حذرت الولاياتالمتحدة من خطر إضعاف حلف شمال الأطلسي في حال شكل الاتحاد الأوروبي "خلية التخطيط العسكري" لعمليات قوات التدخل السريع من دون التنسيق والتخطيط المسبق تحت مظلة الحلف. وجاء ذلك عشية افتتاح القمة الأوروبية في نيس والتي تتركز حول الاصلاحات المؤسساتية، وينتظر أن تقر من جهة ثانية، مشروع تشكيل القوات الأوروبية للتدخل السريع وآليات القرارات السياسية والعسكرية. قال وزير الدفاع الأميركي وليام كوهين في اجتماع وزراء دفاع الدول الاعضاء في حلف شمال الاطلسي في بروكسيل امس، ان الحلف سيتحول الى "قطعة أثرية"، في حال تأخرت البلدان الأوروبية عن زيادة موازنات الدفاع ولم تقبل ربط مشروع القوات الأوروبية للتدخل السريع بشكل وثيق بالحلفاء. وتقدر موازنات الدفاع الأوروبية بثلثي موازنة الدفاع الأميركية وتنفق البلدان الأوروبية 90 في المئة من مواردها في تسيير قواتها و10 في المئة فقط لاغراض التجهيز الاستراتيجي. وجاء الموقف الأميركي عشية افتتاح اعمال القمة الأوروبية في نيس والتي تتركز حول الاصلاحات المؤسساتية وينتظر أن تقر، في الوقت نفسه، مشروع تشكيل القوات الأوروبية للتدخل السريع وآليات القرارات السياسية والعسكرية لهذه القوات. وقال كوهين في آخر اجتماع يحضره لحلف شمال الأطلسي، ان أي بلد أوروبي "لا يمتلك موازنة وقوات عسكرية خاصة بالحلف الأطلسي او موازنة وقوات اخرى خاصة بالاتحاد الأوروبي". وأوضح مصدر ديبلوماسي ل"الحياة" أن الاتحاد الأوروبي يعول على العتاد الاستراتيجي الأطلسي للقيام بعمليات التدخل العسكري، ولكن من دون ان يتم التخطيط للعمليات المزمعة داخل الهيئات المتخصصة للحلف. واعتبر المصدر نفسه ان تشكيل البلدان الأوروبية "خلية تخطيط مستقلة عن الحلف" في مثابة "الدور المزدوج والمنافس للحلف". وكان وزير الدفاع الأميركي اقترح في اجتماعات الحلفاء في بروكسيل، تشكيل هيئة تخطيط مشتركة بين البلدان ال23 الاعضاء في حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي. ورأى أن الهيئة المشتركة "تمثل أفضل سبيل للتشاور حول الموارد المتوافرة". وعكس كلام وزير الدفاع الأميركي قلق الولاياتالمتحدة من ان يقود مشروع القوات الأوروبية الى فقدانها السيطرة على مستقبل الدفاع الأوروبي. وتنسب أوساط أطلسية الى فرنسا رغبتها في أن يتزود الاتحاد الأوروبي بآليات دفاعية مستقلة عن الحلف الأطلسي وقد تنافسه في المستقبل البعيد. ورأى وزير الدفاع الفرنسي آلان ريشار أن الاتحاد "بصدد إنشاء آليات جديدة" ورفض وجود خلاف مع الولاياتالمتحدة. وحاول المندوب السامي للسياسة الخارجية الأوروبية خافيير سولانا تضييق الهوة وتبديد المخاوف فقال في تصريحات صحافية في باريس، ان الاتحاد الأوروبي "لا ينشىء جيشاً أوروبياً وأن القوات الأوروبية للتدخل السريع، لا تنافس الحلف بل ستتعاون معه بشكل كامل". ورجحت مصادر ديبلوماسية ان يتواصل الجدل في الأيام والأسابيع المقبلة، فيما يحتاج حل الخلافات الى أشهر عدة. وقال خبير في الحلف ل"الحياة" ان الخلاف يدور حول "تناقض موقف البلدان الأوروبية" فهي ترغب في استخدام عتاد حلف شمال الأطلسي من دون أن يشاركها التخطيط للعمليات المزمعة. وتطالب الولاياتالمتحدة الاتحاد الأوروبي بأن يعهد بمهمات التخطيط العسكري الى لجنة متخصصة تابعة للقيادة المركزية لحلف شمال الأطلسي. ويمثل هذا الطلب شرطاً مسبقاً تضعه الولاياتالمتحدة قبل موافقتها على استخدام القوات الأوروبية للعتاد الاستراتيجي للحلف. ومن المقرر أن يصل حجم القوات الأوروبية الى 60 ألف جندي يكلفون، من جانب القمة الأوروبية، القيام بمهام حفظ السلام داخل القارة الأوروبية وخارجها ومساعدة تنفيذ مهمات منظمة الأممالمتحدة. وتشكو القوات الأوروبية من نقص العتاد الاستراتيجي مثل الطائرات العملاقة وأقمار التجسس وأجهزة الاتصالات الحديثة والأسلحة الموجهة. وأوضح الخبير الأطلسي أن البلدان الأوروبية تمتلك قمراً اصطناعياً لأغراض التجسس والمعلومات العسكرية، بينما تقتضي مهمات الأمن الأوروبي توفير ما لا يقل عن 20 قمراً لتغطية جوانب الحاجات المعلوماتية كافة. ولا تمتلك القوات الأوروبية أسلحة دقيقة وعتاد الاتصالات والقيادة المركزية. وتشكك المصادر الأطلسية في قدرة الاتحاد على توفير القوات الضروروية لمهام حفظ السلام لأسباب "انعدام الموازنات الكافية" لتطوير العتاد العسكري الملائم لمهام حفظ السلام في البلقان وفي افريقيا.