رأى رئيس الجمهورية اللبنانية اميل لحود أمس ضرورة بقاء الجيش السوري في لبنان ما دامت اسرائيل تحتل الجولان السوري ومزارع شبعا اللبنانية ولم توافق على منح اللاجئين الفلسطينيين حق العودة، في حين رفض معارضون أمس هذا الموقف الذي سبق لرئيس الحكومة رفيق الحريري أن أعلنه خلال جلسة الثقة، رداً على النواب المطالبين بانسحاب الجيش السوري أو بإعادة انتشاره. بيروت - "الحياة" أ ف ب - قال الرئيس إميل لحود لدى استقباله وفداً من وكالة "فرانس برس" برئاسة رئيسها مديرها العام برتران ايفينو أمس: "نحن لا نزال في حال حرب مع اسرائيل على رغم انسحابها من جنوبلبنان في ايارمايو الماضي. الاسرائيليون انسحبوا بالقوة بفضل المقاومة والدولة اللبنانية، ولكن خصوصاً ايضاً بفضل مساعدة السوريين". واضاف: "لا يصح الآن ان نترك سوريي الجولان تحت الاحتلال الاسرائيلي. لان لا سلام في الشرق الاوسط ما دام الجولان محتلاً، ثم ان للبنان مطالبه الخاصة، وهو سيواصل تعاونه الوثيق مع سورية، ما لم تتم تلبيتها. فإلى الانسحاب الاسرائيلي من الجولان يطالب لبنان بحصول الفلسطينيين المقيمين على ارضه على حق العودة، وان تعيد اسرائيل مزارع شبعا وتوقف انتهاكات طيرانها الأجواء اللبنانية وتفرج عن المعتقلين اللبنانيين لديها". واعتبر ان "انسحاب سورية يلحق اليوم ضرراً بالأمن الداخلي في لبنان. وسيريح اسرائيل حصول اضطرابات في لبنان لأن هذا يمنحها هامشاً من المناورة". وقال لحود: "اني متأكد من ان سورية، عندما يحل السلام الشامل، ستطلب بنفسها الخروج من لبنان". واكد، من جانب آخر، أن "من غير الممكن انتظار السلام الشامل" للخروج من الازمة الاقتصادية التي يشهدها لبنان، معرباً عن "تفاؤله" لأن "رئيس الوزراء الجديد رفيق الحريري خبير في المجالين المالي والاقتصادي". واضاف: "يجب اعادة تنشيط الاقتصاد وخصوصاً عبر خصخصة المؤسسات العامة". واوضح ان "طموحنا عندما يعم السلام في المنطقة، ان يصبح لبنانسنغافورة الشرق الاوسط". واعرب عن امله أن "تؤدي اوروبا وخصوصاً فرنسا دوراً مهماً في عملية السلام في الشرق الاوسط. نعرف ان فرنسا محايدة فعلاً في النزاع العربي - الاسرائيلي، على رغم بعض الضغوط الدولية". مواقف معارضة وسجلت أمس مواقف معارضة، فذكّر العماد ميشال عون ب"الذرائع" التي ساقتها دمشق "لتأمين استمرار وجود جيشها في لبنان" منذ العام 1976، ومنها: "اطفاء الحريق الفلسطيني"، و"حماية المسيحيين"، و"عدم جعل لبنان ممراً للاعتداءات على سورية"، و"حماية المقاومة في الجنوب في مهمتها التحريرية"، و"ضرورة استراتيجية لتحرير الجولان، بعدما انسحبت إسرائيل من جنوبلبنان". ولاحظ في المدة الأخيرة "ترويحاً لإبراز هذا الوجود كأنه حاجة لبنانية، وربطه بحل شامل وعادل في الشرق الأوسط لن يحدث في المدى المنظور، أو غير مضمون على الأقل، ما يمهد لإقامة دائمة لسورية في لبنان وضمه قانوناً بعدما ضم واقعاً". وأضاف: "حاولنا ان نقتنع ان هناك رغبة جديدة لسورية في الانفتاح وترقبنا ان تترجم بنهج جديد في العلاقة مع اللبنانيين، فإذا بنا نلمس تثبيت علاقة سورية بأزلامها، وضرب من يريد ان يكون صديقاً لها". ورأى "ان العلاقات السليمة لا تقوم على الخبث والاحتيال وحمل شعارات مناقضة للغايات الحقيقية"، مطالباً "بترجمة النيات الحسنة". وختم سائلاً: "ماذا ستكون ذريعة سورية للبقاء اذا حدثت الأعجوبة وصار الحل الشامل؟ فقد يرى البعض سبباً في خلاف قد ينشب مثلاً بين كارلوس منعم الرئيس الأرجنتيني السابق من أصل سوري، والجالية اللبنانية - الأرجنتينية... ويستمر المسلسل". وفي أول سؤال نيابي يوجه الى الحكومة، سأل النائب البير مخيبر الرئيس الحريري "هل تعتقد ان مطالبة المعارضة باستقلال بلدها وسيادته واعادة قراره الحر اليه، تشكل اجحافاً كبيراً وظلماً في حق سورية، ولا تشكل مساً صريحاً بالكرامة والشرف الوطني؟ وهل الطلب الملح لانسحاب الجيش السوري، خصوصاً بعد انسحاب اسرائيل، تجريح بالكرامة السورية؟ وهل طلب اقامة علاقات ديبلوماسية بين لبنان وسورية يعتبر خرقاً للصداقة بينهما؟ الا تشعر بالخوف من حرب قد تسببها حرب الحجارة على بوابات الحدود، معطوفة على تصريحات الموالين للحكومة التي تطالب بإعطاء مراكز استراتيجية للجيش السوري على الأرض اللبنانية؟ ولماذا تعتبر الحرب الاسرائيلية حرب لبنان وحده؟ ولماذا، بعدما تحرر الجنوب، لا تعمل سورية مع المقاومة لتحرير الجولان؟". وطالب مخيبر الرئيس السوري بشار الأسد "بسحب قضية الوجود العسكري السوري من لبنان من التداول لأن وجوده يعرقل التفاهم، ولأن لبنان يريد ان يرتاح من الهواجس وان يستبدل الجيش السوري بالعلاقات الديبلوماسية بين لبنان وسورية". ورأى النائب السابق ادمون رزق، بعد لقاء البطريرك الماروني نصرالله صفير، "أن لبنان يحتاج الى حوار حقيقي، فلماذا يضيق البعض ذرعاً بالحوار، ويعمد فوراً الى التخويف والتخوين والتوجه المستعلي؟". وأضاف: "إننا نريد أفضل العلاقات مع سورية، لذا يجب ان تكون هناك مصارحة، بدلاً من التراشق والتخوين والترهيب والتطاول". ورأى "ان التذرع كل مرة بالتوقيت لمنع الخوض في المواضيع الأساسية مسألة ترمي الى تعطيل الحريات". وفي بكركي، أسف النائب نسيب لحود للحملة التي تعرض لها النائب وليد جنبلاط. واعتبر "ان الضمان الحقيقي لنجاح مسيرة الحكم والحكومة في لبنان، التطرق جدياً الى تصحيح العلاقات اللبنانية - السورية وتحقيق الوفاق الوطني وادخال الجميع تحت سقف المؤسسات". وأسف لأن الحكومة "لم تبد أي استعداد لهذا الموضوع". وشدد على أهمية التحاور في مختلف المواضيع. ونوه حزب الوطنيين الأحرار بخطاب النائب جنبلاط خلال جلسات مناقشة البيان الوزاري، واعتبر انه "تميز بموضوعية ودقة واعتدال ما يستوجب التأييد والدعم". ولاحظ "ان ردود الفعل عليه اتخذت منحى شارعياً ومضموناً مافيوياً". وأعلن "رفضه حصر البحث في الوجود السوري بالحكومة والحوار بالمجلس النيابي". واعتبر "ان أهل الحكم ومن وراءهم على وشك النجاح اذا كانوا يسعون الى دفع شريحة من اللبنانيين الى التطرف".