السلطات الجديدة في سوريا تطلق عملية بطرطوس لملاحقة «فلول النظام المخلوع»    غوارديولا راضٍ عن أداء مانشستر سيتي رغم استمرار نزيف النقاط    طارق السعيد يكتب..من المسؤول عن تخبطات هيرفي؟    عمومية كأس الخليج العربي تعتمد استضافة السعودية ل"خليجي 27″    وزارة الثقافة تُطلق المهرجان الختامي لعام الإبل 2024 في الرياض    السعودية: نستنكر الانتهاكات الإسرائيلية واقتحام باحة المسجد الأقصى والتوغل جنوب سورية    الجيش اللبناني يتهم الاحتلال الإسرائيلي بخرق الاتفاق والتوغل في مناطق جنوب البلاد    "رينارد" يستبعد "الشهراني" من معسكر الأخضر في الكويت    بموافقة الملك.. منح وسام الملك عبد العزيز من الدرجة الثالثة ل 200 متبرع ومتبرعة بالأعضاء    أسبوع أبوظبي للاستدامة: منصة عالمية لبناء مستقبل أكثر استدامة    مدرب قطر يُبرر الاعتماد على الشباب    وزير الشؤون الإسلامية يلتقي كبار ضيوف برنامج خادم الحرمين الشريفين للعمرة والزيارة    تدخل جراحي عاجل ينقذ مريضاً من شلل دائم في عنيزة    الإحصاء: إيرادات القطاع غير الربحي في السعودية بلغت 54.4 مليار ريال لعام 2023م    وزير الخارجية يصل الكويت للمشاركة في الاجتماع الاستثنائي ال (46) للمجلس الوزاري لمجلس التعاون    استخدام الجوال يتصدّر مسببات الحوادث المرورية بمنطقة تبوك    السعودية رئيسًا للمنظمة العربية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة "الأرابوساي" للفترة ( 2025 - 2028 )    الذهب يرتفع بفضل ضعف الدولار والاضطرابات الجيوسياسية    استمرار هطول أمطار رعدية على عدد من مناطق المملكة    الفكر الإبداعي يقود الذكاء الاصطناعي    «الإحصاء»: 12.7% ارتفاع صادرات السعودية غير النفطية    حلاوةُ ولاةِ الأمر    بلادنا تودع ابنها البار الشيخ عبدالله العلي النعيم    حملة «إغاثة غزة» تتجاوز 703 ملايين ريال    "الثقافة" تطلق أربع خدمات جديدة في منصة الابتعاث الثقافي    "الثقافة" و"الأوقاف" توقعان مذكرة تفاهم في المجالات ذات الاهتمام المشترك    أهازيج أهالي العلا تعلن مربعانية الشتاء    وطن الأفراح    المملكة ترحب بالعالم    شرائح المستقبل واستعادة القدرات المفقودة    منع تسويق 1.9 طن مواد غذائية فاسدة في جدة    63% من المعتمرين يفضلون التسوق بالمدينة المنورة    نجران: «الإسعاف الجوي» ينقل مصاباً بحادث انقلاب في «سلطانة»    أمير نجران يواسي أسرة ابن نمشان    العناكب وسرطان البحر.. تعالج سرطان الجلد    فرضية الطائرة وجاهزية المطار !    «كانسيلو وكيسيه» ينافسان على أفضل هدف في النخبة الآسيوية    لمن لا يحب كرة القدم" كأس العالم 2034″    واتساب تطلق ميزة مسح المستندات لهواتف آيفون    المأمول من بعثاتنا الدبلوماسية    مسابقة المهارات    تدشين "دجِيرَة البركة" للكاتب حلواني    إطلاق النسخة الثانية من برنامج «جيل الأدب»    نقوش ميدان عام تؤصل لقرية أثرية بالأحساء    اطلاع قطاع الأعمال على الفرص المتاحة بمنطقة المدينة    ما هكذا تورد الإبل يا سعد    أفراحنا إلى أين؟    