العلاقة بين المجلس النيابي والحكومة في لبنان ستخضع لاختبار جديد في الجلسات النيابية المقررة الأسبوع المقبل والمخصصة لمناقشة مشروع قانون الموازنة للعام الألفين، وسط أجواء لم تستبعد أن تتحول في القسم الأول منها جلسات لمناقشة السياسة العامة للحكومة، خصوصاً أنها لم تخضع منذ تشكيلها لمثل هذه الجلسات على رغم أن النظام الداخلي للمجلس ينص على عقد جلسة مناقشة، بعد كل أربع جلسات تشريعية. وفي هذا السياق، قال قطب نيابي ل"الحياة" أن "الحكومة الحالية ستبقى للإشراف على اجراء الانتخابات النيابية في آب أغسطس المقبل، لكن ذلك لا يمنعها من أن تحسب حساب المجلس، وأن تجيب على الأسئلة التي وجهها اليها النواب من خلال رئاسة المجلس، بعدما بلغت 45، لم تجب عن معظمها. وهذا ما سيضطرهم الى اثارة قضية امتناع الحكومة عن الإجابة، على رغم أن المهل القانونية للإجابة انقضت". وأكد القطب أن "توجيه الانتقادات الى الحكومة على أدائها لم يعد يقتصر على المعارضة، وإنما امتد الى نواب موالين، وهذا ما ظهر الى العلن من خلال الانتقادات التي وجهت اليها أخيراً"، مشيراً الى أن الملاحظات طاولتها أيضاً من رئيس الجمهورية اميل لحود الذي لم يترك فرصة إلا أكد فيها دعمه لها، ولكن من دون اغفال السلبيات التي لا بد من أن تعمل على تصحيحها". وتابع "ان الرئيس لحود، وان كان رفض في أكثر من محطة سياسية أي محاولة للفصل بين العهد والحكومة، حرص، في المقابل، على حث الوزراء على درس ملفاتهم والإمساك بها، من جهة والاستماع الى الانتقادات الموضوعية من جهة ثانية، متجنباً من خلال اندفاعه في متابعة الأوضاع، التغطية عليها، لئلا يقال أنه يريد أن يطغى على السلطة التنفيذية". ولفت الى أن الرئيس لحود "يصر على مراعاة الوضع الحكومي تفادياً لعدم اثارة الحساسية، لكنه يستمع جيداً الى الملاحظات التي يبديها نواب بادروا بمصارحة رئيس الحكومة سليم الحص بها". ورأى القطب "ان الوضع الحكومي لا يمكن أن يستمر على حاله الى حين الانتهاء من اجراء الانتخابات التي لا بد من أن تأتي بحكومة جديدة، ولا أظن أن تجربة المجيء بحكومة تكنوقراط باتت تشجّع على تكرارها"، مؤكداً ان الانتخابات "تعني بالنسبة الينا بدء مرحلة سياسية جديدة قد تختلف عن المرحلة الراهنة، لئلا نقول أن التقليعة الأساسية للبلاد ستشهد زخماً سياسياً مع قيام مجلس نيابي جديد، خصوصاً أننا نكون اجتزنا الظروف التي رافقت تأليف الحكومة الحالية". واعتبر أن "مشكلة الحكومة تكمن في أنها لم تحسن توظيف الدعم المطلق الذي وفره لها الرئيس لحود، اضافة الى دعم الموالاة ودمشق على السواء". وقال "لو أنها أحسنت على هذا الصعيد لنجحت في ايجاد فريق عمل متماسك، مع أنها متماسكة ولم تصطدم بخلافات بين الوزراء أسوة بالحكومات السابقة التي كانت تجمع تحت سقف واحد المشاكس والمتجانس في آن". وأوضح القطب "ان الدعم السوري للحكومة لم يمنع المسؤولين السوريين عن الملف اللبناني، من الاستماع الى ملاحظات وانتقادات من نواب يبادرون بنقلها الى أركان الدولة ليكونوا على بينة من الحلول المقترحة للمشكلات بما فيها تحريك الوضع الإداري واخراجه من الروتين الذي هو موضع شكوى أهل الحكم قبل سواهم". وأضاف "ان المرحلة الراهنة، وان كانت تحتاج الى تضافر الجهود لمواكبة التطورات المترتبة على مفاوضات السلام والتي تحتاج الى الحفاظ على الاستقرار العام، تقتضي أيضاً الإفادة من الوضع الممسوك وتطويره الى حال سياسية متماسكة. وبما أني لا أحمل على الحكومة في السراء والضراء، رغبت في السؤال عن مصير ما اعترفت به وبلسان رئيسها لجهة حصول أخطاء في التعاطي مع الملف الإداري تعييناً واقالة وإصلاحاً، إذ أنها لم تتمكن من ترجمة ما اعترفت به خطوات ملموسة، على رغم الوعود التي أطلقتها، فضلاً عن تردد بعض الوزراء في التصدي للمشكلات التي تعانيها وزاراتهم، من جراء حال الإرباك المسيطرة عليهم ومن ثم التردد في اتخاذ التدابير لمنع تراكم الأخطاء". وختم "ان الانتخابات النبابية تشكل محطة لتحقيق الإصلاح السياسي الذي من دونه يبقى الإصلاح الإداري بعيداً من متناول اليد، لذا لا بد من البحث عن صيغة لتحقيق التعايش الإيجابي بين السلطتين الاشتراعية والتنفيذية من منطق عدم الالتفات الى الوراء والتوافق على الخطوات الملموسة لدفع عجلة البلاد الى الأمام".