} خسارة المنتخب السعودي لكأس آسيا، كانت محزنة جداً... لكن هل كان يمكن تفاديها؟ السعوديون قدموا كل ما لديهم من جهد وكانوا عند حسن الظن بهم، بيد ان عوامل كثيرة لعبت لمصلحة اليابانيين. ومن المؤسف ان الوجه الحقيقي الذي ظهر عليه "الاخضر" في المباراة النهائية وتمثل بالروح القتالية العالية للاعبين، و"التكتيك" المثالي للمدرب الوطني ناصر الجوهر، والاصرار والعزيمة على تحقيق الفوز لم يكن كافياً للابقاء على اللقب عربياً. عدم التوفيق لعب دوره عندما اخفق حمزة ادريس في التسجيل من ركلة الجزاء، وعاند "الحظ" زملاءه فضاعت الفرصة تلو الاخرى خصوصاً في الشوط الثاني... لكن القدرة اليابانية على تهدئة اللعب واضاعة الوقت وبراعة الحارس العملاق يوشيكاتسو كاواغوتشي في التصدي لكل المخاطر التي تعرض لها مرماه كانت الفيصل في تحديد وجهة الكأس. للمرة الاولى خلال منافسات كأس الامم الاسيوية لكرة القدم التي اختتمت قبل يومين في لبنان، شعر الفرنسي فيليب تروسييه مدرب المنتخب الياباني بحرج شديد وهو يواجه المنتخب السعودي في المباراة النهائىة ولمس خطورة الموقف. ووضع تروسييه يده على قلبه كثيراً في هذا اللقاء، وكاد ينهار عندما اوشك حمزة ادريس على تسديد ركلة الجزاء في الدقيقة السادسة. لكن القدر لعب لعبته وضاعت الركلة، وتنفس الفرنسي الصعداء الذي اكد بنفسه ان تسجيلها كان سيغير مجرى المباراة. ولو تابعنا مجريات اللقاء، لتبين كم كان المنتخب السعودي قريباً من تحقيق التعادل وربما الفوز ايضاً. المنتخب السعودي كان الاقوى شكيمة خصوصاً في الشوط الثاني الذي دمغ فيه طابع تألقه الخاص فنياً وتكتيكياً وبدنياً، وازال هالة المنتخب "الخارق" التي التصقت باليابانيين طيلة البطولة، قبل ان تدركه صافرة الحكم الاماراتي علي بو جسيم حارمة اياه من تعادل مستحق، لكنه فرض احترام 50 الف متفرج احتشدوا على مدرجات ملعب المدينة الرياضية. وفطن الجوهر لخطورة الاوضاع في الشوط الاول، ولذا اشرك محمد الشلهوب وعبدالله سليمان بدلاً من حمزة ادريس ومحمد الخليوي على التوالي في الشوط الثاني فنشط الاداء الهجومي ولاحت فرص التسجيل بالجملة. ولم يهمل السعوديون في الوقت ذاته الناحية الدفاعية، وتمكنوا من منع اليابانيين من التحرك بسهولة بفضل المراقبة الفردية واللصيقة. وكاد الشلهوب يدرك التعادل في الدقيقة 47 عندما تلقى كرة من نواف التمياط فسددها قوية في الزاوية اليسري علت العارضة بقليل، ومرر القائد سامي الجابر كرة على طبق من فضة الى فوزي الشهري على حافة المنطقة فسددها زاحفة لامست القائم الايمن 51، ونفذ طلال المشعل ركلة حرة ببراعة لكن كرته مرت قريبة من القائم الايمن 54. وكان التمياط خطيراً في تحركاته من العمق والجهة اليسرى من دون ان يجد المتابعة المطلوبة من زملائه، وسدد الشلهوب كرة قوية ابعدها الحارس الياباني باطراف اصابعه الى ركنية 59، وسبح المشعل لكرة عرضية من الدوخي وتابعها برأسه بطريقة رائعة بين يدي الحارس 63. ودفع الجوهر بمهاجم رابع هو مرزوق العتيبي بدلاً من الشهري، ولعب ورقته الاخيرة املاً في استثمار الضغط المتواصل والافضلية منذ بداية الشوط الثاني، ومن لعبة ثنائية بين المشعل والجابر، مرر الاول الكرة الى الثاني على حافة المنطقة فسددها مباشرة من لمسة واحدة فوق المرمى 77. وكان الجابر على وشك