قام الرئيس المصري حسني مبارك بزيارة مفاجئة للبنان أمس، لتأكيد تضامن مصر معه ازاء التهديدات الإسرائيلية، في خطوة وصفها مسؤولون لبنانيون بأنها "وقائية" راجع ص4. واعتبرت مصادر سياسية في القاهرة ان الزيارة "اشارة الى عودة مصر بقوة الى الساحة اللبنانية وأنها لن تنسحب منها كما حصل في الحرب الأهلية" في لبنان. وأعلن بيان مشترك اثر محادثات استمرت نحو أربع ساعات بين مبارك والرئيس اميل لحود، ولقاءات موسعة بين وفدين رسميين، استنكار البلدين التهديدات الاسرائيلية والاعتداءات على المنشآت المدنية. وكان لافتاً تأكيد البيان "حق المقاومة في مواجهة الاحتلال"، كما اعتبر ان "تجاهل اسرائيل تفاهم نيسان ابريل لن يؤدي الى تغيير المعادلة الحالية بين المقاومة والاحتلال، بل من شأنه أن يؤدي الى تصعيد غير محدد النتائج". واستقبل مبارك في مطار بيروت لحود ورئيس الحكومة وزير الخارجية الدكتور سليم الحص، فيما جرى استقبال رسمي في القصر الجمهوري في بعبدا. ورافق مبارك وزراء الخارجية عمرو موسى والإسكان محمد ابراهيم سليمان والكهرباء علي الصعيدي، ورئيس ديوان الجمهورية زكريا عزمي والمستشار السياسي في الرئاسة الدكتور اسامة الباز وسكرتير الرئيس للمعلومات ماجد عبدالفتّاح، وانضم اليهم السفير في بيروت عادل الخضري، اضافة الى خبراء منهم الفريق الذي أوفدته الحكومة المصرية الى لبنان لمعاينة الأعطال في الكهرباء التي نجمت عن القصف الاسرائيلي الأخير. وحرص مبارك على استقبال اعضاء مجلس نقابة الصحافة اللبنانية وعدد من رؤساء تحرير الصحف اللبنانية، وقال انه اتصل برئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك وسأله "لماذا تقصف الناس؟" فرد عليه: "انا لا اضرب المدنيين". وكان رد مبارك "ماذا تفعل اذاً؟ انك تضرب المدنيين في بيروت وتضرب المستشفيات والمنشآت والبنى التحتية". وتابع ان "باراك لم يستطع الرد وانه ابلغه ان هذا تصرف غير مقبول". وأوضح الرئيس المصري ان "المشكلة اللبنانية اسهل المشكلات في الصراع"، وانه واثق بأنه "حين تستأنف المفاوضات بين سورية واسرائيل ويتم الاتفاق على ترسيم الحدود، سيفتح الطريق مباشرة امام لبنان وبلا مشكلات". وحذر من "محاولات اسرائيل الوقيعة بين لبنان وسورية، فالمشاكل واضحة. سورية تريد الجولان والعودة الى حدود 4 حزيران يونيو 1967. أما المشكلة اللبنانية فتقوم على تنفيذ القرار الدولي الرقم 425، ووفق رأيي هذا هو أسهل المسارات... اسهل من السوري ومن الفلسطيني". وسئل هل يتوقع استئناف المفاوضات قريباً فأجاب: "اتوقع ان تكون هناك مفاوضات سريعة، وقلت هذا لباراك وطلبت منه ان يزيل العقبات من امام المفاوضات مع سورية ويستأنف التفاوض". وأضاف بأن "استئناف المفاوضات على المسار السوري - الاسرائيلي لا يعني ان تتفاوض سورية بدلاً من لبنان. فلبنان دولة مستقلة ذات سيادة، والمسألة هي أنه لا بد من ان تطمئن سورية الى ان الاسرائيليين ملتزمون ترسيم الحدود". وقال مبارك: "جئنا لنساند لبنان ونقف الى جانبه ونؤازره كدولة عربية شقيقة، لأقول نحن هنا في بلد الأخوة. والاعتداء على لبنان خطر يهدد عملية السلام كلها". وفي تصريحات الى رؤساء تحرير الصحف المصرية الذين رافقوه في الطائرة قال الرئيس المصري: "منذ مدة طويلة أفكر بالزيارة، وبعد ضرب بيروت ومحطات الكهرباء كان موضوع لبنان أحد شواغلي. وكانت كل التحضيرات ان يذهب وزير الخارجية ففكرت أن آتي أنا واتخذت قراري اول من امس وأبلغت الاخوة في لبنان بعد الظهر". وأوضح انه اكد للحود "الاستعداد لتقديم المساعدة الكاملة لإعادة بناء المحوّلات الكهربائية او اي شيء فضلاً عن الدعم السياسي". واشار الى توقعاته بالنسبة الى استئناف المفاوضات على المسار السوري قائلاً: "عندما كانت المفاوضات جارية لم يكن هناك عنف من اي طرف وعندما توقفت بدأ العنف وهو النتيجة الحتمية لوقف التفاوض". وأوضح ان باراك قال له "انه يبحث الموقف مع وزرائه وسيتحرك على طريق التفاوض قريباً".