توافق وزراء الخارجية العرب في جلسات التحضير للقمة العربية التي تنعقد غداً السبت، على وجوب توجيه رسالة سياسية قوية إلى إسرائيل. وكانوا حتى ساعة متقدمة، مساء أمس، يناقشون أفكاراً وإجراءات طالب بها بعض الوفود، وعلى رأسها لبنان الذي أيدته سورية. إذ دعا رئيس الحكومة وزير الخارجية الدكتور سليم الحص إلى قطع العلاقات مع الدولة العبرية. وأبلغ وزير الخارجية المصري السيد عمرو موسى "الحياة"، قبل الجلسة المسائية التي عقدها الوزراء، أن الوفود توافقت على معظم وثائق القمة وقراراتها، ولا يزال هناك بعض البنود. واستبعد أي خلافات أو عقبات تحول دون التوصل إلى مشاريع قرارات سترفع الى القادة والزعماء العرب، مشيراًَ إلى "الأجواء الايجابية" التي تدور فيها المناقشات. وعُلم أن مصر ووفوداً عربية أخرى عارضت بشدة اتخاذ أي إجراءات مقاطعة لإسرائيل، خصوصاً في "هذه المرحلة المتقدمة التي وصلت اليها مسيرة التسوية"، بحسب تعبير مصدر فلسطيني رفيع المستوى. وأبدى المصريون والأردنيون للآخرين استحالة قطع العلاقات لأنه يعني انتهاء عملية السلام من الجانب العربي، ولا يساعد الفلسطينيين إطلاقاً. كما أن الوفد السعودي لم يبدِ معارضة لإجراءات ضد اسرائيل، لكنه فضّل أن يتم ذلك بالإجماع. ولعبت سورية، على رغم وقوفها إلى جانب الدعوة اللبنانية الى المقاطعة، دوراً في تقريب وجهات النظر المتعارضة. لكن وفدها شدد على وجوب وقف التطبيع وتفعيل المقاطعة الاقتصادية. وكانت برزت بوضوح دعوات الى عدم الاكتفاء بالموقف السياسي واتخاذ إجراءات عملية. وتخوفت أوساط ديبلوماسية مطلعة من أن يعرقل مثل هذه الإجراءات ما توافقت عليه قمة شرم الشيخ، خصوصاً لجهة فك الحصار على أراضي السلطة الفلسطينية وإعادة فتح المعابر والبوابات والمرافق كافة، وانسحاب الجيش الاسرائيلي الى مواقعه السابقة للأحداث الأخيرة. وكشف وزير عربي بارز ل"الحياة" مضمون الرسالة "القوية" التي ستوجهها القمة الى اسرائيل، فقال ان ما يريده العرب هو افهام الدولة العبرية أن عدوانها الوحشي الأخير على الشعب الفلسطيني ومؤسساته "غير مقبول وليس مسموحاً بتكراره". وسيؤكد القادة العرب وقوفهم المطلق مع الشعب الفلسطيني وتقديم كل الدعم المعنوي والمادي من أجل صموده حتى تحرير الأراضي المحتلة استناداً الى القرارين 242 و338، فضلاً عن اجراءات لمساعدة الفلسطينيين على إعادة إعمار ما دمرته الحرب الأخيرة، وفتح الأسواق من دون اي شروط أمام المنتوجات الفلسطينية، ودعوة الدول الموقعة على اتفاقية جنيف لحماية المدنيين تحت الاحتلال، الى التحرك لحماية الفلسطينيين، والمطالبة بلجنة تحقيق دولية في الأحداث الأخيرة. وأيد الوزراء انشاء صندوق لدعم الفلسطينيين، فارتأى وفد فلسطين أن يكون الصندوق خاضعاً لجامعة الدول العربية ومرتبطاً مباشرة بالسلطة الفلسطينية. ولفت مصدر فلسطيني بارز الى أن وزراء الخارجية العرب تجاوزوا في مشاريع القرارات والوثائق المقدمة الى القمة ما تضمنه بيان الرئيس الأميركي بيل كلينتون في قمة شرم الشيخ، معتبراً أن هذا البيان يجب ألا ينظر إليه على أنه "اتفاق فلسطيني - إسرائيلي"، بل هو مجرد استنتاج توصل اليه الرئيس الاميركي بعد ليل طويل من المحادثات التي استضافتها مصر في شرم الشيخ. وأوضح المصدر أن "لجنة تقصي الحقائق" التي وردت في بيان الرئيس كلينتون لا ترضي العرب الذين سيصرون على وجوب تنفيذ قرار مجلس الأمن والذي نص على "لجنة تحقيق دولية". وقال المصدر إن "اقترحات وردت في ورقة الوفد الكويتي وارتأينا ضمها الى الورقة الفلسطينية". وبدا واضحاً من مناقشات وزراء الخارجية ان القمة ستقتصر على قضية فلسطين ووجوب تحريك التسوية على المسارين السوري واللبناني ايضاً، من دون التطرق الى قضية العراق. إذ أن وزير الخارجية العراقي السيد محمد سعيد الصحاف أبلغ المجتمعين أن ما تريده بغداد هو الاهتمام بقضية الشعب الفلسطيني في هذه المرحلة. وعُلم أيضاً