أ.د/ خالد بن عبدالغفار آل عبدالرحمن عميد كلية الطب بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المقدمة: على الرغم من الجهود الكثيرة التي بذلت خلال العقدين الماضيين في سبيل تعريب التعليم الطبي والعلوم الطبية في الوطن العربي غير أنه لم يتغير شيء فلا تزال كليات الطب في العالم العربي تعتمد اللغات الأجنبية في تعليمها للطب والعلوم الطبية. ومن هنا يأتي السؤال الكبير. لماذا لم يتفاعل متخذي القرار في الجامعات والكليات العربية مع قرارات وتوصيات المجالس والمراكز والهيئات والمؤتمرات وجميع المدافعين عن قضية التعريب وخصوصاً في عقد التسعينيات الذي يسميه البعض بعقد التعريب؟ تهدف هذه الورقة لتقديم رؤية موضوعية حول تعريب التعليم الطبي والخطوات العملية للتنفيذ. تمهيد: ليست قضية تعريب التعليم الطبي آنية، ولا وليدة المتغيرات الجديدة على الساحة الدولية في الوطن العربي، وإنما هي قضية قديمة، بلغت من الكبر عتيا، تقاذفتها الأقلام والألسنة بين التأييد والرفض منذ منتصف القرن التاسع عشر، حين كانت مدرسة الطب في القصرالعيني بالقاهرة تدرس الطب بالعربية، وشاء لها المسعمر أن تتخلى عن العربية، فأحكم الخطة لتفنيذ هدفه على تبديل اللغة وسط مقاومة عنيفة. وفيما يلي لمحة تاريخية عن تعريب التعليم الطبي: أنشئت في مصر أول كلية طب في أبي زعبل أيام محمد علي الكبير عام 1827م. واستمر تعليم الطب فيها باللغة العربية نحو 60 سنة، وكانوا يستقطبون الأساتذة الأجانب فيترجم لهم في قاعات المحاضرات، وقد ألف في هذه الفترة 53 كتابا في الطب. وبدأ الاستعمار البريطاني لمصر عام 1882م وفي غضون خمس سنوات تحول تعليم الطب من اللغة العربية إلى اللغة الإنجليزية. وفي عام 1866م أنشئت في بيروت الكلية السورية الإنجيلية ثم سميت فيما بعد بالجامعة الأمريكيةببيروت، وأنشئت بعدها عام 1883م مدرسة الطب اليسوعية، وكان الطب يعلم فيها باللغة العربية إلى أن غزا الاستعمار لبنان، وتحول تعليم الطب في هاتين الكليتين إلى الإنجليزية والفرنسية. وفي سنة 1924م افتتحت كلية الطب في الخرطوم وسميت مدرسة كتشنر الطبية تلتها في عام 1927 كلية طب بغداد وكان التعليم فيها باللغة الإنجليزية. بيد أن كلية الطب التي تأسست في دمشق عام 1919م بدأت تدرس الطب باللغة العربية واستمرت فيه حتى اليوم على الرغم من محاولات الانتداب الفرنسي- عندما كان قائما- لفرض اللغة الفرنسية فيها(1). وفي دراسة نشرتها منظمة الصحة العالمية عام 1988م(2) عن 1259 كلية طب في 128 دولة يتضح لنا طابع عام ملفت للنظر. فالدول المستقلة سياسيا مثل الأمريكتين الشمالية والجنوبية وأوربا واستراليا جميعها تدرس الطب بلغاتها في حين أن الدول التي خاضت تجربة الاستعمار وتقع أكثرها في قارتي آسيا وأفريقيا يدرس الطب فيها بلغة المستعمر، وأقرب مثل لذلك نجده في عالمنا العربي فالطب في المغرب العربي يدرس باللغة الفرنسية، وفي مصر والعراق والسودان بالإنجليزية، وفي الصومال بالإيطالية، وكلها لغات المستعمر الذي ساد البلاد لفترة من الزمن. ولا شك أن هذا يؤكد ما ذهب إليه ابن خلدون في مقدمته من أن المغلوب مولع بالاقتداء بالغالب، وفي ذلك يقول "إن النفس أبدا تعتقد الكمال في من غلبها وانقادت إليه. إما لنظرة بالكمال بما وقر عندها من تعظيمه، أو لما تغالط به من أن انقيادها ليس لغلب طبيعي، إنما هو لكمال الغالب"(3). وأيضا ما ذهب إليه ابن حزم بقوله "إن اللغة يسقط أكثرها ويبطل بسقوط أهلها ودخول غيرهم في مساكنهم"(4) والواقع أن تعلم الطب في البلاد العربية بلغات أجنبية هو هزيمة نفسية. خاصة إذا علمنا أن الطالب عند تخرجه لا يملك في الغالب أن يكتب صفحة واحدة باللغة الإنجليزية دون أن يرتكب العديد من الأخطاء. كما نجده يتجنب الحوار والمناقشة لضعف لغته . ذلك لأنه يدرس بلغة إنجليزية ضعيفة، هي هجين من اللغتين العربية والإنجليزية. ولبطء قراءته نجده يعتمد على الملخصات وقليلا ما يعود إلى المراجع. وإلى بضع سنوات خلت كنا إذا ما أثرنا موضوع تعليم الطب باللغة العربية وجدنا من يقول لنا هيهات. فلن يحدث هذا في بلادنا أبدا واليوم أصبحت الغالبية العظمى من المؤسسات التعليمية في بلادنا تدعو إلى تعريب الطب وتسمي عقد التسعينات بعقد التعريب. وفي منتصف التسعينيات الميلادية أتفق كل من وزراء الصحة وعمداء كليات الطب في الدول العربية، وخبراء منظمة الصحة العالمية في اجتماعاتهم التي عقدوها في كل من الخرطومودمشقوالقاهرة على أن يكون تعليم الطب باللغة العربية. وأجمعوا أمرهم على البدء بتعريب كل من الطب الشرعي وطب المجتمع ثم بقية العلوم الطبية، على أن يكتمل التعريب قبل نهاية هذا القرن ( نهاية عام 2000م)، أي خلال السنوات الخمس القادمة. ولدعم مشروع التعريب قام المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية بالإسكندرية بتخصيص جانب من ميزانيته لتعريب العلوم الطبية. وأخيرا يجب أن نؤكد على أن تعريب الطب لا يعفي الطبيب من أن يتقن لغة أجنبية واحدة على الأقل حتى يتمكن من متابعة ما يحدث في عالم الطب من تقدم (1). لماذا تعليم الطب باللغة العربية؟ لاشك أن لغة التعلم والتعليم لها أثر كبير في الفهم والإدراك وسرعة الاستيعاب للمتعلم. وحيث أن اللغة العربية هي لغة القران وهي أداة تواصل المسلم التي يعتز بها. وفي بلادنا الغالية يتعلم الطلاب في جميع مراحل التعليم العام باللغة العربية فلماذا يتعلمون الطب بلغة أخرى تتطلب منهم مضاعفة الجهد في القراءة والكتابة والاستيعاب. وأظهرت نتائج عدد من الدراسات ايجابيات استخدام اللغة العربية في التعليم الجامعي منها دراسة الجار الله والأنصاري (1998) التي أجرياها على 516 من طلاب وطالبات الطب بجامعة الملك سعود. حيث أفاد 49% من الطلاب أنهم يستوعبون أكثر من 75% من المحاضرة عندما تلقى باللغة الإنجليزية، بينما أكد 45% أنهم يستوعبون ما بين 25-75% من المحاضرة. وتزيد نسبة استيعاب المحاضرة إذا استخدمت اللغة العربية مع الإنجليزية عند حوالي 90% من الطلاب. أما إذا كانت كلها باللغة العربية فقد أفاد حوالي 60% منهم أن نسبة الاستيعاب تزيد. وأفاد 40.4% بأنها لا تزيد. وأفاد 46% من الطلاب أنهم يحتاجون إلى نصف الزمن لقراءة مادة مكتوبة باللغة الإنجليزية لو كتبت بالعربية، كما أفاد 30% منهم أنهم يحتاجون إلى ثلث الوقت، و17.7% أنهم يحتاجون إلى نفس الوقت، بينما يحتاج 6.3% منهم إلى ثلاثة أضعاف الوقت. ووجد الجار الله والأنصاري أن 27.6% من الطلاب يحتاجون إلى ثلث الزمن لكتابة مادة باللغة العربية كانت أصلا باللغة الإنجليزية، كما يحتاج 36.9% منهم إلى نصف الزمن، و27% إلى الزمن نفسه. ويفضل 45% من الطلاب الإجابة على ورقة الامتحان باللغة العربية، و36.9% الإجابة عليها باللغة الإنجليزية، بينما يفضل 15.1% الإجابة باللغة العربية مع كتابة المصطلحات باللغة الإنجليزية، وفضل 3% الخلط بين اللغتين دون ترتيب. ويرى 50.7% أن التدريس باللغة الإنجليزية يقلل من فرصة المشاركة أثناء المحاضرات. ويؤيد 60% من الطلاب التدريس باللغة العربية، ويرى 8.7% منهم أن لا فرق بين التدريس بأي اللغتين. وأفاد 92.9% من الطلاب بأنه يمكن البدء في تطبيق التعريب فورا(5). وتبين من نتائج دراسة استطلاعية أجريت في كلية الطب بجامعة الملك فيصل عن موقف طلاب الطب من تعريب العلم الطبي أن 80% من الطلاب يوفرون ثلث الزمن أو أكثر عند القراءة باللغة العربية مقارنة باللغة الإنجليزية، وأن 72% من الطلاب يوفرون ثلث الزمن أو أكثر عند الكتابة باللغة العربية مقارنة بالكتابة باللغة الإنجليزية. ويفضل 23% فقط من الطلاب الإجابة على أسئلة الامتحان باللغة الإنجليزية. ويرى 75% أن مقدرتهم على الإجابة الشفوية والنقاش أفضل باللغة العربية (6). ودلت دراسة أجراها السباعي (1995م) على مجموعة من طلاب الطب وأطباء الامتياز والأطباء المقيمين عن متوسط سرعة القراءة باللغتين العربية والإنجليزية ونسبة التحسن إذا تمت قراءة النص باللغة العربية على أن سرعة القراءة باللغة العربية هي 109.8 كلمات في الدقيقة، بينما هي 76.7 كلمة في الدقيقة باللغة الإنجليزية، أي بفارق 23.1 كلمة في الدقيقة لصالح اللغة العربية. أي أن سرعة القراءة باللغة العربية تزيد 43% على سرعة القراءة باللغة الإنجليزية. وتبين أن استيعاب النص باللغة العربية أفضل من استيعاب النص نفسه باللغة الإنجليزية بزيادة 15%. أي أن نسبة التحصيل العلمي ستزداد 66.4% لو كان التعليم باللغة العربية، وأن طلبة الطب سوف يوفرون 50% من وقتهم لو قرأوا أو كتبوا باللغة العربية(7). ولماذا في كلية الطب بجامعة الإمام؟ لقد تميزت الجامعة منذ انشائها في العلوم الاسلامية و التخصصات الشرعية. ولقد تطلع الكثير من الغيورين من أساتذة الطب في الجامعات السعودية – منذ صدور القرار السامي بانشاء كلية للطب في جامعة الامام- بأن تبادر الكلية برفع راية تعريب التعليم الطبي وتبني نموذجاً فريداً للمدرسة الطبية الاسلامية. التجارب السابقة: التجربة السورية في تعليم الطب باللغة العربية: لعلي أنقل التجربة من أهلها. فهذه خلاصة التجربة التي كتبها الدكتور أمين هيكل بعنوان تعريب الطب في سوريا: هل فشلت التجربة؟ بدأ تدريس الطب بالعربية في سوريا منذ نشأة جامعة دمشق. ففي عام 1919 افتتح معهد الطب العربي الذي شكّل، مع معهد الحقوق بدمشق، نواة الجامعة السورية التي تأسست رسمياً سنة 1923، وتغير اسمها فيما بعد إلى "جامعة دمشق". وقد بدأت حركة تعريب الطب منذ إنشاء المعهد، الذي تحول إلى كلية الطب لاحقاً. وكان للأساتذة الأوائل في المعهد فضل ترجمة المصطلحات العلمية ووضع الترجمات والمؤلفات الطبية العربية، كما بدأوا عام 1924 بإصدار المجلة الطبية العربية. وكما كانت اللغة العربية لغة التدريس في جميع كليات وفروع جامعة دمشق، فإنها كانت كذلك في الجامعات الأخرى التي أنشأت فيما بعد: حلب والبعث وتشرين. ولهذا تفاخر الجامعات السورية الأربعة بأنها الوحيدة في العالم تقريباً التي تدرس الطب بالعربية. إذ أن جميع كليات الطب الأخرى في العالم العربي تدرّس بالإنكليزية أو الفرنسية، باستثناء بعض المدارس في السودان وليبيا. لا بد أن تدريس العلوم باللغة الأم يساهم في الحفاظ على الهوية الثقافية من الضياع، والحفاظ على حيوية اللغة عبر اتصالها مع تطورات العلم وإنجازاته. لكن المسألة لا تقتصر على ذلك، فالدراسة باللغة الأم، وفقاً لدراسات علمية، تحقق للطالب فهماً أعمق وأسرع ونتائج أفضل. وقد أوصت اليونسكو (منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة) باستخدام اللغة الوطنية في التعليم إلى أقصى مرحلة ممكنة. في دراسة للمركز العربي للوثائق والمطبوعات الصحية أُجري اختبار لطلاب طب في جامعة الملك فيصل بالسعودية، أظهر أن القدرة على استيعاب النصوص الطبية هي أعلى عندما تكون هذه النصوص بالعربية. وحسب الدراسة المذكورة، فإن طالب الطب تزداد سرعته 43 بالمئة، وتتحسن قدرته على الاستيعاب بنسبة 15 بالمئة فيما لو قرأ بالعربية. ويضيف الدكتور هيكل أنه بعد أكثر من 80 عاماً على انطلاق هذه التجربة، التي