أكد تحالف قوى 14 آذار ان «أي عدوان اسرائيلي على أي جزء من لبنان هو عدوان على كل لبنان الذي سيواجهه يداً واحدة حماية للوطن ومصلحته العليا»، معتبراً أن «التباين المشروع (مع قوى 8 آذار) شيء، ومواجهة الاحتلال شيء آخر». وأعلنت قوى 14 آذار في بيان أصدرته بعد اجتماع عقده عدد من اركانها ومكوناتها السياسية، في غياب رئيس الحكومة سعد الحريري الذي غادر بيروت الى ألمانيا في زيارة رسمية، في الذكرى الخامسة لتأسيس حركة 14 آذار في التظاهرة المليونية الضخمة في مثل هذا التاريخ من العام 2005 أن «انتفاضتها مستمرة على رغم خيبات الأمل وهي كثيرة وعلى رغم الأخطاء التي ارتكبناها»، وأطلقت «خطة عمل لحماية لبنان من 7 نقاط دعت الى تجاوز المصالح الفئوية الضيقة من اجل تضامن وطني مجتمعي... وتجنب أي سلوك من شأنه التعطيل». وإذ شددت قوى 14 آذار على ان «الدفاع الوطني مسؤولية الدولة» وأن «على لبنان ألا يكون منطلقاً لإشعال فتيل الانفجار في المنطقة انطلاقاً من أراضيه»، فإنها أشارت الى «الأخطار واحتمالات الحروب المدمرة» وإلى «العدو الإسرائيلي الذي ما زال يمعن في رفض السلام ضارباً عرض الحائط كل القرارات والمساعي الدولية» وإلى «التهديدات المتبادلة على خلفية الملف النووي الإيراني»... متجنبة الإشارة كما العادة الى «جر لبنان الى المحاور الإقليمية». وفيما صيغ بيان قوى 14 آذار بلغة معتدلة تجنبت تظهير المواضيع الخلافية بحدة مع أركان المعارضة و «حزب الله» لا سيما في شأن سلاح الأخير، انشغل الوسط السياسي في تسقط ردود الفعل على المواقف التي أعلنها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ليل اول من امس تجاه سورية، في آخر إطلالة إعلامية له (على محطة «الجزيرة») للإدلاء بالتوضيحات التي طلبتها القيادة السورية منه على مواقف حادة صدرت عنه ضدها في أوج الخلاف معها لا سيما عام 2007 (ألغى ظهوره الذي كان مقرراً اليوم على شاشة «المستقبل»). وفيما سجّلت صحيفة «الوطن السورية» الخاصة انه «غاب» عن حديث جنبلاط «فعل الاعتذار الواضح والمباشر من الرئيس بشار الأسد ومن الشعب السوري»، أشارت الى ان «أي رد فعل رسمي سوري لم يصدر» تجاه كلام جنبلاط «في انتظار قرار الرئيس الأسد الذي وحده يقرر إن كان كلامه كافياً لاستقباله في دمشق أم لا». وفيما نسبت صحيفة «الوطن» السورية الى محللين في دمشق وصفهم كلام جنبلاط بأنه كان متعالياً، كأن «زيارته مصلحة لدمشق وليست برجاء منه»، اعتبر عضو «اللقاء النيابي الديموقراطي» مروان حمادة (الذي حضر مع نائبين آخرين من اللقاء اجتماع قوى 14 آذار في فندق بريستول امس)، ان جنبلاط «تجاوز أموراً كثيرة وتعالى بهدوء وكان كبيراً في إطلالته ولائقاً في كلامه، صارماً وحاسماً في مواقفه، ولم يخرج عن مسلمات والده». وتلقى جنبلاط ليل اول من امس اتصالات عدة إثر مقابلته التلفزيونية مع «الجزيرة» منها من الحريري الذي اتفق معه على لقاء بعد عودته من زيارته لألمانيا، وتلقى ايضاً ردود فعل من مشايخ دروز أعربوا عن رضاهم على الكلام الذي قاله. وقالت مصادر واسعة الاطلاع ل «الحياة» ان ما جاء في صحيفة «الوطن» السورية ليس الموقف الذي يعبر عن موقف دمشق الرسمي مما قاله جنبلاط وإن أصداء الموقف الرسمي السوري ستُعرف خلال ال24 ساعة المقبلة. وذكرت مصادر قريبة من المعارضة انها تعتبر ان المطلوب توضيحه من قبل جنبلاط، قاله على طريقته وأنه يفترض ان يؤدي الى طي الصفحة بتحديد موعد له في العاصمة السورية قريباً، لكن الموقف الرسمي السوري لم يصدر حتى الآن. إلا ان بعض الأوساط اعتبر ان إشارة