اجتمعت ست منظمات شبابية وطلابية لبنانية حول موقف واحد، وأصدرت بياناً نهار الثلثاء وُزّع على الجامعات ووسائل الإعلام، أعلنوا فيه دعوتهم لفتح حوار حقيقي وصريح حول موضوع الوجود السوري في لبنان، "لمصلحة البلدين"، وأعلنوا أنهم ضد لغة التخوين والترهيب التي طالت النائب وليد جنبلاط ومنعته من دخول الأراضي السورية. البيان، كما قال بعض الموقعين الشباب، لم يأخذ موقفاً من كلام جنبلاط أو سياسته بقدر ما كان موجهاً ضد أجواء الترهيب والتهديد السائدة، والتي تمثلت بكلام النائب عاصم قانصوه الذي "تحدث بنَفَس فيه رجوع لأجواء الحرب الأهلية بعد مرور عشر سنوات على انتهائها". المنظمات ضمت مجموعات وتيارات عدة مثل منظمة الشباب التقدمي الاشتراكي، التي وجهت الدعوة الى باقي الأطراف للتحرك، والمجموعات اليسارية المستقلة، والتيار الوطني الحر، والخط المباشر، طلاب من الحزب الشيوعي يسمّون انفسهم قوى الإصلاح والتغيير، وشبيبة فرج الله الحلو. الموقعون على البيان كانوا قد التقوا في بيان سابق تناول موقفهم من الانتفاضة الفلسطينية ومن الجامعة العربية، وذلك بالاشتراك مع حركة الشعب التي رفضت هذه المرة التوقيع على بيان فيه دفاع عن وليد جنبلاط. ويقول بعض شباب المنظمات الموقعة على البيان أن عدول حركة الشعب عن المشاركة في هذا البيان يعود الى الانقسام الذي يحدث تدريجاً بين القوى اليسارية في البلد، ويطال هذا الفرز اليساري الممثل لكل من وليد جنبلاط ونجاح واكيم، الحركات الشبابية والطلابية. وبعيداً عن التصريحات المعلنة أو المواقف الواضحة، يشعر بعضهم أن جنبلاط وواكيم يحاولان تزعم "يسار" ما، كل على حدة، ما يزيد من الانقسامات بينهما في أكثر من مكان. ففي المقابلة التي أجراها سمير قصير مع وليد جنبلاط في جريدة النهار، قال الأخير إن واكيم ما يزال تحت السقف، ويقصد بذلك علاقته بالرئيس لحود وبسورية. أما حركة الشعب، فقد أخفقت في تحالفها مع مجموعة "بلا حدود" اليسارية في انتخابات الجامعة الأميركية في بيروت، وذلك لأنها لم تعلن موقفها من الوجود السوري في لبنان، كموقف مشترك مع "بلا حدود". كان لبعض هذه التنظيمات تقارب ومواقف مشتركة سابقة، خصوصاً العونيين، والاشتراكيين، والمجموعات اليسارية المستقلة، والخط المباشر مثل الاعتصام من أجل الحريات الذي جرى قبيل الانتخابات النيابية، والتظاهرة ضد الاعتقالات التي سبقتها بأشهر. هذه اللقاءات والمواقف ليست إلا نتيجة للتقاربات التي تحصل منذ فترة في الجامعات مثل التحالفات الانتخابية والنقاشات داخل وخارج الجامعات، مما سهّل كسر الحواجز والبرود بين هذه الأطراف. وعلى رغم وجود اختلافات كبيرة، لا بل وجوهرية بينهم، فإن مجرد وجودهم "خارج السقف"، كما يصفون أنفسهم، أي أنهم غير مستتبعين للسلطة أو لسورية، كان عاملاً أساسياً لتحالفهم وتجمعهم حول أمور ومواقف معينة. ويفسر ذلك عدم وجود تيارات، مثل القوميين السوريين، وحركة أمل، أو القوات اللبنانية، بينهم. وقد ساعد بُعد جنبلاط عن السلطة وتغيّر موقفه منذ فترة على تقرب العونيون مثلاً من الاشتراكيون، فدعوهم الى مخيم مشترك خلال الصيف، وكذلك المجموعات اليسارية والخط المباشر. فالاشتراكيون حققوا كما يقولون خطوات مهمة في إطار خروجهم من الطائفية والتركيبة السياسية، وهذا بالضبط ما جعل الآخرين من موقّعي البيان يخطون تجاههم. ويقول بعض ناشطي المنظمات أن القصد من هذا البيان ليس إعلان موقف من هذا أو ذاك بقدر ما كان محاولة للخروج من اللهجة الخجولة التي سادت المواقف من الوجود السوري في لبنان، وإعلان موقف ضد لغة التخوين وأجواء الترهيب والتهديد التي أصبحت "بديهية" بالنسبة للكثيرين، ودعوة عامة لفتح حوار صريح وموضوعي حول أمر صار النقاش فيه ضرورياً. والجدير ذكره أنه أعقب توزيع هذا البيان توزيع لبيان آخر في الشوارع موقّع من قبل بعض المنظمات التي شاركت في البيان الذي سبقه، اضافة الى القوات اللبنانية. إلا أن المنظمات التي وقعت البيان السابق وتم ذكرها في هذا البيان، تؤكد أنها لا تعلم شيئاً عنه وأنها لم توقعه.