أثبتت نجاحاً ملفتاً في البداية، يشتكي الكثير من طلاب الطب في الجامعات السورية من أن تعريب الطب يعاني صعوبات كثيرة تنعكس على الطالب وأدائه. ففي حين أن حركة التعريب انطلقت بحيوية وكفاءة في مطلع القرن الماضي، لتضع أسس لغة طبية عربية، رغم الفجوة الكبيرة التي كانت تفصل العرب ولغتهم عن العلوم بشكل عام في ذلك الحين، فإنها اليوم تبدو غير قادرة على متابعة التطورات الهائلة في العلوم الطبية. إن المكتبة الطبية العربية في وضعها الحالي عاجزة عن استيعاب التطور الهائل والسريع في العلوم الطبية الذي يسير بسرعة أكبر بكثير مما كان عليه في السنوات السابقة، حين كانت حركة التعريب في أوجها. فهذه الحركة التي تقوم على كاهل أساتذة وأطباء سوريا وحدها، تفتقر الآن إلى الإمكانات اللازمة لرفد المكتبة الطبية باستمرار بالعدد المطلوب من الترجمات الحديثة. فالكثير من الكتب المعتمدة في المناهج السورية اليوم لم يتم تجديدها منذ سنوات عديدة؛ وحتى "المعجم الطبي الموحد"، الذي يعدّ المرجع الأساسي للمصطلحات المعرّبة، لم يخضع لأي تطوير أو تجديد منذ سنوات أيضاً. يقول أحد طلاب الطب في موقع 48+2 للطلاب السوريين على الإنترنت، معلقاً على هذا الموضوع: "عندما يمسك الطالب مرجعاً أجنبياً، يبدأ بالتخبط بين صفحاته الأولى وبين صفحات المعجم العربي الطبي الموحد حتى يزهق ويملّ ويعود إلى الكتاب الجامعي الحديث الذي تعود معلوماته إلى أوائل الثمانينات أو التسعينات". وفي ظل هذا الواقع فإنه لا يمكن للطلاب والأطباء الاستغناء عن المراجع الأجنبية والدوريات والدراسات التي تتضمن كل ما هو جديد في الطب. والكثير من الطلاب يرون أنهم لا يدرسون المقررات العربية إلا لاجتياز الامتحانات الجامعية، فهم في النهاية يلجؤون إلى المراجع والمصادر الأجنبية للحصول على المعلومات الطبية الكاملة والحديثة. ولهذا يتساءل هؤلاء عن جدوى التدريس بالعربية وتحميلهم عبء دراسة الطب بلغتين؟ ثم يتحدث الدكتور هيكل عن خريجي الطب السوريون عندما يسافرون للدراسات العليا في الخارج: طلاب آخرون يشكون من أن اللغة العربية تصبح عائقاً لهم حين يقررون الاختصاص في الخارج بعد التخرج. المعلوم أن الكثير من الطلاب السوريين يستكملون اختصاصهم الطبي في بلدان أوروبا أو في الولاياتالمتحدة، ويكون عليهم حينئذ أن يدرسوا بالإنكليزية أو غيرها من اللغات لاجتياز امتحانات التأهيل والقبول في البلدان التي يرغبون الدراسة فيها، مثل امتحان USMLE الأميركي وامتحان PLAB البريطاني. الحقيقة أن كليات الطب السورية لا تهمل تدريس اللغات الأجنبية. فهناك مقرر لغة إنكليزية أو فرنسية في السنوات الخمس الأولى من الدراسة الجامعية، كما تقرر العام الماضي تدريس مقرر طبي كامل في كل سنة بالإنكليزية أوالفرنسية. ولكن إذا أخذنا بعين الاعتبار ضعف تعليم اللغة الأجنبية في المرحلة ما قبل الجامعية، وعدم كفاية المناهج الجامعية لجعل الطالب متقناً للغة، فإننا يمكن أن نتوقع الصعوبة التي سيواجهها الطالب عندما يتحول إلى دراسة الطب بلغة أخرى بعد ست سنوات أمضاها في دراسة الطب بالعربية. يقول طالب طب في جامعة حلب: "بعد أن ينهي الطالب دراسته باللغة العربية بكل فخر واعتزاز ويبدأ بالتطلع للدراسة في الخارج، يجد نفسه غارقأ في مجاهل اللغة، خاصة وأن تعلم اللغة الاختصاصية لا يتم بسهولة كتعلم اللغة العامة، لذلك يفقد الطالب من سنوات عطائه عاماً أو عامين على أقل تقدير ليتمكن من اللغة الأجنبية على نحو جيد". لا بد من الإشارة هنا أنه رغم جميع هذه الحقائق، فإن الكثير من الطلاب السوريين يثبتون نجاحهم وتفوقهم حين ينتقلون إلى الخارج للاختصاص. وتثبت إحصاءات ودراسات أجريت بهذا الخصوص أن الخريجين السوريين يتابعون دراستهم في الولاياتالمتحدة بقدرة لا تقل إطلاقاً عن قدرة الطلاب العرب الذين درسوا الطب بلغات أجنبية في بلادهم. لكن يجب ألا يغيب عن بالنا الجهد المضاعف الذي بذله هؤلاء حين تحملوا عناء دراسة الطب بالعربية ثم بالإنكليزية، والوقت الذي أضاعوه في ذلك. وفي مسح أجراه المجلس الصحي الأميركي الدولي AIHC بين الطلاب المتخرجين من الجامعات السورية والذين يعملون أو يدرسون حالياً في الولاياتالمتحدة، ظهر أن 32 بالمئة من هؤلاء الطلاب اعتبروا أن انتقالهم إلى دراسة الإنكليزية والتحضير للامتحانات الأميركية كان سهلاً، بينما اعتبره 24 بالمئة صعباً، و44 بالمئة صعباً بعض الشيء. وكانت أغلب الصعوبات، حسب الدراسة، متعلقة باللغة وليس بالمصطلحات العلمية، مما يشير إلى إمكانية تجاوز هذه المشكلة بتحسين تعليم اللغة (العامة أولاً ثم الطبية الخاصة) في المرحلة الجامعية وما قبل الجامعية. وقد سئل المشاركون في هذا المسح عن رأيهم في التجربة السورية في تعريب الطب، فكانت النتيجة أن معظمهم (85 بالمئة) يرون أن هذه التجربة "ممكن أن تنجح"، كما أن معظمهم اتفقوا على أن التدريس بالعربية هو ضرورة علمية وثقافية. وفي ختام مقاله يقول الدكتور أمين هيكل: إن تجربة تعريب الطب في سوريا هي تجربة رائدة بلا شك، أو أنها بدأت كذلك على الأقل. وقد قطعت الجامعات السورية في ذلك شوطاً كبيراً ، وخرّجت الآلاف من الأطباء الذين أثبتوا نجاحهم داخل البلاد وخارجها. إلا أن هذه التجربة تواجه الآن تحدياً كبيراً يتهدد استمرارها، لا يمكن التغلب عليه إلا بإعادة تقييم التجربة ودراسة نقاط الضعف فيها. إن ترجمة المراجع الطبية تتطلب جهوداً هائلة من الأساتذة والهيئات التعليمية، لتتمكن من تقديم كتب ومراجع عربية، بلغة سلسة سهلة الفهم، ومحتوى يوازي