غادر العاهل الأردني الملك عبدالله والرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ووزير الخارجية المصري عمرو موسى دافوس أمس، بعد ساعات على مغادرة وزيرة الخارجية الاميركية مادلين اولبرايت الى موسكو حيث ستشارك في المفاوضات المتعددة الاطراف. وساد انطباع لدى الوفود العربية المشاركة في ندوة دافوس بأن هناك تلاقياً "غير بريء" بين طروحات الوفد الاسرائيلي برئاسة وزير التعاون الاقليمي شمعون بيريز، المكلف فتح قنوات التعامل مع العالم العربي، وبين طروحات الوفد الاميركي برئاسة اولبرايت ومعها مساعدوها الذين سبقوها الى دافوس لتهيئة المجال وسبر غور ما تحمله الوفود العربية معها من تصورات. وتميز الحضور العربي هذه السنة ببقاء عدد الزعماء المشاركين في حدود اثنين من الرؤساء، اضافة الى ولي عهد البحرين. وكان يتوقع ان يشارك الرئيسان المصري والجزائري والعاهل المغربي، الا ان ذلك لم يتحقق. وعلى رغم ذلك تحول المنتدى العالمي في دافوس الى ساحة لقاء واتصالات "من وراء الكواليس"، نظراً الى كثرة عدد المشاركين العرب والاسرائيليين وإمكان اجراء اتصالات "عفوية" في الندوات او اللقاءات الجانبية. ويعترف المشاركون العرب بأن شيئاً من اسس الموقف الاميركي لم يتغير. اذ ان الاميركيين يريدون ان تحصل اسرائيل على تعاون اقتصادي في المنطقة "كبديل ملموس يبرر تنازلها عن الأراضي التي تعيدها الى كل بلد عربي تدخل معه في مفاوضات سلمية". وتشكل منتديات التعاون الاقتصادي في منطقة "مينا" الشرق الأوسط وشمال افريقيا والتي بدأت منذ عام 1984 في مراكش، ثمن صفقة السلام والتطبيع الاقتصادي الكامل الذي تنتظر اسرائيل الحصول عليها، بضمانة من واشنطن، في مقابل الانسحاب من الأراضي المحتلة. وشكل منتدى دافوس الفرصة التي انتظرها الاسرائيليون والاميركيون للبدء في بحث تفاصيل قمة مينا المقبلة، في وقت كانت تنطلق الاستعدادات لعقد المفاوضات المتعددة الاطراف في موسكو، وهي مفاوضات ترمي في المرتبة الأولى الى معالجة قيمة الصفقة الخاصة بالتعاون الاقليمي وطريقة التعايش الاقتصادي مستقبلاً، بسبب تخصصها في مواضيع التعاون الاقليمي. وتملك مصر نظرة حذرة الى عملية الانفتاح الاقتصادي التي تدفعها واشنطن ومعها اسرائيل في سرعة تفوق سرعة تقدم المفاوضات على المسارين السوري والفلسطيني. وتعتبر القاهرة ان الأولى تقديم الانفتاح السياسي على الاقتصادي، لأنه سيكون من الخطر بمكان ابرام اتفاقات اقتصادية تكرّس التعاون بين الدول العربية واسرائيل، في وقت لم تحسم فيه بعد القضية الفلسطينية والاحتلال الاسرائيلي في الجولان وجنوب لبنان. وفي هذا الاطار، لوحظ ان الوزير عمرو موسى رفض محاولات شمعون بيريز - "وزير التسلل الاقليمي" كما سماه احد المشاركين العرب في دافوس، فرض التطبيع الاسرائيلي - العربي عبر برامج التعليم، عبر القمة الاقتصادية التي يفترض فيها ان تبحث في تبادل المنافع الاقتصادية مع اسرائيل لا غير. كما رفض الوفد المصري لدى جلوسه مع الوزيرة مادلين اولبرايت ومساعديها في دافوس القبول بتقديم موعد قمة "مينا" التي قد تنعقد في الخريف المقبل.