حامت اطياف الحالة الثقافية لبيروت ستينيات القرن الماضي وخصوصاً اطياف شعراء مجلة "شعر" في دمشق مساء الثلاثاء، حيث قدمت المخرجة اللبنانية نضال الاشقر امسية انشادية/موسيقية بنتها على بعض قصائد الشعراء المؤسسين لتلك التجربة الرائدة. واكدت المخرجة اللبنانية لوكالة فرانس برس انها تحمل "تقديرا عاليا" لتجربة مجلة "شعر" التي "حدثت اللغة وشكلت حالة اثرت كافة نواحي الحياة الثقافية" آنذاك، لكنها لم تخف "عتبها الكبير" على شعراء تلك التجربة "لانهم انحسروا، وانزووا كل واحد في مكان، لم يعد يجمعهم شيء حتى الحالة الثقافية، ولم يعد احد يراهم".وكانت الامسية، في بعض اجزائها، احتفالا يليق بالشعر، صوته ومعناه. حضرت الاشقر على الخشبة منشدة، مع مجموعة فنانين لبنانيين، فالى جوارها كان عازف بزق (عبد قبيسي) وايقاع (علي الحوت)، وانشد معها عازف العود خالد العبدالله والمغنية جاهدة وهبي. وجاء الانشاد وارتجالاته بمصاحبة الموسيقى ليشكل مايشبه "هارموني صوتي"، كما تصفه المخرجة، يتناغم بحثا عن "موسيقى الصوت الشعري" لكل قصيدة يقدمها. والنصوص التي قدمت في الامسية في هيئة نص طويل ومواصل، متنوع الاصوات، كانت لسبعة شعراء (ادونيس، يوسف الخال، بدر شاكر السياب، فؤاد رفقة، شوقي أبي شقرا، محمد الماغوط وانسي الحاج). وشكلت بعض قطع الانشاد سندا للقصيدة كي تبوح بموسيقاها ومعناها، في حالة شعرية مست حضور صالة الحمراء. لكن بالمقابل فان قطعا اخرى من الانشاد كانت منحازة اكثر الى الغنائية وجمالياتها في حد ذاتها، منها الى الحالة او الصوت الشعري.واستطاعت الاشقر تقديم حالة جمالية، وممسرحة، لبعض القصائد عبر ادخال اكثر من صوت معا، بين القاء وانشاد، في القصيدة والجملة الواحدة. وهذه الجمالية تجلت في حالة طقسية خيمت على الخشبة وفي الصالة، لكن هذه الحالة بدورها لم تناسب تقديم قصائد هي في الاساس قريبة الى لغة الحياة اليومية. ومن جهة اخرى تناولت الندوة الافتتاحية لمؤتمر "الشعر العربي المعاصر" الذي افتتح الثلاثاء في دمشق، موضوع المجلات الشعرية. وكان لافتا في المداخلة التي قدمها الناشر السوري المقيم في لبنان رياض نجيب الريس اعتباره مجلة شعر "ظاهرة عادية جدا، اسمها اكبر من حجمها" ودورها "مضخم" و"مصطنع". ورغم تنويهه بان "المجلة كانت رائدة في لفت الانتباه الى الشعر العربي الحديث، محاولة مخالفة السائد من ثقافة وايديولوجيا"، الا انه اصر في مداخلته على التاكيد، وهو الذي كان صديقا لمؤسس المجلة الشاعر يوسف الخال، على ان دور المجلة "مبالغ فيه، اخترعه من كانوا خارجها وبهروا بها وضخمه الجيل الذي لم يعاصرها". واضاف "اصطنع لها هالة ارادها شعراء جدد لكي يكون لهم مرجعية يختلفون عليها ويلتقون حولها". في مقابل ذلك اصر الناقد والشاعر السوري عابد اسماعيل، الذي ادار الندوة الافتتاحية للمؤتمر، عل اهمية تجربة "شعر" ورياديتها، وقال معلقا "يبقى من مجلة "شعر" التطور المذهل لقصيدة النثر في العقدين الاخيرين، وانحسار شعر التفعيلة والكلاسيكي"، مضيفا "وهذا يجسد رؤية موجه المجلة ادونيس". ومجلة شعر تعتبر الحاضن الاهم والابرز للحداثة الشعرية العربية، واسسها في بيروت سنة 1957 الشاعر يوسف الخال (1917-1987) بمشاركة أنسي الحاج وادونيس. توقفت لثلاث سنوات، بعد خريف 1964، واستمرت بعدها في الصدور حتى عام 1969 . وسيم ابراهيم