كفاءة الكتب والمراجع الأجنبية. ولعل تحقيق ذلك يتطلب إصلاح نواحٍ كثيرة في الجامعات وغيرها من المؤسسات التعليمية، كتغيير القواعد الناظمة لتأليف وإصدار الكتب الجامعية المعمول بها منذ تأميم الكتاب الجامعي عام 1963، إضافة إلى قواعد أخرى في أنظمة عمل الجامعات لا مجال لذكرها هنا. وبغض النظر عن قصور المراجع الطبية العربية عن تغطية تطورات الطب المتسارعة، فإن إتقان اللغة الأجنبية –لا سيما الإنكليزية- يبدو ضرورة ملحّة سواء لدارس الطب أو ممارسه. فيجب تطوير طرق تدريس اللغة الأجنبية، وإدخالها بقوة أكبر في مناهج كليات الطب، بحيث يتقنها جميع الطلاب حتى لا تفوتهم فرصة الإطلاع على العلوم الطبية الحديثة شاملة غير منقوصة. يمكن أن نقول في النهاية أن تجربة تعريب الطب، إن استمرت بشكلها الحالي، تعدّ تجربة أقرب إلى الفشل منها إلى النجاح، فهي لا تلبّي احتياجات الطلاب والعاملين بحقل الطب. وسبب هذا الفشل هو فينا وليس في لغتنا العربية؛ أي أنه في تطبيق مبدأ تعريب الطب، لا في المبدأ نفسه، والدليل أن هذه التجربة أثبتت نجاحها لفترة طويلة في سوريا، قبل أن تتراجع مع تراجع التعليم الجامعي بشكل عام. والحل الآن هو العمل لإنقاذ تجربة هي من الأمور "القليلة" التي ما زال يمكن أن نفتخر بها في جامعاتنا اليوم، أو الاعتراف بفشل هذه التجربة واعتماد اللغات الأجنبية بديلاً. التجربة الليبية: ملاحظات حول تعريب العلوم الطبية بالجامعات الليبية والإجراءات التي اتخذتها بالخصوص ومن بينها جامعة العرب الطبية. 1.تحتاج تجربة كلية طب (سبها) وكلية الطب بجامعة (التحدي) بسرت للتدريس باللغة العربية وإلى التقييم والدراسة حتى يمكن تجاوز الصعوبات التي تعترض استمرارية التدريس بالعربية. 2.تمت المشاركة بوفد من الجامعة في ندوة التعريب التي أقامتها جامعة اليرموك بالأردن. 3.استضافت جامعة العرب الطبية الدورة الثالثة والعشرين لمجلس اتحاد الجامعات العربية 17 - 20 (فبراير) 1990 وكان التعريب أحد المواضيع التي أثيرت في النقاش. 4.عقد بالجامعة بالتعاون مع معهد الإنماء العربي والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم مؤتمر حول الكتابة العلمية باللغة العربية 10 - 13 (مارس) 1990. 5.تم ايفاد لجنة إلى سوريا برئاسة الأخ أمين اللجنة الشعبية للجامعة 23-30 (يونيو) 1989 بخصوص التعاون المشترك في مجال التعريب مع الجامعات السورية. هذا وقد تم تطبيق الاتفاقية المبرمة مع جامعة حلب، فقد تم اختيار كتب منهجية من منشورات جامعة حلب وتم إعادة طباعتها وشرائها، ويوجد بمكتبة جامعة العرب الطبية أعداد كثيرة من حوالي 40 عنواناً في مختلف العلوم الطبية ككتب منهجية. 6.ساهم أمين اللجنة الشعبية لكلية الطب في أعمال المؤتمر الإقليمي لتعريب التعليم الطبي في البلدان العربية المنعقد في القاهرة 17 - 20 (يونيو) 1990. 7.تمت دعوة بعض الأساتذة من كليات الطب بسوريا لإلقاء محاضرات علمية باللغة العربية وكذلك أساتذة من دول عربية أخرى (مثلا محاضرة الأستاذ الرخاوي حول تعريب العلوم الطبية بتاريخ 3/6/1991). 8.دعي بعض الأساتذة من سوريا كممتحنين وكذلك أساتذة عرب آخرون. 9.نظمت زيارة لجامعات جمهورية مصر العربية من أمين لجنة التعريب وأمين لجنة الدراسات العليا بالجامعة وذلك بتاريخ 29/6 - 5/7/1989 للتعرف على الإمكانيات المتاحة للتعريب ومدى استعداد الجامعات المصرية للتعاون مع جامعة العرب الطبية في مجال التعريب. 10.وفي هذا الخصوص اقترحت جامعة الأزهر، إقامة ندوة مشتركة بين جامعة العرب الطبية وجامعة الأزهر حول التعريب ودعوة كل المهتمين بهذا الموضوع في الوطن العربي للمشاركة في هذه الندوة. 11.بدأت الجامعة بالاستغناء عن أعضاء هيئة التدريس الذين لا يتكلمون العربية وإحلال العرب محلهم خاصة من جمهورية مصر العربية، غير أن الجامعة لم تتمكن من الحصول على أعضاء هيئة تدريس عرب في بعض التخصصات وخاصة السريرية منها مما اضطرها مرحلياً إلى التعاقد مع بعض الأساتذة من الهند بصفة مؤقتة. وربما من المفيد أن يزور وفد من الجامعة بعض الدول العربية كالعراق والسودان للحصول على أساتذة عرب. د. عبد الهادي موسى / د. عامر رحيل محمد . تعريب العلوم والتعليم بالعربيّة . تجربة جامعة العرب الطبية في تعريب العلوم الطبية. التجربة التونسية: أما في تونس فقد تقرر أن تبدأ خطة تعريب التعليم العام فيه عام 1958، لمدة عشر سنوات، على أن يبدأ التعريب أولاً في الدراسة الابتدائية، وأن يمدد بعد ذلك للدراسة الثانوية. وبدأ التنفيذ بصورة جادة ومخططة وبكل حزم، ولكن لم يكتب لهذه التجربة أن تعمر طويلاً، فقد انتكس التعريب عام 1968. كما أنه سبق وأن انتكس في معاهد ترشيح المعلمين ابتداء من سنة 1964، وعاد عند ذلك التعليم في تونس إلى اللغة الفرنسية، ثم عاد التوجه إلى تعريب التعليم مرة ثانية عام 1976. ولكن التعريب لم يصل إلى الجامعات التونسية إلا في بعض مواضيع العلوم الإنسانية والاجتماعية والدراسات الأدبية، ولم يصل إلى التعليم العلمي والطبي إلا في حالات فردية محدودة، فقد قام مثلاً الأستاذ الدكتور أحمد ذياب بتدريس علم التشريح في كلية طب صفاقس باللغة العربية، وألف سلسلة من كتب وأطالس هذا العلم (بثلاث لغات العربية والفرنسية واللاتينية أو الفرنسية القديمة)، وأقبل الطلاب على دروسه بكل شوق ورغبة، وتوجهوا نحو التعريب بحماس، ولكنه واجه مقاومة عنيفة من إدارة الجامعة اضطرته مؤخراً إلى ترك التعليم في كلية الطب. وألف الدكتور أحمد مؤخرا معجما طبيا شيقا فرنسي - عربي. التجربة