قالت مصادر مطلعة ل"الحياة" امس ان السلطات المغربية تعتزم الغاء مناقصة بناء ميناء طنجة التجاري على المحيط الأطلسي الذي كانت فازت به مجموعة "بويغ" الفرنسية قبل عامين. وذكرت المصادر التي طلبت عدم ذكر اسمها ان المجموعة الفرنسية لم تلتزم بالآجال التي حددتها المناقصة الدولية لاطلاق مشروع بناء ميناء تجاري تبلغ كلفته 500 مليون دولار كان ينتظر ان تبدأ الأشغال فيه مطلع السنة المقبلة. وأشارت المصادر الى أن "بويغ" فشلت في إقناع شركاء آخرين بينهم "الشركة المتوسطة للملاحة الدولية" مقرها جنيف و"مؤسسة ضمان الصادرات" كوفاس في باريس بتغطية المبالغ الكافية للمشروع بعدما عجزت "بويغ" عن جمع المال الكافي لاطلاق مشروعها في المغرب. وأعربت الشركة السويسرية عن بعض التحفظات في شأن مساحة رصيف الرسي التي اقترحتها الشركة الفرنسية في الميناء الجديد، معتبرة أنه يقل كثيراً عن حاجة بواخرها الضخمة التي تعبر المحيطات من جنوب افريقيا الى شمال أوروبا، في حين لم تتجاوز ضمانات "كوفاس" للمشروع مبلغ 50 مليون دولار. وكانت "بويغ" طلبت من الخزانة الفرنسية استخدام آليات تحويل الديون المغربية الى استثمارات محلية، لكن وزارة المال الفرنسية تحفظت بدورها، على اعتبار ان مبالغ تحويل المديونية موجهة بالأساس الى الشركات الصغرى والمتوسطة، وقالت ان بإمكان "بويغ" استعمال آليات المصارف التجارية. نتيجة لذلك، تواجه "بويغ" احتمالات حرمانها من المشروع الذي كانت فازت به على منافستها الأميركية "بكتل" في مناقصة أثارت بعض ردود الفعل المحلية والأميركية على طريقة اختيار الفائز في الصفقة التي تستهدف بناء أكبر مرفأ تجاري خاص في شمال افريقيا، يهدف أساساً الى ربط التجارة البحرية بين المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط، خصوصاً في مجال واردات القمح والمواد الأولية والمنتجات الغذائية والسلع الاستهلاكية. ولم تكشف المصادر ما إذا كان المغرب سيمهل الشركة الفرنسية فترة زمنية اضافية لجمع المبالغ الضرورية، أو انه سيعمد الى دعوة منافستها الأميركية "بكتل" لبناء المرفأ أو يعيد طرح المناقصة من جديد. وكانت تجربة "بويغ" في المغرب واجهت بعض الانتقادات بسبب عدم وفائها بتعهداتها السابقة ومحاولتها تمويل المشاريع باستخدام طرق غير متفق عليها من قبل. ويذكر أن "بويغ" انجزت بناء مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء بقيمة 500 مليون دولار. كما انها تنفذ حالياً أعمال بناء مدينة سكنية شمال الرباطسلا الجديدة عبر فرعها المحلي "بيماروك". يذكر أن ميناء طنجة التجاري الأطلسي الذي شرف عليه من ناحية الخبرة والاستشارة المالية كل من "تشيز مانهاتن" و"ميرتشير كونسلتنغ" الأميركيتين هو على صيغة البناء والتشغيل والتسليم، وتبلغ مدة استغلاله 50 سنة مقابل دفع رسوم وحقوق للخزينة المغربية. وتقول دراسة الجدوى الاقتصادية ان معدل مردودية الميناء سيصل الى 14 في المئة والأرباح الصافية الى نحو 100 مليون دولار ابتداء من سنة 2006، باحتساب التوسع العالمي للميناء الذي يتوقع نقل ما يراوح بين 12 و15 مليون طن من الحبوب سنوياً من شمال القارة الأميركية الى شمال افريقيا. ويشير التقرير التقني والمالي للمشروع ان شطره الأول يشمل اقامة حاجز رئيسي بطول 3500 متر وحاجز آخر بطول ألف متر وأربع محطات للمرور ومحطتين للحاويات بعمق 13 متراً هيدروغرافياً وثلاث محطات لتخزين السلع ومحطة وخزان للحبوب بعمق 15 متراً تسمح باستقبال بواخر تصل حمولتها الى 70 ألف طن وبطاقة استيعابية تصل الى مليوني طن من الحبوب سنوياً. كما انه يتضمن محطة للمحروقات اضافة الى تجهيزات تشمل البنى التحتية ومعدات المراقبة وارشاد السفن.