بدأت عروض باريس للأزياء الراقية لصيف 2000 مطلع الأسبوع الجاري بعرضين بارزين لجان بول غوتييه وكريستيان ديور لفتا أنظار الجميع، فاستحق الأول الاعجاب، فيما أثار الثاني الغضب والصخب. فإن جاء غوتييه رائعاً بعمله الأنيق وإبداعه وإبتكاراته الجديدة، قرّر المصمّم البريطاني، جون غاليانو الذي يعمل لحساب دار كريستيان ديور ان يتحدّى كل القوانين السائدة وأن يقدّم أزياءً لبداية القرن الواحد والعشرين بعيدة كل البعد عن المألوف مُدخلا المرأة في عالم الجنون وعالم المتشردين. مزّق غاليانو القماش وكسّر الأشكال وفكّك القياسات... ثقب الساتان وشقق الموسلين واستخدم الجوارب الصوفية كي تحلّ مكان الأوشحة حول العنق، كما استخدم الخيطان الغليظة لتحزيم الفساتين والتنانير العريضة والطويلة التي لا شكل لها ولا قياس، وتبدو قديمة ومستهلكة كي تقوّي الشعور بالفقر والتشرّد. وأما آخر أخبار النهار، فتظهر على أثواب العامل المصنوعة من الحرير والمطبوعة بحروف صحيفة ما وصورها. قام غاليانو بعملية تدمير حقيقية للموضة، ولكنه لم يكتف بذلك بل ذهب الى أبعد عندما قدّم في الجزء الثاني من عرضه أزياء تدخلنا في عالم الجنون والطبّ النفسي العصبي من خلال قمصان جبرية مصنوعة من الجلد والكتّان ومربوطة بالحبال وجزمات محزّمة، أما المخصّرات التي تحتوي على الحبائل والأربطة فتشير الى وضع مزعج وإنحراف تام لعالم الأزياء. الجنون، الفقر، التشرّد... هذه كانت رؤية غاليانو للأزياء الراقية لبداية هذا القرن في حين كانت رؤية جان بول غوتييه جميلة وأنثوية للغاية تذكّر وتستعيد الهند في أقمشتها، الشانتوغ، الحرير، الأورغانزا، وتطريزاتها الرقيقة والوافرة، وألوانها الشمسية. وكذلك دار "تورانت"، فقدّمت أزياء مشبعة برومانسية بطلات أفلام شهيرة كسكارليت أوهارا في "ذهب مع الريح" أو بروعة ممثلات أفلام ستانلي كوبريك، وخلطت الأقمشة الخفيفة بالتطريزات الناعمة ومزجت الألوان الفاتحة وألوان الباستيل بالدانتيل والموسلين لتؤكّد أن الأزياء الراقية لا تزل عالماً غنياً وبارزاً بأناقته ودقّة عمله واستثنائه، وهذا ما فعلته دوناتيلا فيرساتشي بالنسبة لأزياء الربيع والصيف القادم في ابتكارات مزجت التطريزات بالذهب واللآلىء، بالحرير والشانتيّي، بالجلد العادي وجلد الزواحف المبرنق، في فساتين للسهرة مقوّرة ومكشوفة، خفيفة ولمّاعة، متألقة كالماسات النادرة في أشكالها وفي ثمنها من دون شك.