آل الشيخ يلتقي ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة    الزهراني وبن غله يحتفلان بزواج وليد    الدرعان يُتوَّج بجائزة العمل التطوعي    أسرتا ناجي والعمري تحتفلان بزفاف المهندس محمود    اكتشاف سناجب «آكلة للحوم»    دور العلوم والتكنولوجيا في الحد من الضرر    خادم الحرمين وولي العهد يعزّيان رئيس أذربيجان في ضحايا حادث تحطم الطائرة    منتجع شرعان.. أيقونة سياحية في قلب العلا تحت إشراف ولي العهد    مفوض الإفتاء بجازان: "التعليم مسؤولية توجيه الأفكار نحو العقيدة الصحيحة وحماية المجتمع من الفكر الدخيل"    نائب أمير منطقة مكة يطلع على الأعمال والمشاريع التطويرية    إطلاق 66 كائناً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جلسات مناقشة الحكومة اللبنانية الجديدة تطرح قضايا حساسة . مخيبر يطالب بانسحاب الجيش السوري ... وبسفارة والحريري يرى ان الاستقرار كان مستحيلاً من دون دمشق
نشر في الحياة يوم 03 - 11 - 2000

شهدت بداية جلسات البرلمان اللبناني لمناقشة حكومة الرئيس رفيق الحريري الجديدة في بيانها الوزاري، طرح عدد من القضايا الحساسة أمس، أبرزها موضوع الوجود السوري في لبنان الذي بادر النائب المعارض الدكتور البير مخيبر بالمطالبة بانسحابه، مناشداً الحكومة تحقيقه. فرد عليه الحريري مشدداً على انه "شرعي وموقت وضروري"، معلناً "ان الرئيس السوري بشار الأسد أبلغه استعداده لمناقشة العلاقات الاقتصادية بين البلدين لمصلحة لبنان ولو على حساب مصلحة سورية".
واذ أخذ ما أثاره مخيبر حيزاً مهماً من الجلسة تطرق عدد من النواب الى هذا الموضوع، مؤكدين ربط الوجود السوري بأوضاع المنطقة، فإن موضوعاً أخر أثير أيضاً هو التوقيفات التي تلجأ اليها السلطات والأجهزة الأمنية، كما فعل النائب فارس بويز اضافة الى آخرين تطرقوا الى نقص التمثيل والتوجه الوفاقي في الحكومة. وأثار نواب في كلمتهم قضية المحاصصة في تأليف الحكومة فيما تحدث بعضهم عن اعادة الاعتبار الى وزير المال فؤاد السنيورة باعادته وزيراً أصيلاً للمال، بعد الحملات عليه والملاحقات القضائية التي كان تعرض لها في عهد الحكومة السابقة.
بدأت الجلسة النيابية لمناقشة الحكومة الجديدة، والتي تستمر ثلاثة أيام منقولة على شاشات التلفزة، ساخنة في المواضيع التي طرحها النواب، فسأل النائب علي عمار هل نعطي الثقة لحكومة شكلت من 30 وزيراً أو من 32 وزيراً، أم ان المحاصصة انتهت عند هذا الحد؟" فقاطعه بري مازحاً: "الخير لقدام ان شاء الله. وعندما تصل الى 32 وزيراً لكل حادث حديث". وتحدث الرئيس عمر كرامي فقال: "ما دامت كل القصة تعليباً بتعليب، فلنعط الثقة وننته. ولماذا مناقشة البيان الوزاري؟
وفي حين تزامن انعقاد الجلسة مع اعتصام نفذه اسرى محررون مطالبين بتنفيذ ما وعدوا به لجهة توظيفهم في مؤسسات الدولة، قال بري: "هناك أخوة كانوا معتقلين وحرروا يعتصمون خارج المجلس، وقد صدرت قرارات عن مجلس الوزراء السابق باعطائهم حقوقهم، المجلس يتبنى مطالبهم وحقوقهم".