السودانية: أجريت دراسة علمية في جامعة الجزيرة بالسودان بهدف تقييم أثر تدريس الطب باللغة العربية على التحصيل الأكاديمي للطلاب المتخرجين بناءً على المعدل التراكمي النهائي لهؤلاء الطلاب. وقد تم اختيار 16 دفعة متخرجة (من مجموع 20 دفعة) ثمان منها (الدفعة 5 إلى الدفعة 12) درست باللغة الإنكليزية والثماني الأخرى (الدفعة 13 إلى الدفعة 20) درست باللغة العربية، وهي تمثل كل الطلاب الذين تخرجوا بعد التعريب حتى تاريخ كتابة هذه الورقة (يناير 2004). تم حساب ومقارنة نسب الطلاب الحاصلين على تقدير ممتاز (معدل تراكمي 3.50-4.00) ونسبة الطلاب الحاصلين على تقدير جيد جداً وجيد (معدل تراكمي 2.50-3.49) ونسبة النجاح الكلي للمجموعتين (معدل تراكمي 2:00 فما فوق) وكذلك نسبة الطلاب الراسبين (معدل تراكمي أقل من 2.00). كان أداء الطلاب الدارسين باللغة العربية عموماً أفضل من أقرانهم الدارسين باللغة الإنكليزية، والفرق يعتد به إحصائياً (P 0.05) (8). الجهود السابقة التي بذلت في سبيل تعريب الطب والعلوم الطبية؟ فقد أصدر مجلس وزراء الصحة العرب، واتحاد الأطباء العرب، ومؤتمر وزراء التعليم العديد من القرارات الداعية إلى التعريب، نوجز أبرزها في ما يلي: 1. في المؤتمر الثالث لوزراء الصحة العرب المنعقد في القاهرة عام 1974، صدر القرار(4) المتضمن استعمال اللغة العربية في التعليم الطبي 2. وفي الدورة العادية الثانية لمجلس وزراء الصحة العرب المنعقدة في مدينة طرابلس، بالجماهيرية العربية الليبية، خلال المدة من 20 إلى 24 شباط /فبراير 1977، طلب المجلس من الدول الأعضاء تسديد حصصها في الميزانية الخاصة ببرنامج استعمال اللغة العربية، بمنظمة الصحة العالمية، والتي تقدر باثنين ونصف مليون دولار، وأوصى منظمة الصحة العالمية بتعزيز أعمال الترجمة إلى اللغة العربية، 3. وفي الدورة غير العادية الثانية للمجلس المنعقدة في جنيف يوم 2 أيار/مايو 1977، اعتمد المجلس سبعمائة وخمسين ألف دولار لتغطية نفقات استخدام اللغة العربية كلغة عمل بالمنظمة 4. وفي الدورة العادية الثالثة لمجلس وزراء الصحة العرب، التي عقدت في الكويت، في شباط /فبراير عام 1978، تقرر تشكيل لجنة من ممثلي كليات الطب، لوضع ورقة عمل بشأن ترجمة بعض الكتب الطبية إلى اللغة العربية، دعما لتعريب التعليم الطبي. كما صدر القرار(20) الذي تمت بموجبه الموافقة على مشروع تأسيس المجلس العر بي للاختصاصات الطبية: 5. وفي عام 1987، صدرت الطبعة الثالثة للمعجم الطبي الموحد باللغات العربية والإنكليزية والفرنسية من قبل مجلس وزراء الصحة العرب، ومنظمة الصحة العالمية، واتحاد الأطباء العرب، والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم. و يعتبر هذا المعجم خطوة هامة جدا على طريق توحيد المصطلحات الطبية العربية: 6. وفي آذار/مارس1987، تقرر في اجتماع مجلس وزراء الصحة العرب في الخرطوم، تعريب تدريس العلوم الطبية 7. وفي كانون الثاني /يناير1988، عقد مؤتمر اتحاد الأطباء العرب في القاهرة، فأكد تأييد، لقرارات مجلس وزراء الصحة العرب، وأصدر توصيته العمل على تعليم الطب اللغة العربية، 8. وفي كانون الأول/ديسمبر1988، عقدت في دمشق، ندوة 5الى 7/12/1988، ندوة تعريب التعليم الطبي والصحي في الوطن العربي (توصيات الندوة مرفقة بهذا البحث). قرار المؤتمر الطبي الرابع والعشرين لاتحاد الأطباء العرب حول تعريب التعليم الطبي القاهرة، جمهورية مصر العربية، 19-22 / 1 /1988 كان المؤتمر الطبي العربي الرابع و العشرون الذي عقده، اتحاد الأطباء العرب في القاهرة، في كانون الثاني/يناير 1988، قد اتخذ قرارا حول تعريب التعليم الطبي (مرفقة صورة منه)، يدعو المكتب الإقليمي لشرق المتوسط في الفقرة الخامسة من منطوقه إلى المسارعة في تنظيم اجتماع لعمداء. كليات الطب في الوطن العربي للاتفاق على الخطوات العملية لاستكمال تعريب التعليم الطبي في الوطن العربي. واستجابة لهذا الطلب، ولطلبات مماثلة أخرى أصدرتها ندوات ومؤتمرات متفرقة خلال الآونة الأخيرة، ولقناعة المكتب الإقليمي لشرق المتوسط بأن مثل هذا الاجتماع يمكن أن يكون له عظيم الأثر في دفع مسيرة التعريب على صعيد القاعدة التنفيذية التي ينتظر منها أن تمارس التعريب بصورة عملية، فقد قام المكتب الإقليمي لشرق المتوسط بعقد مؤتمر إقليمي لتعريب التعليم الطبي في البلدان العربية في القاهرة من17 إلى20 حزيران / يونيو1990.وقد حضر المؤتمر ستة وثلاثون من السادة عمداء وأساتذة العلوم الصحية والطبية في العالم العربي ومن ممثلي المؤسسات والهيئات العربية المعنية باستعمال اللغة العربية في التعليم الصحي والطبي. قرار المؤتمر الطبي العربي الرابع و العشرين حول تعريب التعليم الطبي (القاهرة،19-23/1/1988) إذ يستذكر الدور الهام الذي قامت به اللغة العربية في حفظ ونشر حضارة الإنسان وثقافته، وأثرها في تقدم الطب والعلوم وإذ يشعر بالضرورة الحضارية والعملية لاستعمال اللغة العربية لغة للتدريس والحوار والمناقشة والتثقيف والتوعية، في مجال الطب وسائر العلوم الصحية، ضمانا لحسن استيعاب الطالب، ولحسن مشاركة المجتمع في رفع المستوى الصحي وهي شرط أساسي في نظر منظمة الصحة العالمية لبلوغ هدف إتاحة الصحة للجميع بحلول عام ألفين؛ وإذ يدرك أن المصاعب والعقبات التي تواجه تعريب التعليم الطبي يمكن تذليلها بالعمل المخطط الجاد، وأنه قد أمكن تذليل الكثير منها بالفعل: وإذ يؤمن بأن استمرار تدريس الطب بلغات أجنبية، يسهم في تكربس القطيعة وضعف الصلة بين أطباء الوطن