الشرق الاوسط كان حاضراً في دافوس على مدى الايام السبعة الماضية بين زحمة الاجتماعات واللقاءات، والجانبي منها كان اكثر من العلني والمباشر، لا سيما بين رجال الاعمال والمسؤولين العرب و"نظرائهم" الاسرائيليين. الرئيسان المصري حسني مبارك والفلسطيني ياسر عرفات كانا الزعيمين العربيين الوحيدين بين 40 زعيم دولة حضروا المنتدى الاقتصادي. الوفود العربية كانت مزيجاً من الشخصيات الرسمية واصحاب الاعمال ومديري الشركات الكبيرة. اهمية قصور المؤتمرات حيث تعقد اللقاءات والاجتماعات على اختلافها انها مكان لا يجتمع فيه الناس بل يلتقون مصادفة عند هذا السلم او ذاك، هذه الصالة او تلك. وترتيب المواعيد واللقاءات في مكان اللقاء هذا مستحيل عملياً، ممكن نظرياً، بفضل اجهزة الهاتف النقال المتاحة للاستئجار والتي يتبادل اصحابها ارقامهم كأنهم في مدينة كبيرة. الحرارة في الخارج تحت الصفر. الثلج زائر خفيف تراكم حتى عطل الطرقات. اما في الداخل وفي ردهات الفنادق المحيطة وصالاتها تنظم كل مساء لقاءات دائرية تجمع عدداً محدوداً من المشاركين. "استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان". الكتمان لأن مصالح رجال الاعمال تتحقق في شكل افضل، في غالبية الاحيان، بعيداً عن عيون الصحافة. وبعضهم "الآخر" اذا "ابتُلي يستتر"، لا سيما اذا كان في الامر حديث عن مصالح مشتركة مع اسرائيليين بينما مسيرة السلام على كف عفريت محبوسة داخل صناديق الاقتراع الاسرائيلية. الوفد الاسرائيلي ضم 20 رجل اعمال، وهو العدد نفسه تقريباً السنة الماضية. آنذاك حضر وزير التجارة الاسرائيلي ناتان شارانسكي ووزير المال السابق يعقوب نئمان. شارانسكي حضر هذه المرة اما نتانياهو فتجنب استجابة الدعوة التي وجهت اليه، والتفسير الوحيد الذي اعطي لغيابه غير المقنع انه يتجنب الظهور في مناسبات فيها حديث عن السلام والتعاون. عضو "مجلس العلاقات الخارجية" الاميركي مدير "مشروع الولاياتالمتحدة - الشرق الاوسط" في المجلس هنري سيغمان قال لپ"الحياة": "واضح ان مجتمع الاعمال الاسرائيلي يشعر بخيبة امل عميقة بسبب اخفاق نتانياهو في مواصلة السلام بطريقة جدية". سيغمان، الباحث اليهودي الانتماء، اكاديمي محب للسلام، لاحظ ان وزير الخارجية المصري عمرو موسى المعروف بمواقفه الرافضة بشدة تعنت اسرائيل كرر الحديث في دافوس عن التعاون الاقتصادي مع الدولة العبرية. سلطنة عمان تعمل بصمت. هناك مشروع تم بحثه مع الاميركيين في دافوس لاقامة منطقة حرة للاستثمارات الخليجية في المناطق الفلسطينية، والتصدير منها الى الولاياتالمتحدة. الاجتماعات كثيرة لا حصر لها، ولم تقتصر فقط على موضوع تعاون العرب والاسرائيليين. اما شمعون بيريز فكان هادئاً. مركزه للسلام الذي يحمل اسمه والذي انشئ قبل سنتين اطلق مبادرة جمع فيها اربع قضايا مشتركة: بناء السلام في البوسنة والشرق الاوسط وايرلندا الشمالية وجنوب افريقيا. والندوات حول هذه المواضيع استمرت يومين في دافوس. كثيرون من المشاركين العرب في قمة دافوس من المرابطين القدامى في هذا الحدث السنوي، وسلامهم على بعض يوحي بألفة المصطافين حين يعودون الى المنتجع ذاته سنة بعد سنة.