ثم اعطيت الكلمة للنائب ألبير مخيبر الذي سأل رئيس الحكومة: "هل نتغافل عن تصريح الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان أمس عن الخطر الداهم على الحدود اللبنانية - الاسرائيلية؟ ولماذا نحرك النار على الحدود ونعيد حرب الحجارة؟ هل نحن مستعدون لحرب جديدة: مع اسرائيل؟ هذا خطير جداً، ولماذا لا يحمي الجيش اللبناني الحدود، خصوصاً انه أعدّ لهذا الأمر"؟ وقال إن البيان الوزاري "جميل جداً وكل ما ورد فيه لا يمكن ان ينفذ الا بغطاء سياسي. وهذا الغطاء غير موجود، فهل يمكن ان نؤكد ان الحرب لن تنشب على الحدود؟". وعن تطوير العلاقة مع سورية قال: "لا اعتقد ان أحداً اكثر مني متمسك بعلاقات جيدة مع سورية، ولكن اذا كنا مستقلين فلماذا تطوير العلاقة؟ ولبنان في حاجة الى الوحدة، لكن ذلك لا يكون بتطوير العلاقات مع سورية، والشعب يطالب بأن تكون هناك علاقات ديبلوماسية معها".
وذكر بقول الرئيس المصري حسني مبارك إن الجيش السوري موجود في لبنان لفرض التوازن، معتبراً اياه "كشف لنيات مبيتة على الشعب اللبناني". وأضاف: "البلد بني باتفاق المسيحيين والمسلمين، وهناك رؤساء الحكومات السابقين رياض الصلح وعبدالحميد كرامي وسامي الصلح وصائب سلام، من بناة لبنان المستقل ورياض الصلح، هذا الرجل العظيم عندما ألغى العملة المشتركة بين لبنان وسورية، ازاح الوصاية السورية عن اللبنانيين، وكذلك فإن المسيحيين ومنهم أقطاب في الموارنة، كانوا السبب الأساسي وضحوا لخروج الفرنسيين من لبنان. واللبنانيون يطالبون بخروج سورية لرفع الوصاية، "لأن بقاءها سيكلف حرباً، خصوصاً بعد الكلام الذي قاله أنان أمس. فلماذا لا تذهب المقاومة لتحرير الجولان؟ والى أين المصير مع فرض وجود الجيش السوري علينا؟". واعتبر أن "من واجبات الحكومة أن تطلب من الرئيس السوري سحب هذا الجيش لأن وضعه سيبقى مطروحاً للمزايدات، وأن تطلب من سورية ان يكون لها سفير". وتابع: "لبنان لا يقبل ان يبقى هناك اي غبار على استقلاله وهو في حاجة الى الاطمئنان، كما سورية التي يهمنا ان تكون مرتاحة ومحررة وديموقراطية فلا مهمة للجيش السوري عندنا الا اذا كانت النية الحرب".
وقال: "عندما دخل الجيش السوري من دون اذن من احد، اخذ البعض يقول الاحتلال السوري والاحتلال الاسرائيلي. ورفض البعض ذلك وقال الوجود السوري والاحتلال الاسرائيلي. انسحب الاسرائيليون وكان يفترض ان ينسحب الجيش السوري، وتبين ان كلمة الوجود تعني البقاء لا الوجود الموقت وهذه الحكومة هي نتيجة للسياسة وللمسار اللذين اتبعتهما الحكومات منذ دخول الجيش السوري". وقال: "لا اعتراض لنا على هذه الحكومة ولكن لا يمكن ان نعطي الثقة وفي البيان الوزاري كلمة الوجود السوري الشرعي، الثقة في يد الحكومة ورئيسها ووزرائه، واذا بقي لبنان وحكومته حكومة ظل لسورية ليس عندنا ثقة نعطيها".
