شهدت العلاقات الروسية - الأمريكية مراحل مختلفة بعضها اتسم بالتأزم والتوتر... وبعضها الآخر ساده الهدوء ومحاولات البحث عن حلول تحقق مصالح الطرفين. ومنذ بدء العلاقات الأمريكية الروسية كانت مشوبة بانعدام الثقة بين الطرفين، وهذا ما أدى عقب الحرب العالمية الثانية إلى نشوب الحرب الباردة. ورغم انحسار حدة الحرب الباردة بعد سقوط الاتحاد السوفيتي والتقارب الكبير بين الدولتين في السنوات التي تلت فإن التنافس بين الدولتين لم تفتر وتيرته بين حين وآخر. وتعكس تصريحات صدرت أخيراً من المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأمريكية ميت رومنى أكد فيها على أن روسيا هى «خصم جيوسياسى» للولايات المتحدة، وذلك بعد أسابيع على وصفه موسكو ب»العدو الجيو سياسى رقم واحد لواشنطن» مدى الشكوك التي يحملها كبار الساسة الأمريكيين تجاه روسيا. وانتقد رومنى الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي سيتنافس معه فى السباق إلى البيت الأبيض فى نوفمبر، لانتهاجه سياسة «إعادة إطلاق» العلاقات مع موسكو، معتبرا أنها «خطأ كبير». غير أن تصريحات رومني وإن كانت تُلقي الضوء على ملامح سياسة المرشح الرئاسي الأمريكي تجاه روسيا، إلا أن بعض تصريحات وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون تحمل أيضاً حدة وتعبيرات لم تستخدم منذ فترة طويلة في التصريحات المتبادلة بين مسئولين من الطرفين. فقد ألمحت وزيرة الخارجية الأمريكية بعد إعلان نتائج الانتخابات التشريعية الروسية في نهاية العام المنصرم إلى كونها غير نزيهة وغير حرة. وأن هناك شكاً عن «عمليات حشو لصناديق الاقتراع وتلاعب في قوائم الناخبين ومشكلات عملية أخرى»؟! وقد وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من جهته احتجاجاتِ المعارضة في روسيا على نتائج الانتخابات البرلمانية بأنها مشبوهةً ومرتبطةً بمصالح أجنبية. بل واتهم بوتين واشنطن بتشجيع الاحتجاجات في روسيا ضد نتائج الانتخابات التشريعية، وبأن مئات ملايين الدولارات أُنفقتْ من أجل التأثير على نتائج الانتخابات الروسية وأن وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون أعطت إشارةً للمعارضين للكريملين للتظاهر بتصريحها الأخير .كما قام الرئيس الروسي السابق ديمتري ميدفيدف بنصح المرشح الجمهوري رومني ب»استخدام عقله». وإذا كان الرئيس الحالي باراك أوباما لم يخض بعد الحرب الكلامية بين واشنطنوموسكو، وامتنع – حتى الآن – عن إطلاق نعوت متشددة تجاه الرئيس بوتين أو سياسته، فإنه ليس صعباً أن يلاحظ المرء فتور العلاقة بين موسكووواشنطن على خلفية عودة فلاديمير بوتين الى كرسي الرئاسة في روسيا ونظراً للموقف الروسي بشأن سورية وإيران. كما أن التنافس على كرسي الرئاسة بين اوباما وبين المرشح الجمهوري ميت رومني قد تجبر الرئيس الأمريكي على اتخاذ موقف أكثر تشددا تجاه روسيا وهو ما يشير إلى أوقات صعبة تنتظر علاقة بوتين بأوباما وربما من سيخلفه. نافذة صغيرة: [أن «اختلاق العدو» يمثل عنصراً أساسياً من عناصر سياسة كل من الكرملين والبيتِ الأبيض. علما بأن الجانبين لا يستخدمان هذا العنصرَ، فقط، للمساومة على التوازن الاستراتيجي، بل ولكسب تأييد الناخبين في الداخل] [email protected]