لم ينقل عن السويدي هانز بليكس الذي أقر مجلس الأمن الدولي تعيينه رئيساً للجنة المراقبة والتحقق والتفتيش في العراق "انموفيك" اي تصريح بخصوص مهمته التي اختارها له الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان. وإذا كان الرئيس السابق للمنظمة الدولية للطاقة الذرية، يقضي الآن اجازة في القطب الجنوبي تمنعه على الأقل من التعليق على مهمته الجديدة، فإنه لن يستطيع الابتعاد عن شواظ نار كثيرة طالما انه سيعمل بمحاذاة بركان الأزمات المتمثل بالعراق وموقف حكومته من لجان التفتيش الدولية التي أقرها القرار الدولي 687 في نيسان ابريل 1991 عقب وقف اطلاق النار في حرب الخليج الثانية. وستحضر حكايات بغداد مع رولف ايكيوس وريتشارد بتلر وتسميتها لفرقهم التي كلفت التخلص من أسلحة الدمار الشامل العراقية ب"الجواسيس" وتحميلها لهم "مسؤولية إدامة العقوبات" المفروضة على العراق منذ غزو الرئيس صدام حسين للكويت عام 1990. وستكون مواقف بغداد من تعيينه، وبالتالي موقفها من القرار 1284 الذي شكل الهيئة التفتيشية الجديدة، العلامة التي ينتظرها للبدء في مهمته التي اذا رفضتها حكومة صدام حسين فإن العراق سيدخل اجواء مواجهة عسكرية أخرى مع الولاياتالمتحدة وبريطانيا، كالتي دخلها معهما في عملية "ثعلب الصحراء" أواخر العام 1998 حين طرد المفتشين الدوليين واتهمهم بالتجسس. وحين تمكنت بغداد من اسقاط خيار تسمية ايكيوس عبر مساندة روسية وفرنسية وصينية في مجلس الأمن، فإنها الآن فقدت مناورتها ازاء القبول بلجنة التفتيش الجديدة، طالما ان رئيسها تمتع بإجماع دولي. ومن هنا فإن المراقبين للشأن العراقي يرجحون اتصالات مكثفة بين غداد وموسكو وباريس وبكين لعدم اصدار "مواقف متسرعة" بشأن بليكس ومهمته، وبالتالي المضي خطوة أخرى باتجاه مناقشة القرار الدولي 1284 ومحاولة ادخال تعديلات تجد قبولاً من بغداد، بحيث يصبح دخول المفتشين الدوليين متزامناً مع خطوات دولية باتجاه رفع العقوبات تدريجاً. المراقبون يشيرون الى ان "المرونة" التي أبدتها واشنطن ولندن وقبولهما اسقاط تسمية ايكيوس، لن تستمر إزاء رغبة بغداد ومؤازريها في مجلس الأمن بتعديل فقرات القرار 1284، وهو ما يعيد "النجاح" الذي صاحب تسمية بليكس الى الصفر، بحيث تصبح المواجهة تحت عنوان: قبول القرار 1284 الذي يشير الى تعليق للعقوبات مقابل عودة مفتشي الأسلحة أم رفضه؟ من هنا ستبدو تسمية بليكس للمهمة الجديدة، انتقالاً من اجازة في القطب الى مأمورية في بركان الأزمات العراقي.