وطلب بري من الحريري الرد على اسئلة مخيبر بناء على طلب الأخير. فقال: "الدكتور مخيبر أثار أموراً عدة جوهرية عن الجنوب وكلام السيد أنان، كأن لبنان المعتدي، فيما هو المعتدى عليه، وعنده أراض محتلة والسيادة لا تقاس بالامتار".
واعتبر ان ما تثيره اسرائيل في هذا الصدد يعود الى "وضعها السيئ في الأراضي الفلسطينية ولابعاد الانظار عما يحصل فيها، فتركز على الجنود الاسرائيليين والجاسوس الموجودين لدى المقاومة... وكل المنظمات والحكومة ورئىس الجمهورية أبلغوا الأمم المتحدة وأنان ان على اسرائيل ان تفرج عن المعتقلين في سجونها، وهي تتعنت وتحتجز 19 لبنانياً، وواجب المقاومة ولبنان استعادة ابنائه بالطرق التي تفهمها اسرائيل. والقول اننا نحركش باسرائيل، خاطئ وغير صحيح، لأن اسرائيل تحاول انشاء وضع لاعطاء مبررات. الوضع في الجنوب مستقر، لكنه هش لأن اسرائيل ترفض السلام، وما يحل المشكلة ليس ارسال الجيش أو عدمه، بل اقامة سلام دائم في المنطقة يقوم على انسحاب اسرائيل من كل الأراضي المحتلة واعطاء الفلسطينيين حقوقهم المشروعة في دولة عاصمتها القدس". وسأل: "ماذا لو خطف الاسرائيليون الجنود اللبنانيين اذا أرسلناهم الى الجنوب؟".
وقال الحريري: "إن الجيش السوري دخل لبنان، ولا أريد العودة الى الظروف، نتيجة التصرفات الخاطئة لكل الطوائف والفئات. أما اعطاء الصورة وكأن سورية هي سبب المشكلات فهذا مخالف للحقيقة. ولا أقول هذا الكلام طمعاً بالمناصب أو المواقع بل للحق فقط. دفعنا جميعاً ثمناً غالياً، ومن دون سورية لكان مستحيلاً ان يستقر الوضع". وأضاف: "هناك مشكلات في لبنان وتناقضات، وجاءت سورية وأدت دوراً ايجابياً كبيراًَ، وقد تكون اعترته اخطاء، ولكن لا نحاولن تبسيط الأمور".
وخاطب مخيبر بالقول: "قلت ان سورية دخلت لبنان من دون اذن احد، ولكن في كل المؤتمرات التي حصلت، نعرف ان الشرعية اللبنانية هي التي طلبت الدخول السوري. والشرعية اللبنانية تقول إن الوجود السوري شرعي وموقت، والبيان الوزاري قال ذلك. فمن الخطأ ان نحاول ان نصور ان سورية هي المشكلة، اسرائيل هي المشكلة. والوجود السوري موجود فعلاً، لأن ليس بيننا وبين سورية مشكلات. وهذا الوجود أدى دوراً أساسياً في اعادة تكوين السلم الأهلي في البلد. وكان في استطاعة السوريين، لو عندهم اطماع في البلد ان يفعلوا ما يشاؤون، اذ لم يكن عندنا جيش، وبني الجيش برغبة سورية. وكانت داعمة في شكل غير محدود. وأي دولة تريد السيطرة على بلد مجاور لا تسمح ببناء جيش قوي".
وأضاف: "الوجود السوري يتقلص في الكثير من المناطق لمصلحة الشرعية اللبنانية ونحن مقتنعون بأنه ضروري اليوم في الصراع الكبير مع اسرائيل". واعتبر ان "اسرائيل في حال ضياع ولا نعرف كيف يمكن ان تستعمل قوتها، واثارة هذه الأمور مع الأخوة السوريين في هذا الوقت بالذات غير مجدية، وتثير الفرقة بين اللبنانيين، والتمسك بالسيادة والاستقلال ليس حكراً على أحد ولا يزايدن احد علينا. نحن لا نرى تناقضاً بين سيادة لبنان واستقلاله، والوجود السوري. وتحدثنا عن تطوير العلاقات لمصلحة لبنان واجتمعت قبل يومين مع سيادة الرئيس بشار الأسد، وكان متجاوباً في أي امر يؤدي الى تمتين العلاقات. وقال الأسد ان الأمر سيحصل ولو على حساب مصلحة سورية، وسيعطي التوجيهات لذلك وسيرسل رئيس الحكومة السورية محمد ميرو الى لبنان لهذا الغرض".
