انتقلت "المعركة ضد العولمة" التي شهدتها مدينة سياتل الاميركية قبل شهرين الى منتجع دافوس السويسري امس، واستمرت ساعات. اذ اشتبك متظاهرون مع قوات الأمن في محيط قصر المؤتمرات حيث تعقد جلسات "المنتدى الاقتصادي العالمي 2000" بحضور اكثر من ثلاثة آلاف شخصية سياسية واقتصادية. واغلقت قوات الأمن الشارع الرئيسي في المدينة وتوقفت حركة السير بعدما جرح شرطيان في اشتباكات مع مئات من المتظاهرين الذين لوحوا بشعارات تدين تجاهل العالم الصناعي حاجات البلدان النامية و"استغلاله" الاتفاقات التجارية الدولية، وتندد بالعولمة الاقتصادية. وحطم المتظاهرون واجهة احد مطاعم "ماكدونالدز"، كتعبير رمزي عن رفضهم العولمة على الطريقة الاميركية، فيما كان الرئيس بيل كلينتون مجتمعاً في مركز المؤتمرات مع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات. وطوقت قوات الأمن السويسرية المبنى منذ الصباح، مع وصول كلينتون في موكب ضخم، ضم وزيرة الخارجية مادلين أولبرايت وعدداً كبيراً من المساعدين والحراس. ولم تسمح قوات الشرطة للمشاركين في اعمال المنتدى بالخروج من البوابة الرئيسية للمبنى الا بعد السيطرة على الوضع. وعبّر منظمو المنتدى الاقتصادي العالمي عن اسفهم للجوء "عدد محدود من المتظاهرين الى العنف بدل الحوار"، مؤكدين تمسكهم ب"حوار بناء بين الحكومات وقطاع الاعمال والمجتمع المدني". وكان كلينتون المتحدث الرئيسي في ندوات المنتدى امس، واختار ان يركز في كلمته على العولمة وتحدياتها، مشدداً على انه لا يوافق على الرأي القائل بامكان تخطي منظمة التجارة الدولية وتفكيكها. وفي اشارة الى فشل مفاوضات سياتل، حذر الرئيس الاميركي من انه لا حل بديلاً عن نجاح المنظمة بصفتها تشرف على التجارة في العالم. ورأى ان بامكان الدول النامية من خلال المنظمة تحقيق النمو المنشود، مع تخطيها في الوقت ذاته الاخطاء التي ارتكبها الغرب، داعياً الى خفض الفوارق في المداخيل بين الاغنياء والفقراء. وشهدت الجلسة الصباحية في دافوس امس مشادة بين وزير الخارجية المصري عمرو موسى ووزير التعاون الاقليمي الاسرائيلي شمعون بيريز. ونشب الخلاف بعد مطالبة بيريز بادراج قضية التعليم والتربية على جدول اعمال قمة المنتدى الاقتصادي المقبلة التي عرضت مصر استضافتها في حال تحقق تقدم في عملية السلام. لكن الطلب الاسرائيلي لإدراج مسألة تهدف في المرتبة الأولى الى تكريس التطبيع، على جدول اعمال قمة اقتصادية يُفترض ان تركز على الشأن الاقتصادي وحده، أثار حفيظة وزير الخارجية المصري الذي رد على بيريز قائلاً: "نحن نعرف ماذا سندرج على جدول الاعمال، وهذا المؤتمر هو اساساً مؤتمر اقتصادي". ورد بيريز: "لا نريد ان نكون جزيرة ثراء وسط بحر من الفقر، او بلداً نقياً يغرق في منطقة ملوثة". وخاطبه موسى قائلاً: "انت لم تأتي الى هنا لتعلمنا، وأنتم لستم اغنى الناس او وحدكم الأغنياء ولديكم فقر في بلادكم". فما كان من الوزير الاسرائيلي الا ان اعتذر مؤكداً انه لم يقصد اهانة احد. وفي ندوة اخرى مغلقة خصصت لإيران وتطور انظمة الاستثمار فيها ومدى صلاحيتها لاستقبال الاستثمارات الخارجية ابدى وزير الخارجية الايراني كمال خرازي استعداد بلاده للاستماع الى مطالب قطاع الاعمال الدولي، فيما اكد رئيس مجموعة "رينو" ان مجموعته تنوي العودة الى ايران، وكذلك فعل عدد من مسؤولي الشركات الغربية. لكنهم اكدوا ان شفافية قوانين الاستثمار شرط اساسي.