مع عروض الازياء الراقية للصيف القادم التي شهدتها باريس في الايام الاخيرة، اقتربت الفنتازيا من الحلم والجمال من السحر. ان كانت الازياء الراقية إرثاً من القرن الماضي في العمل الدقيق المبذول على كل قطعة، والعمل الذي يعتمد على الصناعة اليدوية والساعات الطويلة التي قد يصل عددها من اجل ابتكار الفستان الواحد الى ألفي ساعة، فانها تبقى فسحة رائعة للهروب من الواقع والدخول، وإن لفترة قصيرة من الزمن، في عالم الخيال. بدأت العروض مع ازياء فرساتشي التي ابتكرتها شقيقة المصمم الراحل، دوناتيلا، بطريقة عصرية للغاية، مستوحية من مواد الطبيعة فساتين قصيرة مرصّعة بالالماس، وفساتين طويلة قريبة من الجسد عرضتها ناوومي كامبيل بمشيتها المتماوجة الشهيرة. اما اوسيمار فرسولاتو، فصور المرأة بطرق مختلفة: عصفورة، فستاليّة، جارية او ساحرة خارجة من حلم ليلة صيفية، مستخدماً السلاسل لكي تمسك الريش، والريش لكي يظلّل الصدر ويغطّي الفساتين القصيرة بشكل اجنحة متطايرة. ومزج فرسولاتو الخشب بالحرير وعلّق على سبيل المثال ثنيات فستان بصفيحة من الخشب الفاخر، بنفسجي اللون، واخرج نساءً فراشات من شرانقها. ولكنه اخرج ايضاً المرأة من رمال التاريخ، وألبسها الجلباب الابيض المطرز بالخط الهيروغليفي القديم. ولقي الريش مكانة واسعة في ازياء الصيف المقبل، اذ استخدمه دومينيك سيرو وكذلك لوكواني هيمان، وطغت الدانتيلا على فساتين تورانتي. الا ان التطريزات البارزة سيطرت على مجموعة جان بول غوتييه الذي لم يدخل عالم الازياء الراقية الا منذ سنتين، وقدّم هذه المرّة احد اجمل العروض، ظهر فيه فستان طويل للسهرة، زهري اللون، مطرز بالدانتيلا. ويقال ان العمل على هذا الفستان بالذات استغرق الفي ساعة. ولكن غوتييه لم يكتف بذلك، بل ادخل ابتكارات جديدة على ازيائه كفستان للسهرة مصنوع من مادة الجينز وبنطلونات "فلامينكو" واسعة جداً ومقصوصة في مادة الساتان… ومن اليونان الابدية، استوحى غوتييه فساتين كريب معلّقة على قلادات من الذهب والعاج والخشب والبرونز. ومن جهته، قدم الكسندر ماك كوين، المصمم البريطاني الذي يعمل لحساب دار "جيفانشي" عرضاً انيقاً وهادئاً ورومانسياً ارتكز على مواضيع من التاريخ والمسرح والسينما، في حين اعطى البريطاني، جون غاليانو، نفساً من السوريالية الى ازياء كريستيان ديور مستخدماً اعمال جان كوكتو وسلفادور دالي لتصميم فساتين تحمل اشكالاً نسائية وحيوانية مطرزة بالاسود على مادة التول الابيض. وقدّم ايمانويل اونغارو ازياء ملونة تذكّر بثياب غجريات جنوبفرنسا. فالتنانير طويلة وشفافة، والساتان والدانتيلا يزينان القمصان القصيرة. وصفق الجمهور طويلاً لمجموعة كريستيان لاكروا الفاخرة التي اعتمدت على فساتين الحفلات الراقصة، حيث اختلطت الالوان الدافئة بالاقمشة الثمينة، وبدت الحياة مع لاكروا في حالة ابتهاج ساحرة من اجل الانتقال الى عصر جديد.