في شهر ايلول سبتمبر 1998 عقد المؤتمر الدولي السادس والثلاثون لتاريخ الطب في تونس. وعلى رغم كونه ملتقى عالمياً شارك فيه باحثون من كل القارات ومختلف الدول، الا ان الطب العربي كان له نصيب الاسد، إذ خصصت قاعات لعدة جلسات للباحثين العرب باللغة العربية، الى مشاركتهم ببحوث في القاعات المخصصة للانكليزية والفرنسية. هذا المؤتمر لم يحظ بأية تغطية تذكر من قبل "الحياة"، اللهم الا حديث واحد عن بحث طبيب عراقي، مع انه لو تمت تغطية المؤتمر كما يجب لرأينا العشرات من المخطوطات المهمة جداً في الطب العربي يكشف النقاب عنها للمرة الاولى من قبل الباحثين العرب في ذلك المؤتمر. وفي ايلول 1999 عقد المؤتمر السنوي لتاريخ العلوم عند العرب في حلب، وعلى رغم التغطية الاعلامية من قبل وسائل الاعلام السورية لم تنشر "الحياة" سطراً واحداً عنه، مع انه مثل مؤتمر تونس مؤتمر جاد تخضع بحوثه للتحكيم، ويشارك فيه باحثون من الدول العربية وبعض الدول الاوروبية مثل اسبانيا. وفي شهر تشرين الاول اكتوبر 1999 عقد مؤتمر "مصادر المعلومات حول العالم الاسلامي" من قبل مكتبة الملك عبدالعزيز العامة في الرياض. وايضاً لم نرَ تغطية تذكر للمؤتمر، اللهم الا نشر ملخص للنشرة الاعلامية الصادرة عن المؤتمر. وذلك على رغم كونه مؤتمراً جاداً تحكّم فيه البحوث، ويتم اختيار الجيد والهادف منها فقط. تم اختيار 70 فقط من بين 400 بحث مقدم ويتم التعاون فيه بشكل مكثف مع اساتذة الجامعات السعودية. وفي شهر تشرين الثاني نوفمبر عقد مؤتمر في لندن، لم يُدعَ اليه الا اصحاب الاسماء اللامعة في بعض مجالات التراث، ولم تكن هناك دعوة عامة للجمهور العربي الغلبان والمتعطش للمعرفة، بعكس ما يحصل في مؤتمرات حلب وتونسوالرياض. الجمهور في لندن كان الصحافيين واصدقاء صاحب المؤسسة التي استضافت المؤتمر، وتمت تغطية المؤتمر في اربعة اعداد من "الحياة". وهنا يتساءل القارئ عن السبب؟ ماذا قدّم المؤتمر من بحوث هادفة لمجال التراث العلمي؟ الجواب: لا شيء. لأن اصحاب الاسماء اللامعة مدعوون كضيوف شرف. ليست هنالك لجان تقييم لاعمالهم. وبالتالي هم يتحدثون عن تجاربهم وذكرياتم في التراث العلمي، ولا يقدمون بالتالي شيئاً جديداً، لان كل ما يقدمونه هو مما نشروه سابقاً. بينما المؤتمرات الجادة تتم فيها استضافة بحوث محكّمة تخدم العلم والتراث العالمي. والطريف ان احدهم دعي لذلك المؤتمر المختص بعلوم الارض في التراث، وهو لم يكتب في حياته سطراً واحداً في غير علوم الرياضيات، فلم يتحدث في المؤتمر الا عن رسم الكون، اي في مجال الفلك وليس علوم الارض، وكل المعلومات التي تحدث عنها في محاضراته مأخوذة من كتابات الغربيين في هذا المجال … صحيفة "الحياة" اهتمت بموضوع المؤتمر لاسباب يتساءل عنها القارئ كما ألمحنا في الاسطر السابقة. فقرّاء "الحياة" كلهم من المثقفين او من حَمَلة الشهادات الجامعية. بل والالوف منهم من حملة الشهادات العليا. فهنا نلاحظ ان القائمين على مؤتمرات حلب وتونس "غلابة"، وتهمهم القيمة العلمية للبحوث المقدّمة. ومؤتمر الرياض مؤتمر جاد، وليست عندهم محاضرات "سلق بيض" اما مؤتمر لندن فهو الوحيد الذي تمت تغطيته في اربعة اعداد من دون غيره. جدة - همام عبدالله الحارثي