العربي، وإذ يستعيد إلى الأذهان أن جميع دساتير الدول العربية تنص على أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية، وأن قوانين تنظيم الجامعات في جميع الدول العربية تنص على أن لغة التعليم هي اللغة العربية، وأن الاستثناءات التي تسمح بالتعليم بغير العربية لم يعد لها ما يبررها: يؤيد قرار مجلس وزراء الصحة العرب في دورته المنعقدة في الخرطوم 14-16/3/1987، الداعي إلى تعريب تدريس العلوم الطبية: يقرر اعتبار عام 1988 عام بدء التعريب في جميع كليات الطب والعلوم الصحية في الوطن العربي، و يدعو إلى تخصيص جائزة تمنح لكلية الطب التي يكون لها قصب السبق في تعريب مناهجها: يدعو إلى إعلان السنوات العشر التي تبدأ بعام1988. "عقداً عربيا لتعريب الطب والعلوم الصحية"، ويكلف الأمين العام بتشكيل لجنة لمتابعة التعريب، تضم ممثلاً عن كل بلد، يقوم بالعمل على متابعة استصدار القرارات التنفيذية لتعميم التدريس الطبي والصحي باللغة العربية؛ يؤكد على أن تكون البحوث التي تلقى في المؤتمرات الطبية العربية التي ينظمها اتحاد الأطباء العرب باللغة العربية، وأن لا يقبل في أي منها بلغة أجنبية إلا إذا كان مصحوبا بترجمة كاملة إلى اللغة العربية؛ يدعو المكتب الإقليمي لشرق البحر المتوسط في منظمة الصحة العالمية إلى المسارعة في تنظيم اجتماع لعمداء كليات الطب في الوطن العربي، للاتفاق على الخطوات العملية لاستكمال تعريب التعليم الطبي في الوطن العربي؛ يؤكد ضرورة اعتماد "المعجم الطبي الموحد" مرجعا وحيدا لتعريب المصطلحات الطبية والصحية، و يدعو المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية إلى تنقيحه وتوسيعه ليستوعب جميع المصطلحات الطبية، ويستبعد ما هو غير مناسبا أو غير مقبول؛ يدعو إلى اتخاذ القرارات التالية كخطوات فورية: استصدار قرار في كل بلد عربي بالتوقف نهائيا عن التدريس الطبي والصحي بغير اللغة العربية في موعد لا يتجاوز عام1997؛ البدء باستعمال اللغة العربية في الشرح والتفسير، حتى ولو اضطر المدرس إلى استعمال المصطلحات الأجنبية كما هي في مرحلة انتقالية محدودة؛ الشروع على الفور في وضع أسئلة الامتحانات باللغتين العربية والأجنبية، والسماح للطالب بالإجابة في الامتحان باللغة العربية: إدخال مقرر اللغة الأجنبية في مناهج الدراسة الطبية في جميع الكليات الطبية والصحية؛ قبول تقديم الرسائل الجامعية العليا باللغة العربية، وتشجيع ذلك بالحوافز المناسبة؛ إلزام الباحثين المتقدمين للحصول على درجة الماجستير و الدكتوراه، بتقديم ترجمة كاملة لرسائلهم باللغة العربية؛ البدء الفوري بتدريس مقررات "الصحة والطب الوقائي" و"الطب الشرعي" و"الطب النفسي" باللغة العربية في جميع الكليات؛ أن تتضمن الامتحانات التي يجتازها المتقدم لدرجة الماجستير و الدكتوراه امتحانا في الترجمة العلمية من اللغة العربية واليها؛ أن يكون من شروط الترقية في وظائف هيئات التدريس، نشر بحوث باللغة العربية؛ دعوة أعضاء الهيئات التدريسية القادرين على التدريس بالعربية إلى الشروع بذلك على الفور، انطلاقا من النصوص الدستورية و القانونية على أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية للتعليم. المؤتمر الإقليمي لتعريب التعليم الطبي في البلدان العربية القاهرة، جمهورية مصر العربية، 17- 20/6/1990 عقدت منظمة للصحة العالمية، المكتب الإقليمي لشرق المتوسط، مؤتمرا ً إقليميا لتعريب التعليم الطبي في البلدان العربية، في القاهرة، من 17 إلى 20 حزيران/ يونيو1990. وقد حضر المؤتمر ستة وثلاثون من السادة عمداء وأساتذة العلوم الصحية والطبية في العالم العربي ومن ممثلي المؤسسات والهيئات العربية المعنية باستعمال اللغة العربية في التعليم الصحي والطبي. وكان هذا المؤتمر خطوة واسعة على طريق تعريب الطب في الوطن العربي. ولقد اتسم بملامح عملية واقعية لم يسبق أن تميز بها ملتقى مماثل من قبل. فقد كان أهدافه واضحا منذ بداية المؤتمر؛ وهى تتلخص كالآتي: 1. تدارس موضوع تعريب التعليم الصحي والطبي في جميع كليات الطب في العالم العربي، واستعراض الحالة الراهنة في هذه الكليات؛ 2. بحث ومناقشة متطلبات عملية التعريب وتحديد الاحتياجات والإمكانيات والتوجهات بالتفصيل في كليات الطب مجتمعة؛ 3. تأكيد التآزر والتعاون بين جميع المعنيين في سبيل إعداد أطباء المستقبل على نحو يعزز صحة المواطن العربي ورفاهته في كل ربوع الأرض العربية؛ 4. وضع خطة عمل لأعمال التعريب في السنوات المقبلة بمكن تطبيقها في كل كلية طب على انفراد. 5. و انطلاقاً من مفهوم هذه الأهداف اتفق الرأي على أن التطبيق يمكن أن يبدأ على الفور بالإمكانات المتاحة في كل البلدان العربية، قليلة كانت أم كثيرة، ولا يهم أن تكون البداية متواضعة أو متطورة، بحسب ما هو متاح هنا أو هناك من عزم سياسي، ودعم مالي، و اقتناع لدى رجال العلم والتعليم و الخدمة الصحية. 