أن الوزراء ناقشوا، بناء على إلحاح عدد من الوفود العربية، مسألة دورية انعقاد القمة العربية سنوياً، وبرز بعض التحفظ لوفود حيال هذا الموضوع. وفي الجلسة المسائية تم التوصل الى اتفاق مع بعض التعديلات، كما اتفق على أن تعقد القمة العربية العادية الثالثة عشر في الأردن خلال آذار مارس المقبل، وسيتوالى الانعقاد دورياً باتباع نظام الأبجدية للدول التي ستستضيف القمم العادية. وقال وزير الخارجية الأردني السيد عبدالإله الخطيب ل"الحياة" إن قمة القاهرة لن تدغدغ مشاعر المواطن العربي لكنها ستعنى بأمرين يهمان الآن كل عربي وهما: "توفير الدعم الحقيقي للشعب الفلسطيني، والخروج بموقف متضامن وفعال في خدمة السلام ليكون في إمكاننا أن نحسن ظروف التفاوض على المسارات المتبقية". وأكد أكثر من مصدر أن "قوة" الرسالة العربية التي ستوجهها القمة ترتكز ايضاً على إعلان موقف لا رجعة فيه بالنسبة الى القدس. ونوّه مصدر قريب الى اجتماعات الوزراء بأن القمة ستشكل "لجنة رفيعة المستوى للمتابعة"، مشيراً الى ان هذه اللجنة يمكن أن تقترح اجراءات عملية في بعض المراحل، خصوصاً في ما يتعلق بالتعامل مع الدول الغربية ومدى تأييدها القضايا العربية، وتحديد "أفضليات" التعامل وفقاً للمصلحة العربية. وكان الوفد الفلسطيني طالب بوقف "التغلغل" الاسرائيلي في العواصم العربية وتجميد عملية التطبيع مع اسرائيل، وضرورة اتخاذ موقف عربي حاسم ومحدد من قضية القدس، باعتبار مدينة القدسالشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية تخضع لقراري مجلس الأمن 242 و338، ودعم الشعب الفلسطيني سياسياً ومادياً ومعنوياً. وكان وزراء الخارجية أمضوا يوم اجتماعات ماراثونياً، لاعداد مشاريع قرارات القمة ووثائقها راجع ص 3 و8. وحتى كتابة هذه السطور، مع دخول الوزراء الى الجلسة المسائية في الساعة الثامنة ليلاً بتوقيت القاهرة، لم يُتفق على حسم مسألة التطبيع مع اسرائيل، فأحيلت على القادة العرب. وأشار وزير الخارجية الأردني الى أن هذا الموضوع تبثه القمة. وتنشر "الحياة" مشروع قرار يتعلق بالتطورات الأخيرة في المنطقة كان موضع نقاش وزراء الخارجية، وقد يطرأ عليه تعديل قبل رفعه إلى القادة، وهنا نصه: "إن مؤتمر القمة العربي المنعقد بالقاهرة يومي 23 و24 رجب 1421 هجرية الموافق يومي 21 و22 تشرين الأول اكتوبر 2000 ميلادية، وبعد استعراضه التصعيد الخطير في الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة. - إذ يدين الاعتداءات الاسرائيلية السافرة ضد الشعب الفلسطيني، واستفزازات اسرائيل المتعمدة في التعامل مع قضية القدس الشريف التي تؤكد القمة انها جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينيةالمحتلة. - وإذ يحمل اسرائيل وحدها مسؤولية سقوط الشهداء والضحايا الابرياء في الاراضي المحتلة. - كما يحمل اسرائيل وحدها مسؤولية ما آلت إليه عملية السلام من توقف نتيجة خروجها عن مبادئها وأسسها، وتراجعها عن الالتزامات والتعهدات والاتفاقات التي تم التوصل اليها، والمماطلة في تنفيذها. - وإذ يعيد تأكيد أن السلام العادل والشامل إنما يقوم على المبادئ والأسس التي تم ارساؤها في مدريد وعلى رأسها مبدأ الأرض مقابل السلام، والشرعية الدولية المتمثلة في قراري مجلس الأمن 242 و338 والقرارات ذات الصلة. * يقرر القادة العرب ما يأتي: 1- التوقف عن إقامة أية علاقات مع إسرائيل تحت أي مسمى، وإلغاء أية علاقات أقيمت في ظل عملية السلام، وربط استئنافها بإحراز إنجاز حقيقي على كافة مسارات عملية السلام. 2 - عدم استئناف أي نشاط في اطار المسار المتعدد الأطراف سواء كان هذا النشاط رسمياً أو غير رسمي، اذا لم يتحقق انجاز ملموس تجاه السلام العادل والشامل. 3- وقف جميع خطوات وأنشطة التعاون الاقتصادي الاقليمي مع اسرائيل في اطار المسار المتعدد الأطراف وعدم المشاركة في أي منها الى حين تحقق تقدم ملموس على كل مسارات المسيرة السلمية".