صدرت من دمشق امس بإعلان المحامي السوري حسام الدين الحبش عن تقدمه من قاضي التحقيق الأول في العاصمة السورية بطلب إسقاط الدعوى التي كان رفعها على جنبلاط بتهمة التحريض على احتلال سورية والإساءة إليها. وقال الحبش ل «فرانس برس»: «لما كنا اشترطنا (...) ان يعتذر جنبلاط علناً من السيد الرئيس الدكتور بشار الأسد ومن الشعب السوري عبر وسائل الإعلام المرئية حتى تتم إسقاط الدعوى الشخصية عنه وكونه قد لبى هذا الشرط فإننا نتقدم بهذا الإسقاط (...)». واعتبر ان الدعوى «حققت أهدافها». وكان القضاء العسكري السوري اصدر مذكرة جلب بحق جنبلاط بموجب هذه الدعوى. وكان اجتماع قوى 14 آذار شهد نقاشات بين أقطابها أدت الى اضافات وتعديلات على بنود البيان. وفيما تغيّب رئيس الكتائب الرئيس امين الجميل عن الاجتماع، لفت اقتراح رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع اقتراح اضافة فقرة في البيان عن أخطار التحدي الإسرائيلي للدول العربية بمواصلتها سياسة الاستيطان ونسفها الجهود العربية لإحياء مفاوضات السلام وللمبادرة العربية. واستغربت مصادر في تيار «المستقبل» حديث بعض الإعلام عن «مقاطعة» الحريري الاجتماع مشيرة الى انه واكب التحضير له لحظة بلحظة وساهم في مراجعة مسودة البيان ومثّله الرئيس فؤاد السنيورة فيه اضافة الى كل اعضاء كتلته وأنه اضطر الى التغيّب لأنه كان يحضّر صباحاً لزيارته ألمانيا وغادر اثناء عقد الاجتماع. وفي برلين ألقى الحريري كلمة في الجالية اللبنانية التي التقاها فور وصوله مساء امس شدد فيها على ان الشعب الألماني نموذج للشعوب الصديقة، مذكراً بمساعدة ألمانيا للبنان بعد حرب تموز (يوليو) 2006، ووجود قطعها البحرية في إطار تنفيذ القرار 1701، وقال: «هذا البلد يستحق منا جميعاً الوفاء». وإذ دعا الحريري ابناء الجالية الى التمسك بالوحدة الوطنية والعيش المشترك قال إن ألمانيا «تشكل نموذجاً متقدماً للانتقال من الانهيار التام الى النمو المتكامل». وذكر بأنها «خرجت من مسلسل طويل من الحروب التي دمرت البلد، وكادت أن تدمر كل العالم. واستطاعت بفضل وعي شعبها وإرادة النخبة من قادتها، أن تؤسس لمرحلة جديدة من تاريخها، أعادتها الى واجهة الدول المتقدمة». وأضاف: «نحن في لبنان، لا نمتلك قدرات ألمانيا الاقتصادية والطبيعية، لكننا بالتأكيد نمتلك إرادة النهوض ببلدنا، ووقف مسلسل التراجع السياسي والاقتصادي الذي عشناه لسنوات طويلة. نحن في لبنان، نستطيع أن نستفيد من دروس ألمانيا، ولكن الأهم أن نعرف كيف نستفيد من دروس التاريخ اللبناني، ومن الحقيقة التي لا خلاف عليها، بأن الوحدة الوطنية اللبنانية، هي مركب الخلاص الوحيد لنا في مواجهة كل التحديات». وزاد: «لن نتمكن من النجاة ببلدنا، إذا قررنا أن نبقى مجرد قبائل طائفية تتنازع على السلطة في لبنان ولن نتمكن من حماية لبنان في مواجهة الأخطار الخارجية، وأهمها خطر العدوان الإسرائيلي، إذا استمرت متاريس الانقسام والتخوين قائمة بين اللبنانيين. لبنان يجب أن يكون قادراً على إعادة بناء نفسه بنفسه، وعلى حماية نفسه بنفسه، وعلى إدارة شؤون البلاد والحكم والعباد، بعيداً من الانخراط في لعبة المحاور الإقليمية والدولية». وقال: «اللبنانيون في ألمانيا، وفي أي مكان في العالم، ليسوا نسخة عن الانقسام الداخلي، مهما اتخذ هذا الانقسام من أشكال. نحن في لبنان نعمل لتعطيل كل أسباب الفتنة الداخلية، وعهدي لكم ولكل اللبنانيين، أنني من موقعي الوطني، ومن موقعي في رئاسة الحكومة، لن أسمح لأي فتنة طائفية أو وطنية أن تخرق جدار الوحدة الوطنية».