6. تدارس موضوع تعريب التعليم الصحي والطبي في جميع كليات الطب في العالم العربي، واستعراض الحالة الراهنة في هذه الكليات؛ 7. بحث ومناقشة متطلبات عملية التعريب وتحديد الاحتياجات والإمكانيات والتوجهات بالتفصيل في كليات الطب مجتمعة؛ 8. تأكيد التآزر والتعاون بين جميع المعنيين في سبيل إعداد أطباء المستقبل على نحو يعزز صحة المواطن العربي ورفاهته في كل ربوع الأرض العربية؛ 9. وضع خطة عمل لأعمال التعريب في السنوات المقبلة بمكن تطبيقها في كل كلية طب على انفراد. و انطلاقاً من مفهوم هذه الأهداف اتفق الرأي على أن التطبيق يمكن أن يبدأ على الفور بالإمكانات المتاحة في كل البلدان العربية، قليلة كانت أم كثيرة، ولا يهم أن تكون البداية متواضعة أو متطورة، بحسب ما هو متاح هنا أو هناك من عزم سياسي، ودعم مالي، و اقتناع لدى رجال العلم والتعليم و الخدمة الصحية. مؤتمر تعريب التعليم الطبي بالكويت في ابريل 1996م: تم افتتاح مؤتمر تعريب التعليم الطبي في يوم الاثنين الموافق الثامن من إبريل عام 1996 والذي دعا إلى انعقاده المركز العربي للوثائق والمطبوعات الصحية بناء على توصية وقرار مجلس وزراء الصحة العرب ودام ثلاثة أيام في فندق مريديان الكويت. وكان من أبرز توصيات هذا المؤتمر مايلي: *حث عمداء كليات الطب والأساتذة على البدء بتدريس الطب باللغة العربية حسبما يجئ في الخطة التنفيذية. *حث المسئولين على الاهتمام برفع مستوى الطلبة في التعليم قبل الجامعي في اللغة العربية وإحدى اللغات الأجنبية الحية ومواصلة هذا الاهتمام في كليات الطب وسائر كليات العلوم التطبيقية. *دعوة وزراء الصحة العرب إلى اتخاذ قرار باستخدام اللغة العربية في جميع التقارير الفنية وملفات المرضى في جميع المؤسسات التابعة لهم. *السعي إلى الاستفادة من نظم المعلومات والاتصالات الحديثة في عملية التعريب. *وضع خطة زمنية للتنفيذ يتم فيها إتمام عملية التعريب. أبرز ايجابيات التعليم باللغة العربية: • إن التعليم باللغة العربية يحافظ على بقاء هويتنا الإسلامية ويزيد من عزتنا والتمسك بقيمنا وثوابتنا وخصوصاً في زمن العولمة والهزيمة النفسية أمام العالم الغربي. • إن التعلم باللغة العربية يزيد من سرعة الاستيعاب والفهم العميق لمفاهيم الصحة والمرض. • إن لغة التواصل بين المريض والطبيب هي اللغة العربية • إن التعلم باللغة العربية لا يعني عدم اتقان اللغة الانكليزية بل يجب ان يتعلم الطالب القراءة والكتابة والالقاء باللغة الانكليزية الى جانب العربية. • إن الطالب يتلقى علومه كلها في المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية باللغة العربية ثم إذ بنا نطلب منه فجأة أن يقلب كل تعليمه إلى لغة أجنبية. فأيهما اسهل يا ترى أن نغير لغة التعليم للآلاف المؤلفة من الطلبة إلى لغة غريبة لا يجدون مبررا مقنعا لانقلابهم إليها أم أن نغير لغة التعليم لدى الأساتذة فنطلب منهم بذل قليل من الجهد ليستطيعوا التدريس بلغتهم الأم؟ • في المراحل ما قبل الجامعية يكون رصيد الطالب من اللغة الأجنبية متواضعاً جداً، وبالتالي يجد صعوبة في استيعاب العلوم الطبية الأساسية. لو كان التعليم بالعربية لزادت حركة التأليف والترجمة ووضع المصطلحات العربية. • إن المصطلح العلمي ليس كل المادة الفكرية التي ينبغي توصيلها للطالب أي من المهم أن نلفظ المادة الفكرية بلساننا العربي. • إن جميع قوانين تنظيم الجامعات تنص على أن لغة التعليم هي اللغة العربية وأن التدريس بغيرها يحتاج إلى استثناء أي ليس هناك ضرورة لقرار سياسي للتدريس بالعربية والعودة للأصل. أبرز العقبات والتحديات التي تواجه التعريب: ومن أهم العراقيل التي تذكر في وجه التعليم الطبي باللغة العربية هي الإفتقار للكتاب المنهجي، وكذلك الحاجز النفسي لعضو هيئة التدريس وعدم قدرته على التعليم باللغة العربية: أولاً - فيما يخص الكتاب : 1.هناك عجز واضح في الكتاب الطبي العربي وفي المعلومات عن الكتب والمراجع المتوفرة حاليا. وعليه لا بد من إجراء مسح شامل لكل الكتب والمراجع الصحية والطبية المتوفرة.. كما يجب تزويد المكتبات الطبية بأكبر قدر منها. 2.التنسيق في مجال الترجمة حتى لا تتكرر ترجمة الكتاب الواحد ومن الممكن أن يقوم بهذا المركز العربي للتعريب والتأليف والترجمة والنشر (بدمشق)، وتعطى الأولوية مرحليا لكتب العلوم الطبية الأساسية. ومن الممكن الاستعانة في هذا المجال بالجمعيات العلمية العربية في مختلف العلوم الطبية خاصة للاتفاق على ما يترجم من المؤلفات. 3.تنظيم تأليف الكتب المنهجية متعددة المؤلفين وذلك لاختصار الوقت ولمساهمة المتخصصين كل حسب تخصصه. 4.تقييم الكتب الطبية العربية المتوفرة حاليا (في سوريا مثلا) واختيار أنسبها ككتب منهجية. 5.وضع خطة متكاملة لترجمة الكتب المنهجية وبعض من الكتب المرجعية، والتعاقد مع دور النشر للدوريات العلمية لإصدارها باللغة العربية على أن تشمل هذه الخطة نوع الكتاب الذي يترجم ومحتواه العلمي والموافقة الكاملة من الناشر. ويراعى في طباعة الكتاب العربي المادة العلمية والمراجعة الصحيحة علميا ولغويا ونوع الورق والطباعة والصورة على أن يكون في مصاف الكتب المترجم عنها الكتاب وهو عامل مهم (أي نوع الكتاب) شكلا ومضمونا، ويكون الكتاب جاهزاً قبل البدء في التدريس مرحلة بمرحلة. وعند ترجمة الكتب الطبية يجب مراعاة أن هذه الكتب ذات حجم كبير ومادة علمية غزيرة، وعليه يجب أن يكون هناك عدة مترجمين للكتاب الواحد، وهذا يوفر الوقت والجهد في صناعة الكتاب. وترجمة الكتب المرجعية هي ترجمة جزئية، حيث إنه من غير الممكن ترجمة جميع ما صدر من كتب طبية في شتى تخصصاتها ويجب أن تكون هناك هيئة ثابتة ومستمرة مشرفة على الترجمة والتأليف لاستمرار إثراء المكتبة الطبية العربية بكل ما هو جديد في هذه العلوم المتطورة بشكل سريع. 6.الاتفاق مع دور النشر العالمية على ترجمة بعض الكتب المرجعية في فروع الطب المختلفة وكذلك على إصدار ترجمات عربية لدورياتهم. 7.استجلاب منشورات منظمة الصحة العالمية باللغة العربية بأعداد كافية لاستعمالها في المكتبات. 8.واعتماد استعمال المعجم الطبي الموحد كأساس في التأليف والترجمة ومراجعته دورياً. ثانياً - فيما يخص إعداد المدرس : 1.