بعد نجاح تجربة "الفن للجميع" التي اشتملت على عرض مئة لوحة من التشكيل السوري المعاصر في اللوحات الطرقية لشركة المسقبل للاعلان العام 1998، قام الفنان سعدالله مقصود بتكرار التجربة ذاتها العام الماضي ولكنه خصصها لأعمال الفنان نذير نبعة كتحية خاصة لمنجز هذا التشكيلي السوري المتفرد. ونظراً للتأثير الايجابي لهاتين التجربتين فكّر مقصود بمشروع جديد يتعلق بالقراءة، وتطورت الفكرة من تقديم نصوص مختلفة من العالم الى اختيار نماذج من الشعر السوري المعاصر، خصوصاً ان الشعر يواجه انحساراً لافتاً امام هيمنة ثقافة المرئيات. اختار النصوص خليل صويلح، مستعيداً نصف قرن من الشعر السوري في محاولة لتقديم صورة شاملة عن المشهد الشعري بأصواته المختلفة وتياراته المتباينة ابتداء من خير الدين الاسدي ووصفي قرنفلي مروراً بأدونيس، نزار قباني، محمد الماغوط، علي الجندي، فايز خضور، نزيه ابو عفش، ممدوح عدوان، سنية صالح، بندر عبدالحميد، مرام المصري، دعد حداد، رياض الصالح الحسين... وانتهاء بالأصوات الجديدة لحقبتي الثمانينات والتسعينات. تم اختيار اكثر من نص لأدونيس والماغوط وقباني وغيرهم. فيما تم اختيار نصين او نص واحد لكل شاعر من الاجيال اللاحقة. على رغم روح المغامرة في هكذا تجربة غير مسبوقة عربياً، الا ان اصحاب المشروع يراهنون على ان الشعر سيظل ديوان العرب ولو لأسبوعين فقط هما مدة العرض. وخلال الاستعدادات وافقت شركة كونكورد للاعلان على تبني الفكرة ووجهت دعوات للفاعليات الاقتصادية السورية للمشاركة في تمويل المشروع، فاستجاب البعض ورفض البعض الآخر لعدم استيعاب الفكرة ذاتها شعر في لوحات طرقية، كما وافق بعض الوسائل الاعلامية السورية والعربية على المساهمة في تمويل المشروع الذي سيكون تحت اسم "اقرأ مختارات من الشعر السوري المعاصر" مواكباً لفاعليات معرض الكتاب السادس الذي تقيمه وزارة الثقافة السورية. وضمن تظاهرة ثقافية حول صموئىل بيكيت يشرف عليها المركز الثقافي الفرنسي قدمت حنان قصاب حسن مسرحية "هذه المرة"، وهي من ترجمتها، في معصرة زيتون قديمة من القرن التاسع عشر، قرب محطة قطار بعيدة عن دمشق لتمثل احدى الايحاءات المكانية الموجودة في النص. والعمل قُدّم عارياً ومتقشفاً، هكذا، من دون موسيقى او اكسسوار، باستثناء الاضاءة التي تميزت بحساسية مرهفة وقوية برسمها ملامح الممثلين باسل خياط، جلال شموط، قيس الشيخ نجيب الذين حاولوا ان ينقلوا تدرجات ومسارات النص بشعرية ملحوظة لكن بايقاع بطيء ورتيب للغاية. وإضافة الى "هذه المرة" شاركت فرقة شامان الفرنسية بعرض لنصوص قصيرة اخرجها برونو ميسات. وأنهى الفنان العراقي جبر علوان انجاز ألبوم تشكيلي في دمشق خاص بأغلب اعماله على مساحة زمنية هي خلاصة تجربة حية وفريدة لرجل ما زال يكافح لتقديم لوحة من القوة والحضور والبهاء تجعله احد اهم التشكيليين العرب الذين ما زالو يهجسون بتقديم مفردة تشكيلية نادرة. صدر الكتاب عن دار المدى وقدمه الروائي عبدالرحمن منيف. المحطة الاخيرة هي الزيارة الخاطفة للشاعر البحريني قاسم حداد لدمشق. شاعر كأنه مولود على شاطئ غريب، يمضي الى قصيدته وقتما يشاء حتى بصمته وقامته الساهمة الى النخل، مخلفاً وراءه خطوات وأبناء من اهل الصحراء مرفوعي الاكتاف ينشدون "مجنون ليلى" و"قبر قاسم".