ادراك التعادل عندما تلقى تمريرة عرضية من احمد الدوخي من الجهة اليمنى ارتقى لها وتابعها برأسه فوق الخشبات الثلاث 83، وتلاه التمياط في المهمة ذاتها عبر تسديدة صاروخية في الدقيقة 87 لكن الحارس يوشيكاتسو كاواغوتشي ابعدها الى ركنية باعجاز، ونفذ التمياط الركنية بنفسه فارتدت الكرة الى خارج المنطقة تابعها الدوخي قوية فوق المرمى. وحصل التمياط على خطأ في الوقت بدل الضائع على بعد نحو 30 متراً من المرمى، فانبرى عبدالله الواكد للكرة وسددها عالية لكن شيئاً لم يتغير حتى الصافرة النهائية للحكم. وعموماً، يمكن القول ان الجوهر اعاد الامور الى نصابها بعدما خاض المباريات الخمس الاخيرة بالتشكيلة التي كان يتمناها عشاق الكرة السعودية، فاشرك طلال المشعل في مركزه الاصلي مهاجماً وليس ظهيراً ايسر كما فعل ماتشالا، ومنح الفرصة بشكل اكثر وافضل للاعبين الواعدين امثال محمد الشلهوب وعمر الغامدي وصالح الصقري. والمهم ان يعرف محبو "الاخضر" ان متوسط اعمار لاعبيه يبلغ 24 عاماً، اي انه في استطاعة الجوهر، اذا بقي في منصبه، ان يطمئن اكثر على جهوزية منتخبه للتصفيات الآسيوية لمونديال 2002، والتي يواجه في دورها الاول فيتنام ومنغوليا وبنغلادش ضمن المجموعة العاشرة. الأكثر جدارة وبانتهاء البطولة، يمكن القول ان اللقب ذهب للمنتخب الياباني الاكثر اثباتاً لجدارته منذ اللحظة الاولى لانطلاق البطولة. وهو اكد تفوقه على الجميع منذ البداية، وكسب رهان استعادة الكأس، وخرج من النفق الضيق الى الميدان الاوسع. لقد قفزت اليابان حقاً الى الساحة الكبيرة، فاكدت ان انجازي منتخب الشباب بحلوله وصيفاً في مونديال فئته العام الماضي وبلوغ المنتخب الاولمبي الدور ربع نهائي في دورة ألعاب سيدني ما هي الا خطوات على طريق العالمية، وان المسيرة لبلوغها بدأت فعلاً في التوقيت المناسب، اي قبل نحو عامين من مونديال عام 2002 الذي يستضيفه على ارضه بالتعاون مع كوريا الجنوبية. وحدد تروسييه هدف المنتخب الياباني المقبل بعد احراز اللقب الآسيوي في ان يصبح من بين افضل عشرين منتخباً في العالم... وهو هدف في متناوله بالتأكيد. وضرب المنتخب الياباني، الذي يبلغ متوسط اعمار لاعبيه 23 عاماً، عصافير عدة بحجر واحد، اذ انهى البطولة بخمسة انتصارات وتعادل واحد من دون اي خسارة، وسجل 21 هدفاً رقم قياسي، ودخل مرماه 6 اهداف، واختير هيروشي نانامي صانع العاب جوبيلو ايواتا افضل لاعب، والقائد ريوزو موريوكا افضل مدافع. وفقد اليابانيون لقبين، اذ ذهب لقب افضل حارس مرمى الى الصيني جيانغ جين. لكن المنتخب يمكن ان يخسر شريكاً اساسياً في الانجاز هو تروسييه، لانه سيراجع حساباته خصوصاً في حال عدم توصله الى اتفاق مع الاتحاد الياباني حول خطة اعداد المنتخب للمونديال، ولانه لاحظ ايضاً ثغرات في صفوفه خصوصاً في خط الدفاع. المحترفون خذلوا ايران المرشح الكبير الثالث للقب كان المنتخب الايراني، لكن محترفيه خذلوه فخرج امام كوريا الجنوبية من الدور ربع النهائي. وبدا علي دائي، الذي سجل 3 اهداف، وكريم باقري وخوداداد عزيزي ومهدي مهداوي وحامد رضا استيلي بعيدين عن مستواهم الذي ظهروا عليه في مونديال فرنسا 1998. ولم يكن الكوريون الرقم الصعب كعادتهم فاكتفوا بالمركز الثالث، الذي سيوفر الدفعة المعنوية للاعبيهم الشباب قبل المونديال المقبل.