اتفقت البلدان العربية المشاركة في مسار برشلونة الأوروبي - المتوسطي على حضور اجتماع وزراء الخارجية المقرر غداً في مرسيليا جنوبفرنسا بشروط. وكانت سورية لوحت بمقاطعة الاجتماع الذي يعرف ب"برشلونة 4" في اطار قراءتها لقرارات القمة العربية الأخيرة التي دعت الى مقاطعة اسرائيل، الا ان الاجتماعين التنسيقيين اللذين عقدهما وزراء خارجية البلدان العربية المشتركة في المسار المغرب والجزائر وتونس ومصر وسورية ولبنان وفلسطين، على هامش القمة الاسلامية في الدوحة، اسفرا عن الاتفاق على المشاركة في اجتماع مرسيليا الأوروبي - المتوسطي، شرط اصدار فقرة قوية ضد اسرائيل في البيان الختامي. وأجرى وزير الخارجية الفرنسي هوبير فيدرين مكالمة هاتفية مع نظيره السوري فاروق الشرع أدت الى تهدئة مخاوف العرب واعطائهم تطمينات في شأن الحزم الذي سيتعاطى فيه الاتحاد الأوروبي مع الانتهاكات الاسرائيلية لحقوق الانسان وأعمال القصف والقتل التي تمارسها قوات الاحتلال في الأراضي الفلسطينية. يذكر أن فيدرين يرأس الجانب الأوروبي فيما يرأس الشرع الجانب العربي المشارك في مسار برشلونة. وقال مصدر مطلع ل"الحياة" ان الجانب الأوروبي الذي ترأسه فرنسا سيعرض مشروع "معاهدة للأمن والتعاون في المتوسط" على الأطراف المتوسطية، وهي تركيا وقبرص ومالطا واسرائيل اضافة الى البلدان العربية الثمانية. وكانت الوفود العربية رفضت مشروع المعاهدة في اجتماع مالطا برشلونة - 2 العام 1997 بسبب تدهور الوضع في منطقة الشرق الأوسط في ظل حكومة رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق بنيامين نتانياهو. إلا ان الأوروبيين حرصوا على "إثراء" المشروع الأصلي بإضافات جديدة أبرزها الصيغة الايطالية التي اقترحت انشاء آلية لتفادي النزاعات المسلحة وإدارة الأزمات. وأتت المبادرة الايطالية بالتنسيق مع كل من مصر والأردن بعد مشاورات مكثفة بين الطرفين. ويشتمل مشروع المعاهدة الذي أعدته الرئاسة الفرنسية للاتحاد الأوروبي في ضوء المشاريع والأوراق السابقة على ست نقاط رئيسية تستند الى مفهوم "الأمن الناعم"، أي اقرار اجراءات لبناء الثقة وارساء تعاون في مجال مكافحة الارهاب والجريمة المنظمة. وتركز النقطة الأولى على اقامة حوار يخص الديبلوماسية الوقائية وطبيعة اجراءات بناء الثقة المتبادلة في المجال الأمني، فيما تركز الثانية على تعزيز الديموقراطية ووضع تقويم دوري لمدى الانخراط في المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الانسان والحريات. وطاولت النقاط الاخرى موضوع مكافحة الارهاب والتعاون في مجابهة الجريمة لمنظمة والحد من انتشار أسلحة الدمار الشامل ولجم سباق التسلح. وعلى رغم ان مجريات الصراع العربي - الاسرائيلي تلقي بظلالها على العلاقات العربية - المتوسطية، يسعى الأوروبيين الى الفصل بين المسارين لجعل الطريق سالكة أمام تقدم قطار الشراكة المتوسطية. وفيما تشدد البلدان العربية على ان تحقيق أي تقدم في اقامة مشروع الشراكة يتوقف على مدى قبول الدولة العبرية تنفيذ قرارات الاممالمتحدة وتلبية الحقوق الفلسطينية والعربية، يؤكد الأوروبيون على ان استمرار تمسك الجميع بمسار برشلونة على رغم التقلبات الخطرة التي شهدتها الشرق الأوسط يدل على انه الأساس المشترك الوحيد الذي ما زال يقف عليه أطراف الصراع في الشرق الأوسط.