} لا يخفي اليسار الروسي رغبته في فوز المرشح الجمهوري اليميني الأميركي في الانتخابات الرئاسية، فيما يعول أنصار الغرب في روسيا على تجديد الولاية للديموقراطيين، وتتوقع موسكو أن يتبع جورج بوش الابن في حال انتصاره سياسة أكثر تشدداً لكنها أكثر وضوحاً". حظيت الانتخابات الأميركية باهتمام بالغ في وسائل الإعلام والأوساط السياسية الروسية، خصوصاً بعدما غدت موسكو "طرفاً" فيها، منذ كشف جورج بوش تسرب القروض الدولية الى جيوب مسؤولين روس بينهم رئيس الوزراء السابق فيكتور تشيرنوميردين. وهدد الأخير بمقاضاة المرشح الجمهوري لكنه تراجع عملياً واكتفى بالإشارة الى أن بوش "يعتمد تكتيكات قذرة"، ووصف آل غور بأنه "رجل مسؤول". وأكدت نائبة رئيس البرلمان وزعيمة ائتلاف قوى اليمين ايرينا خاكامادا أن فوز غور سيعني "أن كلينتون لم يخسر روسيا ويعني استمرار الحوار الهادف الى دفع روسيا نحو التطور الديموقراطي". وهذا هو بالضبط مأخذ اليساريين على الولاياتالمتحدة في السنوات السابقة. فقد أشار رئيس الوزراء السوفياتي السابق نيكولاي ريجكوف الى أن واشنطن في عهد الحزب الديموقراطي، اتبعت سياسة "الشخصنة" وراهنت على بوريس يلتسن من دون أن تعير اهتماماً للقوى الأخرى. وفي السياق ذاته، أشار الزعيم الشيوعي غينادي زيوغانوف الى أن فوز غور سيؤدي الى "استمرار سياسة القضاء على روسيا". وأضاف أن بيل كلينتون ونائبه البرت غور اتبعا "نهج الوصاية" على روسيا، وأيدا القيادات التي حكمت بالموت والحرمان على الملايين من السكان. وتوقع أن يتبع بوش "سياسة أقل تدخلاً" في الشؤون الداخلية لروسيا ونبه الى أن اهم المعاهدات التي أبرمت بين الاتحاد السوفياتي والولاياتالمتحدة، كانت في عهد الجمهوريين في البيت الأبيض. وتوقع رئيس مجلس الدوما النواب غينادي سيليزنيوف ألا تطرأ "تغييرات مبدئية" في العلاقات مع روسيا أياً كان الفائز في الانتخابات. لكنه قال إن بوش يفهم بقدر أكبر من غور أن "السياسة الدولية لا تستقيم من دون روسيا". ويرى الخبراء أن فوز أي من المرشحين لن يؤثر في الاستراتيجية الأميركية الهادفة الى توسيع حلف شمال الأطلسي في شرق أوروبا، على رغم اعتراضات موسكو. ولكن رئيس لجنة الشؤون الدولية في البرلمان ديمتري روغوزين ذكر أن المطالبة بضم دول البلطيق الى الحلف، غير مطروحة علناً الآن خوفاً من تدهور حاد في العلاقات بين موسكووواشنطن. وأبدى عدد من المحللين الروس مخاوف من أن يعمد بوش الابن الى تنفيذ دعواته الى نشر شبكة الدفاع الصاروخي، إلا أن السفير الروسي السابق في واشنطن فلاديمير لوكين أشار الى "الفوارق" بين الكلام الانتخابي والسياسة الفعلية. ومعروف أن روسيا تعتبر نشر الشبكة الصاروخية تهديداً لأمنها ومواقعها الاستراتيجية، وكانت اعتبرت قرار الرئيس بيل كلينتون إرجاء البت في هذا الموضوع خطوة ايجابية". وفي ما يخص الملفات الإقليمية، أشار ديمتري روغوزين الى وجود "وثائق" كتبت أن غور اتخذ "مواقف أكثر تشدداً" من كلينتون في الشؤون المتعلقة بكوسوفو والشرق الأوسط، وألمح الى أن بوش قد يكون أكثر "عقلانية". وقال ل"الحياة" خبير روسي إن موسكو تأمل في أن فوز المرشح الجمهوري قد "يزيل واحدة من العقبات" التي تعترض طريق رفع العقوبات جزئياً عن العراق. وعلى الصعيد الرسمي أعلن سيرغي بريخودكو مساعد رئيس الدولة للشؤون الخارجية أن بلاده تأمل في "استمرار الحوار المتكافئ" مع الولاياتالمتحدة و"مضاعفة الزخم الإيجابي" الذي قال إنه تكون خلال السنوات الأخيرة، واعتبر هذا التصريح تأييداً مبطناً لغور الذي كان خلال الأعوام السابقة واحداً من صناع القرار ومسؤولاً عن ملف العلاقات مع روسيا. وأياً كانت التوقعات فإن السياسي المتطرف فلاديمير جيرينوفسكي قال إن نتائج الانتخابات حسمت سلفاً إذ إن "الأوساط المالية العالمية" اتخذت قراراً بأن يفوز بوش بنسبة 6،52 في المئة لا أقل ولا أكثر، لكنه لم يوضح كيف نما الى علمه قرار تلك "الأوساط" الخفية؟