انقضى شهر كامل على اجراء الانتخابات الرئاسية الاميركية ولا يزال السؤال البديهي مطروحاً: من حصل على أعلى نسبة من الأصوات في ولاية فلوريدا لمعرفة من سيكون الرئيس الجديد للولايات المتحدة؟ وحتى اليوم، وعلى رغم الاحكام المتعددة والاجتهادات القانونية التي صدرت عن أعلى السلطات القضائية في البلاد بما فيها المحكمة الفيديرالية، تبقى المعركة القضائية محتدمة بين محامي آل غور وجورج بوش، وعلى أكثر من جبهة. واستمعت محكمة فلوريدا العليا الى الطرفين، أمس، للنظر في استئناف بوش قرار محكمة الولاية الذي ثبّت فوزه، رافضاً الطعون التي تقدم بها منافسه غور. ويأمل الجميع في أن يكون قرار هذه المحكمة الفصل الأخير في دراما السجال حول فرز الاصوات في فلوريدا، خصوصاً إذا حكمت لمصلحة بوش. وكان على محامي غور أن يقنع قضاة المحكمة بأن قرار قاضي الولاية خالف قوانينها، وبالتالي لا بد من اعادة عدّ الاصوات التي لم يحتسبها الفرز الآلي وتعليق المصادقة على فوز بوش في الولاية في انتظار نتيجة هذا العد. وإذا وجدت المحكمة أساساً قانونياً لطعون غور وردّت قرار قاضي الولاية، فإنها ستعيد الأمور الى نقطة الصفر، مع احتمال ان تغرق البلاد في أزمة دستورية. وإذ عبر محامو الطرفين عن ارتياحهم إلى سير الجلسة في المحكمة، صباح أمس، توجه فريق بوش الى محكمة أخرى في تالاهاسي لمتابعة قضية "أصوات الغائبين"، إذ استمرت محكمتان في فلوريدا في الاستماع الى وجهتي نظر الديموقراطيين والجمهوريين في قضيتي مقاطعتي سامينول ومارتين اللتين طرحهما عدد من أنصار الحزب الديموقراطي مطالبين بإلغاء أكثر من عشرين ألف صوت من أصوات الغائبين، محتجين بأن أفراد من الجمهوريين تولوا تعبئة طلبات الناخبين الغائبين في أرقام التسجيل لضمان احتسابها. والسجال الحاصل في القضيتين ليس حول تدخل الجمهوريين في تعبئة الطلبات، إنما في كيفية معالجة المشكلة. فالديموقراطيون يريدون أن يلغي القاضيان هذه الاصوات، فيما يصرّ الجمهوريون على شرعية احتسابها. في حال الغيت هذه الاصوات، فإن ذلك يحرم بوش عدداً كافياً من الأصوات ويقلب النتيجة لمصلحة غور الذي يفوز عندئذ بالولاية. وتحسباً لأي حكم قد يصدر ضد مصلحة بوش، يعقد المجلس التشريعي لولاية فلوريدا جلسة خاصة اليوم للنظر في ضرورة أن يمارس هذا المجلس حقه الدستوري في تعيين مندوبي الولاية إلى الكلية الانتخابية التي تنتخب الرئيس. ومن المؤكد ان تكون لائحة المندوبين المعينة من جانب المجلس، الذي يهيمن عليه الجمهوريون، لمصلحة بوش. وقد يؤدي ذلك إلى وجود لائحتين حين تلتئم الكلية الانتخابية في 18 كانون الأول ديسمبر لاختيار الرئيس. ويصبح عندئذ امضاء حاكم الولاية هو العنصر المرجح لتحديد شرعية إحدى اللائحتين. ومن المؤكد ان الحزب الديموقراطي يرفض ذلك لأن حاكم ولاية فلوريدا هو جيب بوش، اخ المرشح الجمهوري، وبالتالي فإن خياره محسوم سلفاً. لكن كل هذه السيناريوات تتلاشى في حال ثبتت محكمة فلوريدا العليا قرار قاضي محكمة الولاية برفض طعون غور. ولا يزال أمام غور حتى 12 كانون الأول لقلب النتيجة لمصلحته، وهو الموعد الأقصى للولاية لتعيين مندوبيها في الكلية الانتخابية. في هذه الاثناء استمر المرشحان بتصرفات على انهما الفائزان. فتلقى بوش ايجازه اليومي من الاستخبارات الاميركية وتشاور مع اعوانه حول تشكيل فريق ادارته، وأعلن فريق غور أن نائب الرئيس يقوم أيضاً بالتحضير للفترة الانتقالية. لكن زخم التحضيرات التي يقوم بها بوش اوسع بكثير مما يفعل غور. إذ اقام فريق بوش الانتقالي مركزاً له في ماكلين في ولاية فرجينيا لتسلم طلبات العمل من الراغبين في الخدمة في البيت الابيض، وافتتحوا موقعاً على الانترنت لقبول الطلبات التي بلغ عددها 15 ألفاً، حسب مصادر فريق بوش الانتقالي. وكان المكتب المخصص لخدمات الادارة رفض الافراج عن المخصصات المعتمدة لمساعدة الرئيس المنتخب في الفترة الانتقالية أو السماح لبوش باستخدام المكاتب المخصصة لهذا الغرض في انتظار حسم معركة الاصوات في فلوريدا. وبعيداً عن السجال بين بوش وغور، أعلن الرئيس كلينتون في مقابلة مع صحيفة "رولينغ ستونز" انه لو كان الدستور الاميركي يسمح بولاية ثالثة لكان خاض الانتخابات وفاز فيها.