أن يكون جميع أعضاء هيئة التدريس ممن يتكلمون ويتقنون العربية. 2.تعقد الندوات العلمية وتلقى المحاضرات بالعربية من أساتذة لهم خبرة في التدريس بالعربية. 3.تنظم زيارات دورية لأعضاء هيئة التدريس إلى كليات الطب التي تدرس بالعربية (سوريا مثلا). 4.تؤخذ أنشطة الترجمة والتأليف بالعربية في الاعتبار عند الترقية والتعيين وتخصص حوافز مادية وأدبية مجزية لكل إنجاز في هذا المجال. 5.على الأساتذة إعداد ملخصات عربية وافية لبحوثهم المنشورة باللغات الأجنبية. 6.تشجيع إلقاء بعض المحاضرات الطبية العامة باللغة العربية. 7.إيفاد المعيدين لتأهيلهم كأعضاء هيئة تدريس وكذلك تشجيع الدراسات العليا بالداخل. 8.تشجيع أعضاء هيئة التدريس على المشاركة في المؤتمرات العلمية بالخارج لمواكبة التطور في مجال العلوم الطبية والصحية. هل أعضاء هيئة التدريس مستعدون لتعليم الطب والعلوم الطبية باللغة العربية؟ يمكن تقسيم موقف أعضاء هيئة التدريس من قضية تعريب الطب الى ثلاث فئات: الفئة الأولى:هي التي تعارض التعريب بشدة. بحجة ان اللغة الانجليزية هي لغة الطب والعلوم الطبية الأكثر انتشاراً في العالم. وأنها لغة التعليم في الدراسات العليا والمؤتمرات الطبية العالمية. وأن تجربة التعليم الطبي في المملكة باللغة الانجليزية طويلة وناجحة ولم تكن اللغة عائقاً في تحصيل الطلاب سواء في المرحلة الجامعية أو الدراسات العليا. الفئة الثانية: هي الفئة المتحمسة والتي تؤيد التعريب بشدة وتدافع عنه في كل مناسبة. بحجة أن كثير من كليات الطب العالمية الناجحة ، تدرس بلغاتها وأن الدراسات اثبتت الأثر الايجابي في تعلم الطب باللغة العربية وأن تعلم الطب باللغة العربية لا يعني عدم الالمام باللغة الانجليزية اضافة الى قائمة من الحجج التي تدعم رأيها. أما الفئة الثالثة: فهي الفئة الوسط التي تؤيد تعليم الطب باللغة العربية بشرط أن تتوفر الشروط والضوابط التي تضمن نجاح القضية. وهي التي تؤكد على أن قضية التعريب هي قضية وطنية يجب أن تتبناها الدولة ضمن منظومة تعليمية متكاملة ووفق خطة إستراتيجية على مراحل متناسقة. ولقد أجريت دراسة مقطعية في كلية الطب بجامعة الملك فيصل بالدمام في عام 2001م لمعرفة وجهات نظر أعضاء هيئة التدريس عن موضوع تعريب التعليم الطبى.وكانت نسبة المشاركة فى الإستبيان 67% (74 من مجموع 110 عضو هيئة تدريس ) و هم يشملون 22 أستاذاً و 27 أستاذاً مشاركاً و 23 أستاذاً مساعداً و محاضرين ينتمون إلى 24 قسماً ( 6 أقسام علوم أساسية و 18 قسماً سريرياً). و تبين أن 34 (46 %) موافقون و 40 (54%) غير موافقين. وخلص الباحث من هذه الدراسة الى أنه ما زالت هنالك مسافة كبيرة لبلوغ هذه الغاية فى تعليم الطب بالعربية(9). الخطوات العملية لتنفيذ عملية تعريب التعليم الطبي والعلوم الطبية بالمملكة العربية السعودية: أولاً: عقد ورشة عمل تحت مظلة جامعة الامام وبرعاية معالي وزير التعليم العالي ومعالي وزير الصحة ومشاركة أساتذة وقيادات كليات الطب وأعضاء مجلس ادارة الجمعية السعودية للتعليم الطبي. تهدف لإعداد مذكرة موضوعية وعملية نحو تعريب التعليم الطبي بالمملكة. ثانياً: التوصية بتشكيل فريق عمل عال المستوي لدراسة التجارب العالمية للدول الكبرى التي تدرس الطب بلغاتها. ومنها اليابان وفرنسا وألمانيا وهولندا وكذلك التجربة السورية. ومن ثم الرفع بخطة استراتيجية مرحلية للتنفيذ لمجلس التعليم العالي. ثانياً: في حالة موافقة مجلس التعليم العالي، يصدر القرار السامي في تنفيذ القرار على مراحل. ثالثاً: انشاء هيئة وطنية لتعريب الطب والعلوم الطبية الخلاصة: أن مشروع تعريب الطب في جامعة الامام لا يمكن أن يتم بمعزل عن الكليات الطبية الأخرى التي لا تزال تدرس باللغة الانكليزية . حيث أن لغة الممارسين والأطباء العاملين في المستشفيات والمراكز الطبية هي اللغة الانكليزية. أن مشروع التعريب هو مشروع وطني يجب أن يُتخذ فيه قرار سياسي ويتطلب خطة استراتيجية متكاملة لضمان توفر المصادر الطبية الحديثة باللغتين. وهذا يتطلب مراكز للترجمة الفورية واتفاقيات دولية مع دور النشر الطبية وقواعد البيانات العالمية لجعل اللغة العربية ضمن قائمة النشر الفورية. أبرز المصادر: 1. زهير السباعي وماجد عثمان. دفاع عن تعليم الطب باللغة العربية. ورقة علمية تم تقديمها في مؤتمر تعريب التعليم الطبي بالكويت في ابريل 1996م. يمكن الحصول على نسخة كاملة من الورقة من الانترنت: http://www.acmls.org/Conf/conf14.htm 2. الدليل الدولي لكليات الطب- منظمة الصحة العالمية، الطبعة السادسة 1988م. 3. عبد الرحمن بن خلدون. مقدمة ابن خلدون. القاهرة، كتاب الطب ص 133. 4. ابن حزم، أصول الأحكام. بيروت: دار الآفاق الجديدة، 1980: 32. 5. الجار الله، جمال والأنصاري، لبنى . آراء طلاب الطب ومواقفهم من تعليم الطب باللغة العربية. مجلة طب الأسرة والمجتمع. 1995 المجلد 2 العدد 2 : ص 63-72. 6. السحيمي، سليمان والبار، عدنان أحمد (1992م). موقف طلاب الطب من تعريب التعليم الطبي. رسالة الخليج العربي. ع 42، ص 41-65. 7. السباعي، زهير أحمد (1995). تجربتي في تعليم الطب باللغة العربية. الدمام: نادي المنطقة الشرقية الأدبي. 8. أحمد محمداني و سميرة عبدالرحمن .المجلة الصحية للمكتب الأقليمي لشرق المتوسط . منظمة الصحة العالمية. المجلد (12) العدد الاضافي (2) فبراير 2007. 9. د. حسن اسماعيل. هل نحن مستعدون لتعريب التعليم الطبي .مجلة طب الأسرة والمجتمع. المجلد (9) العدد (3) 2002م.