"اليونسكو" تدعو لعقد اجتماعي جديد للمعلمين    «الأرصاد» يصدر تحذيراً من أمطار غزيرة على منطقة الباحة    26 ورشة وجلسة متخصصة في معرض الصقور والصيد السعودي الدولي    القيادة تهنئ سلطان بروناي دار السلام بذكرى توليه مقاليد الحكم في بلاده    أمانة تبوك تنظم ورش عمل مشتركة مع القنصلية الأمريكية    الإدارة العامة للأسلحة والمتفجرات تشارك في معرض الصقور والصيد السعودي الدولي 2024    قاعدة الملك فيصل الجوية بالقطاع الشمالي تحتفل باليوم الوطني 94    القوة الدافعة وراء تشكيل جيل قادر على التنافس عالميًا    إسرائيل تؤكد مقتل خليفة نصرالله ومرافقيه    آل زلفة: الصدفة قادتني ل 1000 وثيقة في متجر لبيع الصحون وقدور الطبخ!    وزير الخارجية يستقبل وزير أوروبا والشؤون الخارجية في الجمهورية الفرنسية    هل تهاجم إسرائيل إيران 7 أكتوبر؟    ضبط (22094) مخالفًا لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    زيلينسكي: سأطرح "خطة النصر" في اجتماع الحلفاء في ألمانيا    ثاني أكبر روافد نهر الأمازون بالبرازيل يسجل أدنى منسوب للمياه بسبب الجفاف    يزيد الراجحي يعود إلى رالي المغرب مع طموحات الحفاظ على اللقب    "سلمان للإغاثة" يدشّن مشروع توزيع المساعدات الغذائية للأسر الأكثر احتياجًا في جمهورية قرغيزستان    جمعيتي "طويق" و"العمل التطوعي" تحتفلان باليوم الوطني بعشرة أركان تفاعلية    اليوم عرسك    "المركزي الروسي" يرفع سعر الروبل مقابل العملات الرئيسية    إتاحة تخصيص عقارات الدولة لأكثر من جهة حكومية    السجن مدى الحياة ل«مغتصب التلميذات» في جنوب أفريقيا    خوفاً من الورثة.. مغربية تحتفظ بجثة والدتها !    6 توصيات لتعزيز الهوية الثقافية ودعم الاستثمار في تعليم اللغة العربية محلياً و دولياً    هل أوقف الاتحاد الدولي المُلاكمة الجزائرية إيمان خليف وجردها من ألقابها ؟    عبدالعزيز بن سلمان يشارك في اجتماعات مجموعة العمل الخاصة بالتحولات في مجال الطاقة    العربي يتغلّب على العين بثلاثية في دوري يلو    الفتح يختتم تحضيراته لمواجهة التعاون    في مباراة الفريق أمام الرياض .. القادسية يحتفي بوزير الإعلام "الدوسري"    الهيئة السعودية للسياحة تطلق تقويم فعاليات «شتاء السعودية»    محافظ الطائف يعزي أسرة الحميدي في فقيدهم    جمعية الأدب تعتمد 80 سفيراً في 30 مدينة    ميندي يوجه رسالة لجماهير الأهلي    مسؤولون وأعيان يواسون أسرتي القاضي وآغا في فقيدتهم    الجيش الأميركي يعلن قصف 15 هدفا للحوثيين في اليمن    لوحة «ص ق ر 2024» لمركبة «المرور» تلفت أنظار زوار «الداخلية» في معرض الصقور والصيد    رصد طائر «سمنة الصخور الزرقاء» في الحدود الشمالية    انطلاق حملة الحي يحييك للاحياء السكنية بالمنطقة الشرقية    ب 3 مناطق.. مركز «911» يتلقى 98 ألف مكالمة خلال 24 ساعة    تجمع الرياض الصحي الأول يكرم 14 استشارياً    إمام المسجد النبوي: آية ((إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ )) تحمل في طياتها معاني عميقة    وفاة 866 شخصًا بمرض جدري القردة في أفريقيا    "الصحة العالمية"تستعدّ للقيام بالجولة الثانية لتلقيح أطفال غزة ضدّ شلل الأطفال    أحلام على قارعة الطريق!    مدير تعليم الطائف يطلق مبادرة غراس لتعزيز السلوك الصحي    أمانة الطائف توقع عقد إنشاء مشروع (قبة الفراشات) بمساحة ٣٣ ألف م٢    الأمير سعود بن نهار يعزي أسرة الحميدي    90 مبادرة لأمانة الطائف تعزز الوعي البيئي وتدعم الاستدامة الخضراء    اختتام مشاركة الهلال الأحمر في المعرض التفاعلي الأول للتصلب    2238 مصابا بالناعور في 2023    تعيين عدد من الأئمة في الحرمين الشريفين    أول فريق نسائي من مفتشي البيئة في المملكة يتمم الدورية رقم 5 آلاف في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    بدء الاجتماع الطارئ لمجلس الجامعة على مستوى المندوبين لبحث التحرك العربي للتضامن مع لبنان    نيابة عن ولي العهد.. وزير الخارجية يشارك في القمة الثالثة لحوار التعاون الآسيوي    خادم الحرمين يهنئ رئيس غينيا بذكرى الاستقلال ويعزي رئيس نيبال في ضحايا الفيضانات    تثمين المواقع    وزير الداخلية يعزي ذوي شهيد الواجب أكرم الجهني    مفتي عام المملكة يستقبل مفوّض الإفتاء بمنطقة جازان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سحر "الأبيض والأسود"
نشر في الحياة يوم 21 - 01 - 2000

ما أن تلتقي بمدمن من مدمني شاشات التلفزة العربية محلية أو فضائية وتسأله عن حاله مع ادمانه، حتى يقول لك ان أحب ما يذاع إلى قلبه وعقله هو الأفلام العربية، ثم يستطرد مبتسماً بأن تفضيله يذهب، على أية حال، الى أفلام "الأسود والأبيض". وبعد ذلك يعد أمامك الأفلام التي شاهدها أخيراً، وهو ربما يشاهد بعضها للمرة العاشرة، وربما يذكره البعض الآخر بالمرات الأولى التي شاهدها فيها على شاشة السينما قبل عقود.
