» مع المخرج سعيد حامد لأنني تأكدت أن العمل سيكون مميزاً إخراجياً مع هذا المخرج، وبالفعل حقق نجاحاً».