خطا الاتحاد الأوروبي خطوة اضافية في اتجاه تشكيل قوات عسكرية للتدخل السريع، قد يعهد اليها بمهام حفظ السلام في مناطق في القارة تقع بعيداً من نفوذ حلف شمال الأطلسي أو في تلك الواقعة خارج الحيز الأوروبي ويوصي مجلس الأمن بالتدخل السريع فيها لفض نزاع مسلح. وللرد على مخاوف التدخل العسكري الأوروبي من دون مرجعية المجموعة الدولية، ذكر بيان للاتحاد الأوروبي في هذا الشأن، أن مجلس الأمن "يتحمل المسؤولية الأولى في الحفاظ على الأمن الدولي". وقدمت دول الاتحاد الأوروبي ال15، في اجتماعات مطلع الأسبوع في بروكسيل، مساهمات أولية يصل تعدادها الى 100 ألف جندي ونحو 400 مقاتلة ومئة سفينة. ويعد الاتحاد قوات قوامها 60 ألف جندي قادرة على التدخل في ظرف شهرين وعلى تولي مهامها طوال عام. ويرتفع حجم القوات المتوافرة للتدخل السريع بإضافة مساهمات بلدان وسط وشرق أوروبا المرشحة لعضوية الاتحاد وكذلك تركيا التي تبحث عن دور عسكري سياسي داخل آليات القرار الأوروبية، عبر مشاركتها في عمليات التدخل في الميدان. وتحاول تركيا استثمار موقعها في منطقة الانكسار بين الشرق والغرب لإحياء الدور الاستراتيجي الذي كانت تضطلع به في زمن الحرب الباردة. وحرص الاتحاد الأوروبي على طمأنة الأوساط الأطلسية. وأكد أن القوات الأوروبية للتدخل السريع "لا تمثل جيشاً أوروبياً وانها لن تعوض عن حلف شمال الأطلسي ولن تضطلع بالدور نفسه الذي يتولاه الحلف ولن تفصل بين الحلفاء الأوروبيين من جهة والولاياتالمتحدة وكندا من جهة أخرى". وتستجيب هذه التطمينات للشروط التي وضعتها الولاياتالمتحدة في مقابل تشجيعها الدور العسكري الأوروبي. ويحتفظ حلف شمال الأطلسي بدور الدفاع عن تراب ومصالحهم الحلفاء في النطاق الجغرافي الذي تحدده المادة الخامسة من الميثاق الأطلسي. ويرى أنصار الاندماج الأوروبي أن تشكيل القوات الأوروبية وخضوعها لقرارات القمة الأوروبية، يمثل تطوراً بارزاً في مسار التوحد بين البلدان الأوروبية والرغبة في التخفيف من اعتمادها، شبه المطلق في مجال الأمن، على آليات الحلف. وكانت البلدان الأوروبية اضطلعت بدور نسبي في حروب البلقان منذ مطلع التسعينات وكانت مساهمتها ضعيفة ومحدودة في حرب الخليج الثانية. وتوصي قرارات القمة الأوروبية في هلسنكي بأن تكلف قوات التدخل السريع مهام حفظ السلام داخل المجال الجغرافي الأوروبي أو بتكليف من الأممالمتحدة في المناطق الواقعة خارج القارة الأوروبية. ويفترض أن تتولى القوات الأوروبية مهام التدخل في مناطق التوتر التي لا تعني المصالح الحيوية للولايات المتحدة. وهي بذلك ستكمل دور حلف شمال الأطلسي ولن تنافسه. وستتم عمليات التخطيط العسكري من خلال التعاون بين اللجان المتخصصة لكل من الحلف والاتحاد. إلا ان القوات الأوروبية تفتقد العتاد الاستراتيجي والأسلحة المتطورة. لذلك، فهي تستند الى حلف شمال الأطلسي لاستخدام العتاد اللوجستي الضروري. وتشكو القوات الأوروبية من نقص في طائرات النقل العملاقة مثل طائرات "سي 130" لنقل الجنود والعتاد الى مناطق النزاع البعيدة، وكذلك من نقص عتاد الاتصال وأقمار التجسس. فتمتلك البلدان الأوروبية قمر تجسس عسكرياً في مقابل 70 تابعة للولايات المتحدة. ولا توفر واشنطن لحلفائها سوى المعلومات والصور التي تراها مناسبة لمصالح الولاياتالمتحدة وأهداف سياستها. ومع احتكار واشنطن مصادر المعلومات الحيوية فإنها ستحكم سيطرتها على قرارات ومهام القوات الأوروبية للتدخل السريع. وتبدو القوات الأوروبية الناشئة في موقع لا يؤهلها لمنافسة دور الولاياتالمتحدة.