وتابع: "في موضوع السفارة ذكرت رجالاً كباراً، لم تحصل السفارة على ايامهم وكنت انت موجوداً. فلماذا لم تطالبوا بذلك؟ لبنان ليس من دعاة الحرب، واسرائيل تشعر ان لديها القوة العسكرية لتركيع العرب أجمعين ويجب ألا نقول اننا نحركش، وحق التظاهر والتعبير عن الرأي حق مشروع". وأشار الحريري الى "سرقة اسرائيل مياه الوزاني كجزء من الاعتداء ويجب ألا تصور اسرائيل دولة وديعة نعتدي نحن عليها. هي تحتل جزءاً من أرضنا وتحتفظ بمزارع شبعا وبالمخطوفين لديها أخذتهم من بيوتهم، وعلى المنظمات الدولية أن تطلب من اسرائيل ازالة احتلالها الأراضي اللبنانية ووقف سرقة المياه واعادة المخطوفين". وقال: "اسرائيل هي التي تعتدي وتتهرب من السلام. وعندما تصل الأمور الى قرب الاتفاق تفتعل مشكلة. اتفاق أوسلو ومع رأينا فيه، تتهرب اسرائيل من تنفيذه لتزيد الضغط على الطرف العربي لمزيد من التنازلات".
وتلا الحريري النائب جان عبيد فدافع عن الوجود السوري وشرعيته، قائلاً انه عايش مرحلة دخوله "ولم يكن اطلاقاً مشيئة سورية فقط، بل وليد مراجعات واتصالات قامت بها اعلى المرجعيات في السلطة في لبنان ولم يكن ذلك لمصلحة سورية فقط بل كان للحؤول دون استمرار الصراع بين فئات، كانت تتسم تصرفاتها بالقسوة. نحن لا نقول إن الجيش السوري يجب ان يدخل لبنان الى الأبد وقد أحسن رئيسا الجمهورية والحكومة القول إنه موقت وشرعي". وأضاف: "اذا أخطأ سوريون، لا يعني ان الشعب السوري أخطأ. ومعالجة هذا الموضوع تنطلق من الملاحظات المحقة"، داعياً الى "الحوار بين البلدين في المسائل التي تثار".
واعتبر ان "أساس الصراع في المنطقة يفرض طول هذه الاقامة ونحن لسنا ذاهبين الى الهدنة بل عائدون منها. اذ ما زال أساس الصراع بلا حل والفلسطينيون بلا دولة أو حق العودة وبلا عاصمة، واسرائيل ترفض اعلان حدودها ولا تبلغ الأمم المتحدة بها، ولم تلغ أطماعها. فإذا اتفقنا على هذا الموضوع نتوصل الى حل مع المخلصين ولا أقبل إلا ان يكون الدكتور مخيبر في طليعتهم ولكن رأيه ليس على صواب". ورأى عبيد ان "هذا الموضوع ملك الدولة مع الأخذ في الاعتبار آراء كل المرجعيات ولكن انطلاقاً من تكامل مصلحة لبنان وسورية". وختم قائلاً: "ثقتي بالحكومة في محلها". ودافع عن الوزير فؤاد السنيورة في قضية محرقة برج حمود الملف القضائي الذي كان يلاحق به....
