يبدو كأن آخر صيف قبل العام 2000 سيكون تجميعا لكل الأنماط في الأزياء، وسيتيح للمرأة ان ترتدي ما تريد وكيفما تريد، ببساطة أو بتعقيد، بالطويل أو بالقصير، بالفضفاض أو بالضيّق... وكأن كل شيء بات مسموحا في نهاية هذا القرن. خلال عشرة أيام من عروض الازياء الجاهزة لربيع وصيف 1999 في باريس، ظهرت الموضة في كل اتجاهاتها . بدأت بعرض لويس فويتون الذي يشتهر بعمل الجلد وانتقل الى صناعة الثياب منذ فترة، وقد رسم الازياء لداره الاميركي مارك جاكوبس الذي ابتكر ثيابا بسيطة جداً، سراويل ضيّقة وشورتات قصيرة وكنزات خفيفة تعتمد على المواد الطبيعية الجميلة كقطن الكشمير وجلد الأيل والحرير. أما الايطالي غوتشي الذي يُبدع في عالم المصنوعات الجلدية ايضا فجاء عرضه مدهشاً، ذلك أن الاميركي توم فورد أدخل اليه سنوات ال"هيبيز" في السبعينات وجو "السلم والحب" من خلال الفساتين الواسعة والقمصان المزهّرة وأقمشة الكريب والأقمشة المدعوكة وبنطلون الجينز الممزّق والمطرّز بالريش وبالخرز الملوّن. وجاءت أزياء ايف سان لوران كالعادة أنيقة للغاية معتمدة على السراويل الواسعة والفساتين الحريرية المتدثّرة برخاوة، والبدلات المفصّلة بدقة وفساتين السهرة ذات الأكمام الطويلة، المقصوصة في قماش الكريب وفي الوان مختلفة: أبيض وكحلي وأحمر وأسود. ودخل البريطاني الكسندر ماكوين المعروف بأزيائه الغريبة في الصف هذه المرّة وقدّم عرضا لحساب دار "جيفنتشي" رزينا يبرز البدلات المدروسة والفساتين المتموجة واللونين: الازرق الفاتح والرمادي. في حين رسم ايمانويل انغارو مجموعة مثيرة للصيف المقبل تعتمد على الفساتين الرمادية والسوداء الشفافة والمطرّزة بالدانتيلا تغطيها احيانا السترات الرجالية القصيرة. وفساتين السهرة عند انغارو قريبة من الجسد تشدّ القامة شدّا وتذكرنا تطريزاتها الخفيفة التي تحمل نثرات من الفضة والذهب بأن هذه الفساتين قد تكون فساتين سندريللا نهاية القرن العشرين. وحضر عرض كريستيان ديور حشد كبير من المشاهير بينهم ابنة رئيس جمهورية الارجنتين، سليمى منعم والبارونة فون - تايسين والممثلتان غونيث بالترو وجوديث غودريش. ذلك ان ماكس غاليانو اصبح يثير كل الاهتمامات بأزيائه "الدراماتيكية" التي تستوحي الماضي في معظم الاحيان. ولكن عرضه الاخير كان، لدهشة الجميع، معاصرا اذ الهمته هذه المرّة الثورة الروسية وكذلك الثورة الصينية فركزت ثيابه على التايور الذي يذكّر بلباس الجيش الاحمر: السترات عسكرية والقبّعات كذلك. ولكن هذه القسوة تخبىء اغراءات عدة في التنورة المشقوقة والقمصان المفتوحة. والليل بالنسبة الى غاليانو أبيض تقطعه خطوط حمراء وسوداء او تطبعه دوائر باهتة. من جهته، ركّز تييري موغلير على الاحمر البرتقالي والأخضر والزهري وفي عرض مفرح وأزياء تعتمد على الموسلين والأقمشة الرقيقة من اجل امرأة خفيفة وسعيدة. وفي حين ذكّرت أزياء جان بول غولتييه بأزياء الغيشا اليابانيات، اعتمدت سونيا ريكييل ثياب ممثلات وراقصات برودواي في الثلاثينات. أما فلانتينو فاستلهم ثياب الغجريات من اجل ازياء انثوية وساحرة للغاية، واعتمدت كريستينا اورتيز لدار "لانفان" حداثة جديدة في ثياب بسيطة وخطوط جالسة. ولفتت عروض المصممين اليابانيين الاهتمام، خصوصاً عرض ايسي مياكي الذي ابتدع فساتين بأقمشة يصنعها بنفسه في مختبراته كي تكون مجعّدة بطريقة مدروسة، وخلط الالوان ببراعة ليقدّم فساتين تحمل الوان قوس القزح. واستعاد يوشي ياماموتو ازياء اودري هيبورن في فيلم "ماي فير ليدي" وانما بطريقة معاصرة. ويقول: "الموضة تسمح بأن نعبّر بطريقة مختلفة عن الاشخاص، ان نقول ما لا يمكن للرسم ان يقوله ولا النحت ولا الموسيقى". وفي النهاية، فان كل مصمّم في باريس قدم لنا كيف يرى المرأة في نهاية القرن العشرين.