لم تكف اصوات مئة مليون اميركي لاختيار الرئيس المقبل للولايات المتحدة، وظل مصير المرشحين، الديموقراطي آل غور والجمهوري جورج بوش، معلقاً حتى ساعة متقدمة ليل امس على صوت قاض واحد من أصل تسعة تضمهم المحكمة الفيديرالية العليا يمكن ان يميل الى هذا الجانب أو ذاك. وكانت هذه المحكمة اتخذت السبت الماضي قرار وقف الفرز اليدوي في فلوريدا بأكثرية 5 الى 4. ولم يكن معروفاً أمس اذا كانت هذه الاكثرية ستصمد لحسم الجدل القضائي بعدما استمعت المحكمة الى مطالعات محامي المرشحين ووزيرة الدولة لولاية فلوريدا كاثرين هاريس. وحبس المعسكران انفاسهما في انتظار صدور قرار المحكمة، الذي سيكون له وقع الصدمة لأنه سيقرر عملياً الفائز في الانتخابات الرئاسية اذا أقرّ اعادة الفرز يدوياً، او يدخل البلاد في ازمة دستورية اذا احال القضية برمتها الى الكونغرس الاميركي. واعرب الطرفان عن ارتياحهما الى اجواء جلسة الاستماع، فاعرب ديفيد بوويز، محامي غور، عن ارتياحه الى سير جلسة المحكمة العليا حيث دعا الى استئناف الفرز اليدوي لبطاقات الاقتراع في ولاية فلوريدا. وقال: "كان القضاة جيدي الاستعداد وطرحوا العديد من الاسئلة"، وانهم كانوا مهتمين ب "معرفة ما اذا كان التحديد المستخدم في محكمة فلوريدا لنية الناخب الواضحة عاماً جداً أم لا". كذلك ابدى تيودور اولسون، محامي بوش، تفاؤله ببعد الجلسة. والمواضيع الثلاث التي ركزت عليها المحكمة هي: هل خالفت محكمة فلوريدا العليا الدستور حين عدلت القوانين بعد اجراء الانتخابات؟ وهل توجد معايير مختلفة لاحتساب الاصوات يدوياً بين مقاطعة وأخرى يتعدى على حقوق الناخبين في فلوريدا؟ وهل خالفت محكمة فلوريدا العليا مبدأ فصل السلطات من خلال تجاوزها صلاحياتها؟ وحصل جدل طويل حول ما اذا كانت هناك فعلاً "مشكلة فيديرالية" تستدعي تدخل المحكمة العليا. وفي الايجاز الخطي الذي تقدم به محامو بوش الى المحكمة قبل جلسة امس اتهم هؤلاء محكمة فلوريدا العليا بمخالفة القانون الفيديرالي والدستور بوضع معايير واجراءات جديدة، اضافة الى مواعيد جديدة لتحديد ممثلي الولاية في الكلية الانتخابية. وفي المقابل دافع الديموقراطيون عن قرار محكمة فلوريدا العليا التي أمرت بإعادة فرز الاصوات غير المحتسبة يدوياً وهو "اساس ضروري لديموقراطيتنا ولشرعيتها"، حسبما جاء في الايجاز الديموقراطي. وفي حال جاء قرار المحكمة في غير مصلحة غور فإن ذلك سيتركه من دون اي خيارات قانونية للاستمرار في الطعن في نتائج الولاية، وهذا ما اعترف به ديفيد بوويز رئيس فريق المحامين الذين يمثلونه. حصل كل طرف على 45 دقيقة لعرض وجهة نظره. وكان قرار المحكمة الفيديرالية وقف العمل بقرار محكمة فلوريدا إعادة العدّ، ادى الى تعزيز الانطباع بأن اعلى سلطة قضائية في البلاد تميل الى وجهة نظر بوش على رغم انها اتخذت قرارها بغالبية صوت واحد. وتجمهر أمس مئات خارج مبنى المحكمة في واشنطن يهتفون كل لمرشحه. وفصلت الشرطة بين انصار الطرفين. هتف انصار غور: "عدّوا الاصوات"، وحاول انصار بوش اسكاتهم بهتاف "بوش - تشيني". وفي استطلاع للرأي العام اجرته "سي ان ان" و "يو اس اي توداي" أيد 47 في المئة اعادة الفرز مقابل 49 ضد. واشار الاستطلاع الى ان 72 في المئة من الاميركيين يعتقدون بأن قرار المحكمة العليا الفيديرالية سيكون منصفاً في القضية. سيناريو مرعب وفي انتظار قرار المحكمة العليا، فان أسوأ مفاجأة كان يتصورها فريق بوش هي ان يأتي الحكم لمصلحة غور، علماً بأنها راعت وجهة نظره في المرتين اللتين لجأ فيهما اليها، الاولى عندما وبخت محكمة فلوريدا العليا على تأجيلها موعد المصادقة على النتائج في المرحلة الاولى وأمرها باجراء العد اليدوي، والثانية عندما اوقفت العد اليدوي. وبمعزل عما ستقرره المحكمة اثيرت امس سيناريوات يمكن ان تقلب النتائج، بعيداً عن القضاء والكونغرس معاً، والسيناريو الذي يقلق الجمهوريين يتمثل بانقلاب 3 او 4 من مندوبي احدى الولايات ال 24 التي لا تلزم مندوبيها التصويت في الكلية الانتخابية لمصلحة الفائز بأعلى نسبة اصوات في الولاية، خصوصاً ان الفارق بسيط بين المرشحين في الكلية الانتخابية. وفي حال تم تثبيت فوز غور في فلوريدا فإنه سيحصل على غالبية 271 من 538 مندوباً. وللفوز بالرئاسة يحتاج المرشح الى تأييد 270 مندوباً. وهذا يعني ان الاميركيين سيحبسون الانفاس حتى اللحظة الاخيرة يوم 18 الجاري عندما تصوّت الكلية الانتخابية، وهو ما كان عادة مجرد حدث رمزي.