ثم كانت مداخلة للنائب مخايل الضاهر الذي شارك الحكومة "اعتزازها بتحرير الجنوب وبدعم فاعل من سورية التي نأمل بمساعدتها لنكمل مسيرة التحرير". واعتبر أن البيان الوزاري "غلب عليه الطابع الانشائي والأدبي الممل ولا يليق أبداً بحكومة فيها هذا الكم وهذا الحجم من الطاقات والوزراء المخضرمين، ولو كانوا في مقاعدنا لكان كلامهم على هذا البيان، أشد قسوة بكثير"، ولاحظ "إن الحكومة تقول في البيان كل شيء من دون اي التزام دقيق وواضح تسأل عنه والبيان تناول عبارات صون المؤسسات الدستورية والدستور". وذكر الحريري بعدم توقيعه المشروع المتعلق بتعديل قانون الأحوال الشخصية الزواج المدني "فيه مخالفة نافرة لأحكام الدستور". وطالب الحكومة "بتصحيح الخطأ الدستوري الجسيم الحاصل في قانون الأثراء غير المشروع الذي نص على ان رئيس الجمهورية الذي لا يصرح خلال مدة شهر من صدور القانون أو من تاريخ انتخابه عن ثروته، يعتبر مستقيلاً من الوظيفة. وهذا ينسحب أيضاً على رئيس الوزراء والوزراء في شأن الحالات التي يمكن ان يعتبروا فيها مستقيلين". ودعا الحكومة فوراً الى "اقرار مشروع قانون تضع فيه حداً لهذه المخالفة ووقف الابتزاز والمزايدات التي تنال من مرتكزات أساسية وجوهرية".
وأضاف: "كفانا الحديث عن السيادة فهي اليوم للأمكنة الخارجة عن القانون لا للبنانيين الذين ارتضوا أن يكون رئيسهم تحت القانون". وعندما بدأ يتحدث عن قصور الدولة في معالجة الأزمة الاقتصادية وخصوصاً في عكار وهو في حال انفعال، أحس فجأة بدوار واعياء، فطلب منه بري التوقف عن الكلام. فتنحى جانباً واستوى على احد مقاعد الوزراء. وتقدم منه نواب معظمهم أطباء، رافقوه والحريري الذي طلب احضار مسعفين ومعدات طبية من سيارته، الى غرفة جانبية. فتم اسعافه ثم اعيد الى قاعة الجلسة فصفق له النواب، وقال بري: "هذا من انجازات الحكومة".
وركز النائب محمد يحيى على ما تعانيه أقضية عكار والضنية وبشري، واصفاً اياها ب"مثلث الحرمان"، ومنح الثقة للحكومة.
وسأل النائب نقولا فتوش "أين هو التمثيل لمعظم التيارات والفئات وزحلة الكاثوليكية تستبعد؟". وقال "إن زحلة تصادر قرارها الحكومة الحالية وتعاقبها ويتغاضى عن ذلك رئيس الجمهورية، فكفى مصادرة لقرار الطائفة الكاثوليكية ولزحلة". وأشار الى "فئة من اللبنانيين تحاول الاستئثار بالسلطة وتهميش الفئة الثانية أو تمثيلها بأشخاص يرضون عنها".
وأشار الى قرار هيئة محكمة التمييز قبول مراجعة الوزير السنيورة بأن تكون ملاحقته من صلاحية هيئة محاكمة الرؤساء والوزراء بالقول: "القضاء سلطة ولكن على السلطة السياسية ان توقف التدخلات. ولماذا لم تصدر هذه الهيئة قرارها الا غداة توزيره علماً ان الموضوع سياسي ولا علاقة له بأي شيء آخر؟". ورفض منح الثقة للحكومة، لكنه قال: "انها اذا احسنت فسنقف الى جانبها، وان امعنت في الخطأ فسنستمر في محاسبتها".