وحول هذا الأمر هناك ما يشبه الاجماع. القسم الأعظم من المتفرجين يحب تلك الأفلام ويطرب لها، ويحاول أن يرى الفيلم منها مرات ومرات. وحين يكون هناك اجماع يفترض الأمر وجود ظاهرة وبالتالي القدرة على تحليل هذه الظاهرة. والتحليل يفترض اسئلة أساسية مثل: هل سئم الناس الألوان؟ هل ان الأسود والأبيض يرتبط بحنين ما، شخصي على أية حال؟ هل هو الارتباط بزمن كان النجوم فيه نجوماً، والسينما سينما والعالم عالماً؟
ربما يكون الرد بالايجاب على هذه الأسئلة هو الرد الممكن والمنطقي.
ومع هذا ثمة من يذهب في تحليل الأمور ناحية أكثر دنيوية ومنطقية، اذ يحاول أن يستشف من خلال هذا الاعجاب العام بأفلام الأسود والأبيض، أسباباً أقل وجدانية. ويرتبط هذا بما قد يحاول مدمن اليوم أن يضيفه اذا ما تبحرت معه، في الحديث أكثر، اذ يقول لك: "تلك الأفلام كنا نفهمها على الأقل... كنا ندرك ما يحدث فيها، ونتابع حواراتها المنطقية بشغف".
وفي اعتقادنا ان بيت القصيد يكمن هنا، اذ في الوقت الذي تكاد فيه سينما اليوم، الملونة بالبديهة، تنقسم الى نوعين من الصعب العثور على ثالث لهما سينما نخبوية ترجح اللغة العالمة والابعاد السيكولوجية والمعاني الفكرية والاشكال الابداعية المبتكرة، وسينما أخرى شديدة الشعبية تحاول ألا تقول شيئاً على الاطلاق ثمة قطاعات عريضة من المتفرجين الذين يحبون السينما ولا يعثرون على ما يريدونه منها في أي من النوعين. لذلك نراهم يرتاحون الى أفلام كان أقل ما يقال فيها إنها تحقق بحرفية كبيرة وتقدم مواضيعها عبر لغة منطقية مدروسة بدقة، وعبر حوارات كان يؤتى، أيامها، بكتاب كبار ليكتبوها، كما كان يؤتى بخبراء متميزين في كتابة السيناريو ليكتبوا السيناريوهات لها.
ومن المؤكد أن ذلك الاعتناء بكتابة السيناريو والحوار، باعتبارهما أساس الفيلم السينمائي، في زمن كان الاخراج لا يزال يعتبر فيه حرفة لا ابداعاً، كان هو السر الذي جعل لذلك النوع من السينما شعبيته وانتشاره وعلاقته بجمهور معين، لا هو نخبوي حتى يهتم بالابداع السينمائي الخالص، ولا هو جماهيري بالمعنى المبتذل للكلمة حتى يشاهد الفيلم ليتعاطى فيه عبر غرائزه وحدها.
واليوم، ان سألت أهل السينما - وربما التلفزة ايضاً - سوف يجمعون على أن الغائب الأكبر عن ميدان هذين الفنين انما هو السيناريو... والحوار، تابعه الأمين غالباً، وشريكه المبدع أحياناً.
ومن هنا نفترض بأن ما يمكننا أن نسميه اليوم ب"سحر الأسود والأبيض" انما هو في المقام الأول سحر السيناريو، يوم كان يكتبه فنانون وأدباء متخصصون من أمثال ابو السعود الابياري وسعد الدين وهبه ويوسف جوهر وحسين حلمي المهندس وعبدالعزيز سلام مبدع الحوارات اضافة الى ابداعه في كتابة اجمل اغنيات فريد الأطرش وحتى مصطفى محمود.... وعشرات غيرهم من مبدعين جعلوا الكتابة حرفتهم واختصاصهم، وربما كان الأخير الباقي منهم سيداً في ميدانه عبدالحي أديب، رغم أن أياً من أعماله الجديدة، لا يرقى الى بعض ابداعاته القديمة.
والأنكى من هذا كله ان كتاباً للسيناريو معاصرين لنا من طينة رأفت الميهي وبشير الديك، تحولوا من بعد نجاحاتهم الأولى والكبرى الى مخرجين، فحرموا الكتابة للسينما من مواهب كان يمكنها لو واصلت طريقها أن تجعل اليوم ل"الملون" سحراً لا يقل عن سحر "الأسود والأبيض"، وأن تجعل ذلك الحنين إلى "الأفلام القديمة" مجرد ظاهرة عرضية وحسب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.