وكانت الكلمة الأخيرة، قبل ان يرفع بري الجلسة الى المساء، للنائب فارس بويز الذي قال: "عندما سيسقط القناع في جنيف بالذات وتنكشف مرة اخرى نيات اسرائيل، وعندما لا يقابل خيار السلام الاستراتيجي العربي الا بالرفض والشروط المستحيلة، وعندما سيسقط السلام وتعود المنطقة برمتها الى ما قبل مدريد، وعندما تعود التهديدات الى جنوبنا، فأين المناعة والوحدة الوطنية والأحزاب والطوائف والمناطق والقوى الفاعلة التي نحاورها وندخلها في قلب القرار والمسؤولية؟".
وأضاف: "عندما يغيب الاصلاح على رغم الشعارات الرنانة وتتساقط المؤسسات والشركات وينتشر الرعب من الوشاية، ويصبح مبرراً لرشاوى باهظة ... وعندما تسقط الثقة نتيجة الاتهامات والافتراءات والملفات المدبرة ويدخل الوطن، معارك من دون رحمة فكم من الصعب اعادة تكوين الثقة عندما تسقط؟".
وتابع "عندما تتسع الهوة بين الشعب والمسؤولين وتطوق وتحجم وتلجم شرائح أساسية وتقهر وتحارب وتردع ويقبض عليها يومياً وتعتقل وتضرب وتهان في حين لا يمت نشاطها بصلة الى الأمن الوطني أو القومي أو الاجتماعي، وتتحول وظيفة بعض الأجهزة دوراً قمعياً لصلوات الأهل على موتاهم، وعندما تتكاثر الأجهزة ومعها عناوينها وأسماؤها، وتتناقض مهماتها غير المحددة احياناً، وتتضارب صلاحياتها وينتهي أمرها الى ان شعبها هو عدوها، ولا علم للقضاء بنشاطاتها، وعندما نفتقدها في معارك الوطن لنجدها في ساحات المعارك الانتخابية والزواريب الداخلية بلباس ام المعارك، وعندما تغيب شرائح سياسية أساسية عن صياغة القرار الوطني والمشاركة الحقيقية في صنع القرار وتبنى الافخاخ السياسية والأمنية والقانونية وتكون المشاركة منقوصة فعبثاً تسلم السياسية. وعندما تكون السياسة غير سليمة فعبثاً نبني اقتصاداً.
وقال: "طالبنا خلال الاستشارات الرئيس المكلف بحكومة استثنائية، وحكومة اقطاب جامعة تصالح الدولة مع الشعب، فإذا بنا أمام حكومة يترأسها من سماه الشعب، لكن هذا الرجل عائد بظروف تختلف عن الظروف التي اتت به سابقاً عندما كانت المنطقة متجهة نحو السلام ...، واليوم وان كان حجم الحريري لا يزال الأكبر كان عليه ان يستند الى حكومته في حجم تلك التحديات". وأضاف: "أنصفه الوطن عبر المطالبة بعودته بعد الحروب التي شنت عليه فكان عليه ان ينصف الوطن عبر حكومة شاملة التمثيل. ثم ان عودة وزير المال اصيلاً هذه المرة، هي ليس فقط انصافاً لمن اضطهد ان عودته تشكل قمعاً لأسلوب كاد يترسخ، وكاد يقضي بنقل المعركة السياسية الى حلبة المعركة القضائية".
وقال: "قد يكون رئيس الحكومة سعى الى ان تكون حكومته استثنائية لظرف استثنائي، وقد يكون تخطى الاحقاد والخصومات إلا ان بصمات آخرين شوهت هذه الحكومة عبر تغييب مزاجي، وقد كونت عودة فريق ظلم تشهيراً، مدخلاً رئيسياً الى عودة أفرقاء آخرين ينتظرهم الوطن ودونهم تبقى معادلة الغالب والمغلوب معطلة لنهضة حقيقية. فكذبوا ظن من لا يزال يعتقد ان هذه الحكومة اصغر من حجم لبنان ووقف الاعتقال لمصلحة الحرية ... عندئذ لكم ثقتنا وثقة الشعب".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.